في لقاءٍ خاص، جمعنا بالاستاذ حسام أبو بكر، تطرّق فيه إلى كل ما يتعلق بتجربته القصيرة نوعًا ما، في إدارة مؤسسة التأمين الوطني في الناصرة، تحديات ونجاحات، ركّزنا كثيرًا على نجاحه الشخصي، على قناعاته، على عمله، ورؤيته الشخصية لنجاح العربي في مؤسسة حكومية، كما عرّجنا خلال الحديث على بعض القضايا التي تتعلق بالمؤسسة، بما في ذلك من خدمات، وقصورات، وتغييرات، وأيضًا وعودات...

• عن تقييمه بعد سنة من عمله في التأمين الوطني فرع الناصرة، يقول: أشعر وكأنني أعمل منذ سنين عديدة، وهذا نابع من زخم العمل، فرغم أنه لم يكن لدي خلفية سابقة عن العمل في مؤسسة تأمين، لكن يبدو أن التأقلم نبع من الحاجة المستمرة إلى التعلم والعطاء، من أجل معرفة محتويات هذا العمل، وأبعاده.

وبالفعل منذ اليوم الأول الذي عملتُ فيه بدأنا القيام بأعمال ومهام ومشاريع، كُنا ننشد ونتوقع منها إحداث تغيير معيّن أو إصلاحات أو تطويرات، حسب ما يحتاجه ويتطلبه فرع التأمين، هذا النشاط والزخم في العمل يعطيك شعورًا أنك موجود هنا على مدار سنين وليس فقط هي تجربة سنة واحدة.

• وعن تأقلمه في عملٍ لم يكن لديه خلفية عنه، حدثنا أبو بكر: لا أخفي عليك أنني بدأت أشعر بعد أشهر عديدة من دخولي للعمل، أنني أندمج بسرعة طبعًا وجود رؤية مهنية معينة، رغم أني لا أُعد خبيرًا في قانون التأمين وقضاياه، إنما أصبح لديّ اطلاع واسع على قضايا مختلفة في مجال التأمين والخدمات الأساسية، وبالأساس الرسالة الرئيسية والأساسية التي أتيتُ بها هي "خدمة المؤسسة من النواحي الإدارية ووضع بوصلة واتجاه لمسيرة جديدة لمؤسسة التأمين في الناصرة"، هذا هو المُجمل والإطار العام العام الذي احتوى فيه تجربة سنة كاملة من العمل في تأمين الناصرة.

من الخدمات التربوية إلى الخدمات الإجتماعية الإنسانية

"منذُ اللحظة التي قررتُ فيها أن أتنافس في العطاء على وظيفة مدير مؤسسة التأمين الوطني، فكرتُ بصورة واقعية تمامًا، فأنا إنسانٌ غير مجازف أرجلي على الأرض، في اللحظة الأولى التي اتخذتُ فيها قرار المنافسة، كان واضحًا لي أنني متجهٌ باتجاه عالمٍ جديد، مجال مختلف تمامًا عن المجالات التي عملت فيها في السابق... لكنْ كان لديّ ثقة كبيرة بالقدرة على الاندماج والعمل في هذه المؤسسة، فأنا مؤمنٌ، والحمد لله، بقدراتي ومدى عطائي، وأؤمن جيدًا بمقدرتي على تعلم مجالٍ جديد، خاصة أنّ المهمة إدارية وأنّا، بكل تواضع، أملك تجربة ودراسة، الأمر الذي يؤهلني للنجاح في العمل الإداري.

• هناك مَن طعن في شرعية قبولك كمدير لمؤسسة التأمين، كيف انتهت القضية؟!

بالنسبة للإدعاء من قبل شخصٍ معيّن، تنافس على وظيفة إدارة مؤسسة التأمين، وحاول الطعن في شرعية قبولي للوظيفة، وفي قدراتي الشخصية، لكنّ المحكمة لم تقبل بادعاءاته، التي قدمها للمحكمة، وأُثبت قطعيًا حقي في متابعة عملي كمدير لمؤسسة التأمين في الناصرة، وأنّ ما لديّ من كفاءات تؤهلني لمواصلة دربي.

• نقلة من العمل في سلك التربية إلى الإدارة!

