مع التكنولوجيا الحديثة والتطوّر الحديث في عصر العولمة، باتت العديد من التقاليد والتراثيات الجميلة في شهر رمضان المبارك تندثر... ولكن هناك من بقي محافظا عليها، خصوصا من جيل الأهل والأجداد الذين لا زالوا يتذكرون الأوقات الجميلة التي كانوا يقضونها في شهر رمضان المبارك.. فما هي تقاليد شهر رمضان المبارك؟.

ليالي رمضان كانت تتسم بالبهجة

تحدثنا السيدة فتحية خطيب من كفر كنا عن تقاليد هذا الشهر الفضيل قائلة: "ليالي رمضان كانت تتسم بالبهجة والفرح والسرور بهذا  الشهر والعيد، شهر الرحمة والغفران، هذه الليالي الرمضانية كان ينتظرها الناس بفارغ الصبر. كان الأولاد يتجمعون في فرق ويسمون حالهم بـ"فرق الحوّالة" او "المدّاحة" يستنفرون عطف الناس من حولهم، بالطبع كانت الأوضاع الاقتصادية صعبة وشحيحة في الأوساط الشعبية، فيعمل هؤلاء الأولاد فرق تتسم بالبراءة بعيدة عن التعصب والترفع، كانوا يدوروا على الدكاكين وبالأهازيج والتراثيات التي يرددونها لصاحب الدّكان، كانوا يجمعون بأسلوبهم الخاص قطعة بقلاوة أو تمر والحلويات، ويشعرون بالانبساط وسرور، فكانوا يحملون الفوانيس ويتجولون في الليل على الحوانيت يقولون: "صيني على صيني الرب يحميني" وما شابه، وهذه أذكرها لأني كنت أرددها وأنا صغيرة أيضا".

تراث الأجداد والأباء

وتضيف: "أعتز بتراثي جدا وأرفع رأسي، لأنه تراث الأجداد والأباء وحضارتنا، تراثنا يجب ألا نتنازل عنه، وهو موروث وكان في الماضي،  فأنا أكرر للأجيال القادمة خوفا عليه من أن يندثر ويضيع ضمن عهد العولمة،  فهذه حضارتنا وثقافتنا وهويتنا ولذلك يجب ألا نتنازل عنها،هناك حنين للماضي وللأغاني الشعبية، من دلعونا والمجوز وتراثياتنا الغنائية".

  تراثيات وعادات رمضانية

أما عن تقاليد رمضان فتقول خطيب: "تراثيات رمضان جميلة جدا وكثيرة وعديدة، للأسف اندثر العديد منها، ولكني أشهد مؤخرا عودة واشتياق للعودة الى اللوحة الرمضانية الساحرة. باعتبار وسائل الاعلام الحديثة، من المذياع والحاسوب والتلفزيون التي بامكانها جميعا أن تنقل الآذان والتوقيت بشكل سريع. في الماضي كان الأولاد ينتظرون الخطيب، ولم يكن في حينها وسائل اعلام أو مكبرات الصوت التي تعلن أن الخطيب قد آذن، فكان الأولاد يعلمون أهاليهم بآذان الخطيب بقولهم: "أذن أذن يا خطيب قبل ما الشمس تغيب" أو "أذن يا سيدي لترحم جاجة بأيدي" وما ان يؤذن الخطيب يستحدثون الكلمات الجميلة فيركضون لأهاليهم قائلين "افطروا يا صايمين يلي عالرغيف نايمين".

الأمسيات الرمضانية

وتابعت :" اليوم وسائل التطوّر من مذياع وانترنت وتلفزيون أخذت هذا الدور على عاتقها بدلا من الأولاد.  المسحراتي أيضا اندثر لوهلة، وحاليا نشهد عودة للمسحراتي في عكا القديمة على سبيل المثال، فلدي الأسبوع القادم أمسية تراثية رمضانية في السرايا بعكا، فيحضرون المسحراتي والحكواتي، وهناك تعاون كبير مع اخوتنا المسيحيين الذين يشاركون في الأمسيات الرمضانية والعزائم والولائم، يعني النسيج المخملي الاجتماعي الذي كان يسود الأوساط، فاخوتنا المسيحيين كانوا يصومون تضامنا معنا ويأتون ليتناولوا الافطار معنا. اليوم تلاشت هذه المظاهر، وخصوصا بسبب تطوّر العصر".

التكنولوجيا والانسان

وتنهي خطيب حديثها بالقول: "انا أقول، حلو التطوّر، وأنا مع العلم، فقد ذكر في كل الديانات السماوية: "العلم النور، وإن الملائكة لتضع أجنحتها على طالب العلم"! لكن يجب ألا ننسى تراثنا وهويتنا وثقافتنا والعادات الجميلة الساحرة. فعندما كان الحكواتي يقعد الأولاد حوله ويحكي لهم قصة الزير سالم وعنترة بن شداد أو المولد النبوي الشريف، فكانت تذهب ساعة فيها ثقافة وحضارة. تبادل الآراء والكلمات فيها ثقافة وحضارة،ولذلك فجلسات السمر والسهر على البيادر اندثرت تقريبا لأن الكثير من وسائل التكنولوجيا الحديثة حلّت محل الانسان. وكل عام والجميع بالخير ورمضان كريم على الجميع ونتمنى أن يكون السلام قد حلّ على الجميع".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]