توجه إلينا عدد من أهالي الطلاب في مدرستي "الحديقة" و"الجبل" الابتدائيتين في يافة الناصرة، ممتعضين من الخطوة التي أعلنت عنها إدارة المدرستين، والقاضية بتغيير الملابس المدرسية لهذا العام. كما أعلن الأهالي استغرابهم احتكار دكان واحد لبيع هذه الملابس، بالتنسيق بين إدارة المدرسة وبين صاحبة المحل التجاري.

يمكنكم، بل عليكم، شراء الملابس من...

الحكاية بدأت مع توزيع المدرستين لقائمة اللوازم والكُتب المدرسية، حيث جاءت في نهاية لائحة الكتب مواصفات اللباس الموحد الجديد، صيفًا وشتاءً، وجاء أيضًا: "يُمكن الحصول على الملابس من محل (لَفميليا) للعائلة، الشارع الرئيسي يافة الناصرة".

ابتدأ النص بكلمة (يُمكن).. إلا أن الحقيقة ليست تمامًا كماء جاء في النص، فالحقيقة هي أنه (من غير الممكن) الحصول على هذه الملابس في أي مكان آخر، حتى لو أراد الأهل ذلك. وكان حريا بإدارة المدرستين أن تكتبا (عليكم الحصول على الملابس...). ثم إن ألوان الزي الرسمي الموحد ليست هي الألوان المألوفة في مُعظم المدارس، فقد تم اختيار ألوان غريبة، يمكن اعتبارها بعيدة كل البعد عن ألوان اللباس الرسمي الموحد المُعتاد بعض الشيء.

تنسيق ولكن

تم تغيير الملابس دون طرح أي مناقصة رسمية ودون أي تنسيق مع أي جهة كانت، علما بأن القانون يلزم إدارة المدارس القيام بذلك بالتنسيق التام مع لجنة أولياء أمور الطلاب..

لا نعلم التفاصيل الكاملة لما دار هناك، ولكن الأمر يبدو وكأن التنسيق والاتفاق الوحيدين اللذين جريا، كانا بين مديري المدرستين وصاحبة محل الملابس!!! وبما أن تصميم وتجهيز ملابس جديدة، كتلك المعروضة على طلاب مدرستي الجبل والحديقة يحتاج لعدة أشهر على الأقل، بالإضافة إلى مدة زمنية لا يستهان بها من أجل تصنيعها في الصين، كان لا بد من الاستنتاج أن عملية الترتيب والتجهيز بدأت منذ منتصف العام الدراسي المنصرم على الأقل.

وأمر آخر لا بد من الإشارة له، من باب حق القارئ بالمعرفة، وهو أن صاحبة محل الملابس الذي احتكر بيع هذه الملابس هي شقيقة مدير إحدى المدرستين، ومعلمة في المدرسة الأخرى!!!

الأهل غاضبون

وفي حديث لنا مع أحد أولياء أمور الطلاب في مدرسة الجبل، (فضل عدم الكشف عن أسمه) قال: "لدي ثلاثة أبناء في المدرسة، لكل منهم قميصان. ولأن شخصا ما قرر تغيير اللباس الموحد في المدرسة، سأحتاج الآن عمليًا لرمي ستة قُمصان قديمة وشراء قُمصان جديدة. المشكلة أني ملزم بشرائها من دكان واحد ووحيد، لأن ليس هنالك أي دكان آخر بإمكانه أن يبيع هذه الملابِس. وحتى لو وجدتُ دُكانًا فيه أسعار أقل وملابس أكثر جودة فإنني لن أستطيع شراء الملابس لديهم، وذلك بكل بساطة لأن لباس مدرسة أبنائي الموحد لا مثيل ولا شبيه له، ولا يباع إلا في دكان واحد".

الاحتكار هو الاحتكار: ثمن كبير وجودة قليلة

أبٌ آخر من مدرسة الحديقة قال: "تمت الخطوة دون أي تنسيق مع الأهالي.. ثُم إني اشتريت لأبنائي الملابس المطلوبة، ولكنها ليست بمستوى الجودة التي من المفترض أن تكون عليه، وهي لم تعجبني بالمرة. دفعت 25 شيكل ثمنا لكل بلوزة ولكنها لا تستحق هذا المبلغ بالمرة، جيب البلوزة مائل، والأكمام مُخاطة بشكل يفتقر للحد الأدنى من المهنية، أما عن نوعية القماش فحدّث ولا حرج... إن نوع القماش متعب لمن يلبسه، وذو جودة أقل من القليلة.. في السوق هُنالك بضاعة أفضل بسعر أقل، ولكننا مضظرون للالتزام بما قررته إدارة المدرسة".

وأضاف: "فكرة اللباس الموحد هي توفير الراحة للطالب وللأهل على السواء، كما تهدف لألا يظهر أن هُنالك غني وفقير، ولإخفاء الفروق الاقتصادية والاجتماعية بين الطلاب من خلال قدوم الطلاب إلى المدرسة بنفس الملابس. هذه أفكار نبيلة جدًا، ولكن الخطوة التي قامت بها إدارة المدرسة ألغت هذه الأهداف، وحولت اللباس الموحد إلى نوع ووسيلة للمنفعة التجارية المحضة، كما أن هذا التصرف يُثقل كاهِل الأهل، فنحن في شهر رمضان المُبارك والأعياد على الأبواب ودخول المدارس كذلك.. كل هذا يحتاج لميزانيات كثيرة وكُل شيكل نوفره على أنفسنا يُساعد أبناءنا، وخطوة إدارة المدرسة كانت خاطئة جدًا ولا ترحمنا ماديًا".

رد وزارة التربية

وفي حديث لنا مع كمال عطيلة، الناطق الرسمي باسم وزارة المعارف للتعقيب على الموضوع قال: "هذا موضوع داخلي للمدارس نفسها. نحن كوزارة معارف لا نتدخل به، نحن نهتم بأن يكون هُناك لباس موحد فقط، وذلك بناء على تعميم المُدير العام لوزارة المعارف. ومن المفروض أن من يغار على هذا الموضوع ويهتم به هي لجان أولياء أمور الطلاب في المدارس.

لا رد من المدرستين

هذا وكنا قد أرسلنا رسائل عبر جهاز الفاكس لكُل من مديري اللمدرستين، إلا أننا لم نحصل على رد حتى نشر هذا الخبر.. لرُبما لأن المدارس ما زلت في عُطلة، إلا أنه يُسعدنا نشر الرد فور وصولة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]