لسنا بصدد نقاش الشيعة في مذهبهم، وأيهما اصدق وأقرب إلى الله، لكننا بصدد تسليط الضوء على أقلية من المسلمين، داخل مناطق ال 48، قررت وخلال الأعوام العشرة الأخيرة أن تبدّل المذهب السني، وهو المذهب السائد في البلاد، إلى المذهب الشيعي، والمنتشر في لبنان وإيران والعراق. نحن في "بكرا" ارتأينا أن نسمع منهم عن هذا التحوّل، عن أسبابه ودوافعه، عن تواصلهم مع الشيعة في العالم العربي، وعن طرق ممارستهم للشعائر الدينية، لا سيما في الأعياد الأخيرة كعيد الأضحى والفطر.

وللمعلومة فقط، الشيعة هو اسم يطلق على ثاني أكبر طائفة من المسلمين. ويرى الشيعة أن علي بن أبي طالب هو ونسله من زوجته فاطمة بنت الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام) هم أئمة مفترضو الطاعة بالنص السماوي، وهم المرجع الرئيسي للمسلمين بعد وفاة النبي (عليه الصلاة والسلام)، ويطلقون عليه اسم الإمام الذي يجب إتباعه دون غيره طبقًا لأمر من النبي محمد (علية الصلاة والسلام) في بعض الأحاديث مثل حديث "بالثقلين" المنقول عن النبي محمد والذي يستدلون به على غيرهم من خلال وجوده في بعض كتب بعض الطوائف الإسلامية التي تنكر ألإمامه وهو كالتالي: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما".

الشيخ أحمد شهوان (71 عامًا) اخترت الأصل في ديني!

عن موضوع التحوّل إلى الشيعة يقول الشيخ أحمد شهوان من قرية إكسال، القريبة من مدينة الناصرة: "في عام 1998 انتقلت من المذهب السني الى المذهب الشيعي، هذا بعد أن سمعت عدة تسجيلات ومحاضرات للشيخ أحمد الوائلي، وفي مناسبات دينية مختلفة".

ويضيف: "خلال فترة من الزمن، قمت بتسجيل كافة محاضرات الشيخ الوائلي وسمعتها مرتين وثلاثة وعندها انتبهت إلى أني مسلم، لكني بعيد عن (الأصل في الإسلام)، ووقتها قررت أن أعتنق المذهب الشيعي على الرغم من أن المذهب السني وبالذات الشافعي لا غبار عليه.

وعن المذهب الشيعي يقول الشيخ شهوان: "جاء اعتناقي للمذهب الشيعي بعد قناعة بأنه هو (المنبع الصافي)، فقوله هو قول ابيه وقول جده وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وأضاف: "وفقًا لكتب التاريخ فأن التشيع هو الإسلام ذاته، والمسلم التقي يجب أن يتشيع ويوالي علي بن أبي طالب، وبالتالي فإن التشيع هو ركن من أركان الإسلام الأصيل، وضع أساسه النبي محمد صلى الله عليه وسلم خلال حياته، وأكده قبل موته في يوم غدير خم عندما أعلن الولاية لعلي من بعده".

وقال: "الطوائف الإسلامية الأخرى مستحدثة، ووضعت أسسها من قبل الحكام والسلاطين وغيرهم من أجل الابتعاد عن الإسلام الذي أراده النبي محمد في الأصل، ويقال أنها جاءت بعد الإسلام بـ 150 عاما!!!".

سقيفة بني سعادة الكارثة على الإسلام!

ويضيف الشيخ شهوان متحدثُا عن مبايعة أبي بكر الصديق خليفة، فيقول: "سقيفة بني سعادة هي الكارثة على الإسلام، حيث اجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدة لاختيار الخليفة بغياب وجوه بني هاشم من أمثال علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب اللذان كانا يجهزان النبي للدفن أثناء انعقاد السقيفة، وانتهت السقيفة باختيار أبي بكر بن أبي قحافة خليفة حسب إجماع المجتمعين في السقيفة من المهاجرين والأنصار. بعد السقيفة بدأت مجموعة من الصحابة منهم أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر والمقداد بن عمرو والزبير بن العوام تجتمع في بيت علي بن أبي طالب معترضة على اختيار أبي بكر".

