إبنة مدينة الناصرة هي، فيها نشأت، وفي حَواريها ترعرعت في أحضان عائلة تعشق الفن والوطن، عاشقة هي للموسيقى والأغاني الوطنية والكلاسيكية، زوجة لنصار - الذي ترى فيه مُستشارا لها وشريكا في العمل الوطني - وام لطفلين، نغمٌ وإبراهيم.

تحمل الفنانة سلامة ابو آمنة، اللقب الاول في التربية، ومارست مهنة التعليم لأحد عشر عامًا، عودها معها، يرافقها أينما حلت، تعزف عليه باناملها الرقيقة الحانًا ملتزمة هادفة، فقد اتخذت من فنها الملتزم نهجًا لها واسلوب حياة.

تؤمن بفنها وموهبتها، تؤدي من خلاله رسالتها لجيل فلسطيني شاب يحلم بالحرية والكرامة، وترى فيه ضرب من ضروب المُقاومة، فهو فن ملتزم يزيد الأجيال وعيًا ويقظة، تُحدثنا حوله وحول حياتها ونشأتها .. من خلال الحوار التالي: -


* بعد ان تعرفنا عليك وعلى نشأتك، لماذا اخترت الفن المُلتزم بالذات، ما هي غايتك ؟

رسالتي هي رسالة إنسانية بحتة، أكثر منها سياسية، فلاشك أن السياسة تدخل ما بين السطور فيها، فقضيتي قضية إنسانية بالدرجة الاولى، قضية تحمل في معانيها أو ما بين سطورها الكثير من الشجن للشعب الذي عانى وما زال يعاني جراء بطش الإحتلال وقهره.
إخترت الفن الهادف الملتزم، لنصرة قضيتي وأبناء شعبي، من منطلق الحرية والحرية فقط، فحق الانسان أن يعيش حراً في أرضه.

* في خضم عصر الغناء الراقص وغير الهادف، هل تواجهين مشكلة مع جيل الشباب في الاقبال على غنائك وفنك المُلتزم؟

الفن الملتزم ضاع في فترة من الفترات، وكأنة أصبح غير موجود على واقع الحياة بسبب الكثير من الأغاني الشبابية التي دخلت إلى أذهاننا ومسحت بعض من قيمنا الإجتماعية.

طبعا، أنا إخترت هذا الفن الملتزم، وانا على دراية كاملة بما سيواجهني من عقبات وصعوبات في إقبال المعجبين والمستمعين، فهناك فئة من هؤلاء لا تفضل هذا النوع من الغناء بسبب عدم الوعي الكافي لأهمية هذا الفن.
انا لم أدخل الفن سعيا وراء التجارة والمال، فأغلب ما أُنظمهُ من أُمسيات تكون للتبرع بريعها المادي.
كل ما أَسّعى إليه، هو ايصال رسالتي فقط، حاولت جاهدة أن يكون لهذا الفن مكانة في الوسط المتعدد والمتنوع، وبالفعل حظيت بنجاح منقطع النظير، حيث باتَ جليًا واضحاً في الفترة الاخيرة، إن الاغنية الملتزمة صارت تحصل على حيز أكبر من الانتشار، وإتاخذ حقها الصحيح في الساحة الفنية في الداخل.
إن مُقارنة، الفن الملتزم مع الأغاني الشبابية هي مقارنة ظالمة، ذلك أن الأغاني الشبابية لها شعبية هائلة، وكل ما أتمناه هو أن يدرك هذا الجيل قضيتة، فلأَسف هذا الجيل لا يدرك بُعد قضيته ودوره فيها.

* ما هو بعدك السياسي؟

أنا لا أُحرر أرض ولا أمنع هدم بيوت ولا طرد الناس من منازلهم بشكل ظالم، لكن عنصريتي كفنانة، وبما أنا الله وهب لي هذة الموهبة أحاول أن أكرسة لفن هادف وليس لفن المتعة والترفية والرقص، أُشدد على أنَ الفن يجب أن يكون هادفًا.

*هل هُناك مؤسسات ترعى هذا النوع من الفن في الداخل، في ظل الهجمة الإسرائيلية الشرسة على كل ما يرمز إلى القضية؟

عملي أنا وزوجي الذي هو شريكي في المشروع الوطني هو عمل شخصي، لا يوجد هناك مؤسسة تدعم التسجيل لنا, "نحن لسنا عاديين نأكل ونشرب فقط" لدينا رسالة وفكرة نريد تقديمها.
هناك شركة ظهرت في الفترة الأخيرة تحاول تبني البوماتي، وهي تؤمن بصوتي وغنائي الملتزم على أمل أن نتوفق معها.
في الأَساس الان نعمل بشكل فردي على حسابنا الشخصي، ننتج البومات، لكنها ليست للتجارة، نحن ندفع ونسجل بشكل شخصي، كل ما نرنوا إليه هو إحياء الفن المتلزم من جديد .

*كيف هو تقييمك لواقعنا الفني في الداخل، هل نواجه صعوبات معينة على هذا الصعيد؟

نحن لسنا مُحاصرين فكرياً واجتماعيًا فحسب، نحن محاصرين فنيا أيضًا، وضعيتنا كعرب فلسطنيين داخل الكيان الإسرائيلي يعطي علامات إستفهام وشكوك للجاليات العرب وللعرب بشكل عام، ونحن نصارع مرتين, صراع أن نكون موجودون وصراع آخر أن نثبت للعرب اننا غير ما تظنون.

