يعيد شهر رمضان نبض الحياة إلى البلدة القديمة في مدينة الخليل رغم ما تعانيه من إغلاق لعدد من شوارعها ومحالها التجارية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية التي تسيطر عليها بشكل كامل.

وتحتفل البلدة القديمة في الخليل هذا العام بشهر رمضان الفضيل بعدد قليل من الزائرين رغم أن هذا الشهر شهد ازدياد في عدد زائريه بسبب الأنشطة الهادفة لتنشيط الحركة التجارية والسياحية في البلدة القديمة، كافتتاح فروع لمصانع معروفة في الخليل فروع لها في لبلدة القديمة هذا عدا عن أنشطة لجنة اعمار الخليل ومؤتمرها المنعقد منذ حوالي أسبوعين الذي سلط الضوء أكثر على ضرورة إنعاش الحياة في البلدة إلا أن هذا العدد من الزائرين غير كافيا لإعادة تأهيل البلدة القديمة وإنعاشها.

أما قاطنو البلدة من تجار ومواطنين آخرين فقد تفاءلوا خيرا مع حلول الشهر الفضيل حيث أكد احدهم محمد النتشة أن الحركة بدأت تنشط منذ مؤتمر لجنة الاعمار وصولا إلى حلول الشهر الفضيل الذي يتمنى أن يكون فاتحة خير عليهم وعلى الجميع أما إحدى المواطنات فقد أكدت على أن الأسعار خفضت بعض الشيء عن ذي قبل وان البضاعة انتشرت أكثر أيضا لتنذر باحتفالية شهر رمضان وتبشر بحركة تجارية أوسع في البلدة.

المتجول في زقاق البلدة القديمة يمتعه منظر السلع الرمضانية المعروضة بشكل مغر للشراء لكن تجارها الأقدام على البلدة في هذه الشهر الفضيل ما زالوا يخافون تكدسها وكسادها في محالهم إذا لم يزيد وطأ الأقدام على هذه البلدة.

400 مستوطن يعكرون صفو الحياة لـ 200 ألف مواطن

ويعيش في البلدة القديمة ما يقارب 400 مستوطن وسط 200 ألف فلسطيني هم سكان مدينة الخليل بما فيها البلدة القديمة التي بقيت حسب الاتفاقات المرحلية بين الفلسطينيين والإسرائيليين تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة وفق ما عرف (ببرتوكول الخليل) الذي قسم المدينة إلى قسمين احدهما تحت السيطرة الفلسطينية والأخر تحت السيطرة الإسرائيلية ويضم بشكل أساسي البلدة القديمة.

وتشير إحصاءات نشرتها لجنة اعمار الخليل التي تأسست عام 1996 لإعادة اعمار البلدة القديمة إلى "أن قوات الاحتلال تغلق 13 شارعا و587 محلا تجاريا في البلدة القديمة حاليا بينما توجد 20 نقطة مراقبة عسكرية لجيش الاحتلال فوق أسطح مبان مأهولة فضلا عن وجود 30 حاجزا إسمنتيا وترابيا وسبعة حواجز متفرقة."

وقال عماد حمدان مدير عام اللجنة انه تم التوجه إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية لاستصدار قرار بإعادة فتح الشوارع والمحلات التجارية المغلقة منذ ما يقارب الأربع سنوات والى اليوم دون الوصول لنتيجة.

وأضاف "لدينا أمل في الوصول إلى نتيجة بإعادة فتح هذه الشوارع والمحلات لأنه بدون ذلك لا يمكن إعادة الحياة الطبيعة إلى البلدة القديمة."
وينتظر سكان البلدة القديمة قدوم شهر رمضان الذي تعود فيه الحركة إلى أسواق البلدة القديمة التي يمكن الحصول منها على كل ما يحتاجونه ليبدأوا أعمالهم بعد اشهر من التوقف.

ويتجنب عدد من سكان البلدة القديمة في الجهة الجنوبية منها التنقل إلى الجهة الأخرى أو الدخول إلى أسواقها لان ذلك يتطلب منهم المرور عبر حاجزين عسكريين يخضعون فيهما إلى تفتيش دقيق من اجل قطع مسافة لا تتجاوز المئتي متر.

موجة من غلاء أسعار الخضار والفواكه ترافق شهر رمضان بالخليل

في المقابل، تشهد محافظة الخليل في الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك موجة غلاء في أسعار الخضار والفواكه، والسلع الأساسية الأخرى، مصاحبة لارتفاع في درجات الحرارة، ونقص في دخل كثير من الأسر التي تعاني الفقر وعدم قدرتها على مجاراة الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به الشعب الفلسطيني.

وقال علي محمد القواسمة (30 عاما) وهو صاحب محل خضار، 'إن ارتفاع أسعار الخضار أضر بالتاجر والمواطن معا، فالمواطن العادي لا يستطيع أن يشتري بسعر مرتفع، وبهذا تقل نسبة البيع والشراء بشكل عام في الأسواق.

وأضاف المواطن علي المحتسب (40 عاما) 'رغم الاستهلاك الكبير للخضار والفواكه في اليوم الأول من شهر رمضان، إلا أنه يعتبر قليلا جدا مقارنة مع السنوات السابقة، بسبب قلة الفلوس في جيوب المواطنين، وسوء الوضع الاقتصادي العام.

رمضان.. ومجزرة الحرم

ولا يمر رمضان دون أن يستذكر أبناء الخليل مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف التي حدثت في العام 1994 وراح ضحيتها 29 مواطنا.

في الخامس عشر من رمضان تصادف الذكرى السنوية للمجزرة، ففي هذا اليوم تجسدت صورة الوحدة، فمن أبشع الجرائم التي ارتكبت في تاريخ الإنسانية جمعاء.. طبيب أطفال من احد غلاة المستوطنين يدعى باروخ غولدشتاين يفتح النار من بندقيته الأوتوماتيكية صوب المصلين وهم سجود في صلاة الفجر فيقتل 29 ويصيب العشرات بجروح .

لقد خطط غولدشتاين لارتكاب المجزرة قبل وقوعها بكثير وأعلن عن ذلك مرارا وتكرارا وأمام ضباط وجنود الاحتلال إلا أن حكومة إسرائيل أهملت ذلك بغية تنفيذ مخططات تهويد قلب الخليل والاستيلاء على الحرم ، فقد توجه في شهر تشرين الأول عام 1991 إلى الحرم هو ورفاقه لأداء الصلاة ثم قاموا خلال الزيارة بالاعتداء على المصلين المسلمين بهدف ارتكاب المجزرة إلا أن احد ضباط الاحتلال اعترضهم فضربوه ضربا مبرحا وتم إخراجهم من الحرم بالقوة وتقدم غولدشتاين بشكوى رسمية ضد الجنود وفي ليلة 14 رمضان 1415هـ هدد غولدشتاين ورفاقه المصلين بارتكاب مجزرة ضدهم ونفذ تهديده .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]