وأضاف الشيخ شهوان: "عقدت السقيفة رغم العلم أن الخلافة كانت لعلي بن ابي طالب، فهل يعقل أن يترك رسولنا الكريم بلادا بناها مدة 23 عامًا بدون راعٍ؟!".

الشيعة في فلسطين...هنالك أئمة مساجد من الشيعة، والأغلبية في دبورية!

وعن وصول الشيعة إلى بلاد فلسطين علمًا أن المسلمين في فلسطين هم من السنة قال: "في أواخر عام 2000 بدأت مجموعة من الشباب المستبصر بالرجوع إلى (الأصل في الدين) وتحولوا إلى الشيعة، فمنهم المحامين، الأطباء، المدرسين وغيرهم... وأغلبهم من الشباب الواعي والمتعلم".

وأضاف: "مع انتهاء سنوات الـ 2000 ،انتشر المذهب الشيعي في كل فلسطين، في غزة، نابلس، جنين، عكا، حيفا وقرى داخل الـ 48".

ويتواجد أغلب الشيعة على حد تعبير الشيخ أحمد شهوان في غزة.

وعن الشيعة في قرى الـ48 يقول الشيخ شهوان: "أكبر نسبة من الشيعة تتواجد اليوم في قرية دبورية".

ويضيف: "هنالك المئات من الشباب المستبصر الذي أعتنق المذهب الشيعي، حتى أن هنالك أئمة مساجد اعتنقوا المذهب، لكننا لا نستطيع أن نبوح بأسمائهم".

الاختلاف بين السنة والشيعة غير ملحوظ

وعن تقبّل اهل البلد لكونه شيعي قال الشيخ شهوان: "أهالي البلد في إكسال يعرفون أني شيعي ولا يتعرضون لي، فكل (على دينه الله يعينه)".

ويضيف: "أحيانا نختلف في ما بيننا على بعض الأمور، لكن الاختلاف لا يفسد للوّد قضية، خاصة وأني من المذهب الجعفري في الشيعة والذي يتشابه إلى حد ما مع المذهب الشافعي في السنة، وإليه ينتمي معظم الفلسطينيين في البلاد".

ويقول: "طبعًا هنالك أمور تثيرني فعلا ولا أسمح بها، بعد خلاف إمارة علي بن أبي طالب، مثل الطعن بإسلام (ابي طالب)، عم رسولنا الكريم، حيث يؤمن البعض أنه مات مشركًا، وهو الأمر الذي نرفضه نحن".

ويضيف: "طبعا أختلف أنا وأهل قريتي في مسألة جمع الصلوات حيث يسمح لنا في الشيعة أن نجمع صلاة المغرب والعشاء سوية، فيما يسمح بذلك للسنة في حالات معينة فقط".

ويقول: "في رمضان، أفطر فقط عند حلول الظلام فيما يفطر أهالي القرية وقت آذان المغرب، علمًا بأن الظلام لا يكون قد حل بعد في تلك الساعة، فبعد آذان المغرب أنتظر الإشارة من تلفزيون المنار وأقوم بالإفطار".

زواج المتعة...وهل يفرق عن المسيار؟!

وعن زواج المتعة وهو زواج محرم وفقًا للمذهب السني قال الشيخ شهوان: "زواج المتعة لم يحرمه الإسلام، إنما من قام بتحريمه هو عمر بن الخطاب. لا أعرف لماذا تم حصر الشيعة، الأصل في الإسلام، في زواج المتعة فقط، مع العلم أن هنالك زواج المسيار (زواج المسلم على سفر) في الإسلام، فلماذا لا يتم الحديث عنه وهو مطابق لفكرة زواج المتعة مع اختلاف التسمية؟!".

وقال: "على كل الأحوال، لزواج المتعة أصوله وشروطه، ونستند في الإثنا عشرية على الأية الكريمة: ...وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا....".

الأعياد والأماكن المقدسة...عاشوراء في عسقلان!

أما في ما يتعلق بالأماكن المقدسة للشيعة، فيقول الشيخ أحمد شهوان: "طبعًا لا نستطيع السفر للعراق أو لبنان أو حتى ايران من أجل زيارة الأماكن المقدسة، فهذه الدول، كما هو معلوم لديكم، هي دول معرفة على انها دول معادية لإسرائيل".