*هل تطمحين بإختراق العالم العربي بفنكِ الفلسطيني المُلتزم؟

نسعى، إلى أن نتواصل مع العالم العربي، حيث كان لدي عروض في الأُردن وأَسمعت صوت فلسطنيي 48 وأسمعت صوتي كفنانة فلسطسنية في الداخل المحتل، أغني لوطني وقضيتي، ولدي فكرة ورسالة أريد ايصالها.
وكانت أيضًا لدي عروض في ايطاليا للإنشاد الهادف.
لا يهمني أن يعرف العالم العربي عن سلام ابو آمنة، ولا أريد أن أتوسل لهم لربط الفكر الثقافي بيني وبينهم، كا ما يهمني كفلسطينية هو أن يصل ألمي وصوتي.
والذي يهمني الشعب والشباب الفلسطيني، وأن يهتم بالأغاني الملتزمة الوطنية، وأن لا يمضي ساعيًا وراء الفن الهابط الموجود داخل المجتمعات العربية في الخارج.
بالنسبة لي، أن أقيم عروضاً في أوروبا أهم من أن اقيمها في الدول العربية، لان الذي ينظر لنا ولقضيتنا "للأسف" هي مؤسسات غربية وليست عربية، لذلك أنا أحبذ التوجه اليهم لأظهر لهم بأن شعبنا راق، له تراثة, "الى متى سوف يبقى تفكير العرب فينا هكذا" , نحن نعيش في معاناة من الحصار وهدم البيوت والعرب فوقنا.

*العود آلة صعبة، وهي للرجال فقط، هكذا يقولون، كيف استطعت انت كَسر هذه القاعدة، ولماذا اخترت العود بالذات ؟

والدي يعزف على العود وهو الذي أوحى إلي بهذا التوجة، حيثُ كانَ عَزفه يَّشدَني دائماً ومنذُ نعومة أظافري، ولطالما رغبتُ في معرفة هذة الالة الغريبة والأوتار الجميلة، فكنت أعزف على الة أبي عند خروجه من المنزل، وبالفعل نجحت بأن أتعرف على هذة الاَلة بشكل سمعي.

أشكر ربي على هذة الموهبة، ليس كل إنسان قادر على العزف بشكل يميزه عن المحترفين، ولا أنكر فضل عازفيين اَخرين أرشدوني على مقامات معينة وعلى طريقة العزف صحيحة، فلعود اليوم هو جزء مني، أردت من خلالهِ أن أكسر تقاليد المجتمع بأن العود للرجال،"مين قال ان العود للرجال, هل مكتوب عليه أن العود للرجال فقط ؟" أنا أشعر أن العود يميل أكثر الى الحنية، والمرأة أكثر حنانا، وهي كتلة تميل الى العاطفة، وللعود قالب جميل عندما يكون بين يدي المرأة وأنا إخترت العود لكي يكونَ لي شكل جديد ومختلف ومتميز.
اَن الأوان للنساء العربيات أن يتحرروا، والتحرر ليس بالفكر الغربي، التحرر ليس في اللباس وما وما يصل إلينا من مفهومة الغربي، من تحرري أنني عزفت على اَلة تُعد للرجال فأنا كسرتُ هذة القاعدة ونجحت فيها.

*نلاحظ أن البومك "أنا من هذة المدينة" هو إعادة إنتاج لأغاني قديمة، ولا نجد لك البومًا خاصًا، ما هو السبب، وهل المشكلة هو نقص في الكُتاب والملحنين؟

يوجد كُتّاب، لكن أنا لا أبحث الكلام الصارخ، سياسي ثوري مبالغ فيه، بل أبحث عن كلمة إنسانية وليست تحريضية، وهذا الشيئ لا أجده في كُتّابنا، إما نجد الكلام صارخ إما فصحى وإما عامة بحت، وهذا ليس جميلاً للمسمع.
وقد وجدت ما أبحث عنهُ في البومي أنا من هذة المدينة، الذي جمع بين اللحن العذب والكلام السلس وفي نفس الوقت يحمل في طياتة الكثير من المعاني الجميلة التي تربطنا في الوطن والأرض وفي الأنسان.

*هل يحمل أطفالك موهبة غنائية؟

نغم وإبراهيم ذواقين للفن وعاشقين لهُ، حَمِلا منذُ طُفولَتِهُما هوية فنية، وذوقاً في إختيار الأغاني، وأحرص على إبعادهما عن موجة الاغاني الشبابية، لأن هذة الأغاني أصبحت تميل إلى الهبوط الأخلاقي ولا تحمل هدفاً ولا معنى ولا لحناً ولا أداءً، وأصبح اللحن يميل الى الغرب، بحيث دخلت الايقاعات والاَلات الغربية،أصبحت تميل الى الروك والراب.
أنا لست ضد أغاني الحب والعشق، من لا يجب ام كلثوم؟، وهي أجمل من غنى للحب وللأرض الحب هو شيء راقي لكن هذا غير موجود في أغاني اليوم.

*مَن هو فنانك المُفضل؟
أحب الاستماع الى أحمد قعبور، مرسيل خليفة، أميمة خليل،أبو عرب، وجوليا بطرس وهي مثال لي وللفن الراقي الملتزم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]