آخر انتاجات مسرح الميدان في حيفا، هي مسرحية "خادم السيدين" التي سيبدأ عرضها يوم الجمعة القريب... لهذا الهدف كان لنا اللقاء التالي مع مخرج المسرحية منير بكري.

عمل ضخم...12 شخصية مشاركة

يقول منير ردًا على سؤال حول حجم هذا العمل الذي قد يصل الى حد عملاق: "لا أعرف كم يمكننا استخدام مصطلح عملاق لوصف العمل المسرحي "خادم السيدين"، ولكن عملاقية هذه المسرحية هي ضخامة العمل من حيث الممثلين أو العمل أو الفضاء المسرحي أو الديكور أو الملابس، عدد الممثلين والشخصيات، فلدينا ثمانية ممثلين يؤدون 12 شخصية، ولذلك هذا يعتبر عملا ضخما لمسرح الميدان، الذي لم يقدم أعمالا في المسرح العربي بهذا العدد الكبير من الممثلين".

ويضيف: "خادم السيدين هي كوميديا معروف عنها، كوميديا ديل أرتي، للكاتب الايطالي كارلو جولدوني والتي كتبها في القرن الخامس عشر أو السادس عشر، والتي ظهرت ككوميديا للشارع، مسرح شارع عمليا، لافراح الناس والترفيه عنهم في القرون الوسطى في عصر الظلام. فبعد خمس قرون من انعدام المسارح، جاءت كوميديا ديل أرتي التي كتب فيها الكاتب الايطالي كارلو جولدوني مسرحيّته خادم السيدّين التي تدور أحداثها في مدينة فينيسيا في ايطاليا، عن علاقة الخدم والأسياد، كيف يمكنهم أن يعيشوا ويعتاشوا، وكيف أن خادم معيّن يدعى تروفالدينو (يؤدي دوره عامر حليحل) وهي شخصية رئيسية في كوميديا ديل آرتي، كيف يخدم سيدين في نفس الوقت، والسيدين نفسهما في الفندق ذاته، ويخفي هذا السر أمام السيدين حتى اللحظة الأخيرة. هذان السيدان يبحثان عن بعضهما البعض، امرأة متخفية بزي رجل، تبحث عن حبيبها السيد الآخر الذي قام بقتل شقيقها، ويلتقيان في فينيسيا. المسرحية هي مسرحية حب، فرح، العلاقة بين البشر، البساطة والجمالية".

حان الوقت ليضحك جمهورنا

أما عن أسباب اختيار هذا النص فيقول: "اخترنا هذا النص، لأنني أعتقد أنه حان الوقت أن يضحك جمهورنا العربي قليلا، كل أسلوب المسرحيات نحن بحاجة لها، بل أننا بحاجة لأن نشاهد المسرح بداية، هذا الأساس. ولكن اخترنا هذه المسرحية لأنها كوميديا مبالغ فيها، وفي الإعلام عن المسرحية يكتب انها كوميديا مجنونة. هذا الجنون يظهر بحركة الجسد، في لحن الكلمة، في الموسيقى، في التمثيل المبالغ فيه. ليس من منطلق إضحاك الجمهور، وانما هي كوميديا بسيطة، تخلو من العمق الذهني الكبير، بل كل شيء واضح، التعامل مباشرة مع الجمهور، والجمهور هو جزء أساسي من العمل، كل شيء واضح ولا شيء مخبأ فيها. حان الوقت كجمهور عربي أن ندخل للمسرح ونستمتع ونضحك خلال مشاهدة هذه المسرحية، وأعتقد أن هذا أمرا ساميا جدا"!!

ويتابع حديثه في رد على سؤال: "ما يميّز هذا العمل وخصوصيته برأيي، خادم السيدين بممثليها ، تكمن في سر الممثل، بأسرار الممثلين، فنحن هنا بحاجة لقدرات ممثلين، وبتنا الآن في المراجعات الأخيرة، لأنه يوم الجمعة ستعرض لأول مرة في مسرح الميدان، أرى أن الممثلين لديهم قدرات هائلة والتي "يجنون" بها ويطلقونها كليا على المسرح، وأسمي ذلك "سر الممثل"، فهم يظهرون هذا السرّ أمام الجمهور. وحينها لا يعود الأمر سرا، وهنا الاتكال كثيرا على عمل الممثلين، وليس صدفة أن يسمّوا الـ"كوميديا ديل آرتي" مسرح الممثلين، وليست مسرح المخرجين، فالمخرج قد يوّجه، قد يحضر الرؤية الإخراجية، الفضاء المسرحي، الدمج بين الموسيقى والديكور والحركة، ولكن بالأساس الاعتماد على الممثل، بأن يفرز كل ما لديه بشكل مبالغ، وهذه ميزة هذه المسرحية، ولذلك نسميها الكوميديا المجنونة".

بينما قال حول سبب عرضها منذ أكثر من 5 قرون وما زالت سارية حتى الآن: "عرضت المسرحية في العالم الغربي كثيرا، هناك مخرج ايطالي أخرج المسرحية في سنوات الأربعين وفي سنوات الستين من جديد وثم في سنوات الثمانين. المسرحية كتبت قبل فترة طويلة، ولكن يمكن من خلال المسرحية أن ندخل أوجاعنا اليومية وآلامنا اليومية، لأنها مبنية كثيرا على الارتجالية وليس فقط على النص. ومن سيشاهد المسرحية سيرى أن هناك الكثير من الأمور على خشبة المسرح، نحسها ونعيشها في الدول العربية، في ميادين التحرير، تونس مصر ليبيا سوريا، أحضرنا هذه الإيحاءات ووضعناها أيضا في المسرحية. المشاهد بشكل مباشر يشترك معك على خشبة المسرح، وهو مشارك فعّال ويحسّ معك بما تحسّه على المسرح".

تجربة مميزة، للممثلين لمسرح الميدان

ويقول بكري في رد على سؤال : "هذه أول كوميديا أخرجها في كل اعمالي المسرحية، ولا أحكم أنا كيف كانت المسرحية، والجمهور والنقّاد هم الذين يحكمون اذا كنت قد نجحت في مهمتي، أنا أتمتع بما أعمله... أنا اعمل مسرحيات تراجيدية، والالتقاء بين كوميديا مجنونة ومخرج آت من أسلوب آخر، التقاء مهم، فدوري ألا تصبح الكوميديا مجنونة أكثر من اللازم".

وينهي حديثه بالقول: "تجربة مميزة، للممثلين لمسرح الميدان، للمخرج منير بكري، ولكل العناصر التي شاركت في المسرحية، وآمل أن تنتقل هذه التجربة للمشاهد".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]