ويضيف الشيخ شهوان: "بالمقابل، في واقعة كربلاء واستشهاد الأمام الحسين بن علي، فإننا نذهب إلى عسقلان، فهنالك، كما يقال كان رأس الأمام الحسين ابن علي، والموقع قريب من مستشفى (برازيلاي)، وتحافظ السلطات الإسرائيلية عليه بصورة تثير الاستغراب فعلا، بل إنه تم تدوين قيمته التاريخية بشكل مكتوب".

وعن طقوس إحياء ذكرى عاشوراء واستشهاد الأمام الحسين بن علي يقول الشيخ شهوان: "نقوم بإحياء الذكرى وفقا للطقوس المتبعة، حيث نقوم بالبكاء على التخاذل في إنقاذ الأمام الحسين، لكننا لا نقوم بضرب أنفسنا حتى إسالة الدماء، مع أن هذا الأمر متبع في مذاهب شيعية أخرى".

التواصل مع المرجعيات الروحية...في الحج

وحول سؤالنا إذا ما كان الشيعة في البلاد يقومون بتنظيم أنفسهم على شكل مجموعة، قال الشيخ شهوان: "نحن نعمل بشكل فردي وباجتهاد ذاتي، ولا نشكل أي مجموعة منظمة".

وعن التواصل مع المرجعيات الدينية والروحية من أجل  التعلم، قال الشيخ شهوان: "في حال أردنا التبحر في أمور الدين، وهو أمر واجب علينا في الشيعة، نقوم بالتواصل مع الأمير، وهو مرتبة مسؤولة في الشيعة، عبر البريد الإلكتروني ويساعدني في ذلك أولادي".

وعن لقاء الأمراء، يقول الشيخ أحمد: "نحن لا نلتقي الأمراء، لكن عندما نذهب إلى الحج نلتقي بهم، وسبق ان التقيت بهم وعرضت أمامهم صورة الوضع، وقد سروا بعودة المذهب الشيعي إلى أرض فلسطين!".

وأضاف: "في السابق، كنا نلتقي في دبورية. لكن لقاءنا الوحيد اليوم يتم في عسقلان، وهو يحصل مرة واحدة في السنة".

أما بالنسبة للمرجعية الروحية التي يتبعها الشيخ شهوان فقد قال: "أتبع آية الله العظمى علي الحسيني السيستاني وهو، أحد مرجعيات الشيعة في العراق".

شهوان: لا دخل لنا بالسياسية ولا ننصاع لأوامر حزب الله!

وردًا على سؤالنا عن الموقف السياسي للشيعة في البلاد، يقول الشيخ أحمد شهوان: "نحن، ونتيجة لوضعيتنا الخاصة، لا نقوم بالحديث بالأمور السياسية حتى مع المرجعيات الروحية والدينية. لا علم لنا إذا ما تم نقاش وضع الشيعة في فلسطين الـ48 أم لا، لكن حتى الآن لم يتم التواصل معنا لا من حزب الله ولا من أية جهة أخرى".

وقال: "حتى لو تم التواصل معنا فسنرفض التعامل معهم، وذلك نظرًا لأننا لا نملك أي قدرات للمواجهة. فنحن نركز فقط على الأمور الدينية".

وعن التناقض الذي يعيشه الشيعي، (حيث ان معظم الدول المحتضنة للشيعية مصنفه على أنها دول عد)و، وهنالك التزام تنظيمي لأفراد الشيعة بالانصياع لأوامر المرجعيات الروحية والدينية يقول الشيخ أحمد: "سماحة الشيخ نصر الله هو سيد وهو مسؤول عن الشيعة في لبنان، أما نحن فلا سيد لنا، وعليه، فإننا لا ننصاع لأمر أحد هنا".

وعن تفجيرات العراق يقول الشيخ شهوان: "انا على قناعة تامة بأن المسلم، سواءً كان شيعيا او سنيا، لا يقوم بإيذاء أخيه المسلم، وما يحدث بالعراق هو دسائس اميريكية. الشيعة والسنة بريئون منها ليوم الدين".

زوجاتي واولادي ليسوا شيعة!

بقي أن نقول أن للشيخ أحمد شهوان زوجتين و15 ابنًا، لكن ليس جميعهم يتبعون المذهب الشيعي.

الزوجتان لا زالتا تتبعان المذهب السني في الدين، بينما يتبع ثمانية أبناء من أصل الخمسة عشر المذهب الشيعي في دينهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]