عن تجربتي السابقة في المجالين التربوي والمجتمع المدني يحدثنا الأستاذ حسام أبو بكر فيقول: تعرفون أنني خُضتُ مجالين الأول في التربية والتعليم بشكلٍ رسمي وأيضًا عملت في المجتمع المدني، عن هذيْن المجالين، ويتصفان بحُب العطاء، فمن ليس لديه رغبة في التعاطي مع المجتمع فإنه غير قادر على التأقلم في هذيْن المجالين. على صعيد المجتمع المدني بطل ما يتعلق بمطالب المساواة والحقوق للمجتمع العربي وتحسين العلاقات اليهودية العربية بِما في ذلك من جسر الهوة بين الجانين، ولقد كنتُ نشيطًا في هذا النوع من الحراك، ورغم انشغالي، لكنني لم أبتعد تمامًا عن هذا المجال.

أما في ما يتعلق بمجال التربية والتعليم فإنّه عدا عن التجربة الطويلة في هذا المجال، لديّ ايمانٌ مطلق أنّ المفتاح الأساسي لتطور أي مجتمع يبدأ من التربية والتعليم، واؤمن بالعطاء في هذا الاتجاه.

واؤمن أيضًا أنّ تجربتي المثرية في هذين المجاليْن، ساهما باندماجي في عملي الحالي. لقد اكتسبتُ معرفة كبيرة وتجربة واسعة في الأمور الحياتية، وأكثر من ذلك لدي معرفة في هذا الحقل الواسع في العلاقة ما بين المركبات المختلفة، وأنّ أي مجتمع سليم يجب أن يطوّر ذاته، من خلال مؤسساته، صحيح أنّ هناك المؤسسات الرسمية التي تُعنى بإعطاء خدمات جمّة لهذا المجتمع، وهناك أيضًا مؤسسات غير رسمية هي مؤسسات مكملة، تساهم في إعطاء ما ينقص المجتمع أو ما ينقص فئات مختلفة من المجتمع من أجل تطويرها وإحداث التغييرات فيها.

• من قرية صغيرة في المثلث الشمالي إلى قلب الناصرة، هل هو تحدٍ كبير بالنسبة لك؟!

- آمل أن يكون اختياري لهذه الوظيفة هو محفز لجميع الأكاديميين العرب في البلاد، فلدينا القدرات والإمكانيات أن نخوض مثل هذه التجارب وأن نكون في المواقع المؤثِرة، ما ينقصنا هو المبادرة والجرأة أن نتقدم لمثل هذه الوظائف. ولا أخفي أنّ الأكاديمي العربي قد يواجه بعض العوائق أو الإشكاليات والحواجز إذا ما تقدّم لوظائف معينة، لكنني في المقابل على قناعة تامة أنّ لدينا من القدرات والإمكانيات ما يؤهلنا أن نصل بالفعل إلى الوظائف التي نطمح بالوصول إليها، لذا علينا أن نضع الهدف نُصب أعيُننا ونسعى للوصول إليه بفضل ما نملكه من قدراتٍ وتحديات.

وعلى صعيدٍ شخصي، لم يكن في بالي يومًا أنّ يكون مكان ولادتي، وانا ابنُ قرية زلفة، أو ابنٌ للمجتمع العربي، من الأسباب التي قد تقف عائقًا لتقدمي لأية وظيفة، كانت لدي تحديات بلا شك، عند تقدمي لوظيفة مدير مؤسسة تأمين وطني، لكن لا يؤثر بي أنني من قرية صغيرة غير معروفة، لأشغل منصبًا في مؤسسة كبيرة في مدينة الناصرة، لكنني أعتبر هذه النظرة هي محضُ هتارات، فالإنسان هو الذي يبني نفسه بنفسه، ونحنُ اليوم نعيش في مجتمع فيه القدرات الفردية هي التي تحدّد نجاحه، والقدرات الجماعية قد تكون داعمة وقاعدة ينطلق منها الإنسان، ما يهم هو رضى الله ورضى الوالديْن، ما يعنيني هو انجازاتي وقدرتي على العطاء

• اقترن اسم مؤسسة التأمين في الناصرة بالمشاكل، كيفَ تعمل لتغيير هذا الادعاء؟!

- منذ يوم عملي الأول وأنا والعاملين في المؤسسة نسير في مسيرة عطاءٍ مستمرة، صحيح أننا لم نحقق بعد جميع الأهداف التي وضعناها، لكنْ أحد الأهداف للتحسين هي الخدمات للجمهور، هذا هو مفتاح النجاح، وقد طوّرنا وحسنا في الخدمات المقدّمة للجمهور، وبالتأكيد خففنا من مشكلة كراهية المؤسسة، ومن المشاكل الإضافية التي تحيط العمل في هذه المؤسسة.

بالتأكيد أنني لا أملُ حلاً أو إطارًا سحريًا، كل ما أحمله في جعبتي هو مقولة واضحة مع قيم ثابتة أولها: خدمة الجمهور قبل كل شيء وتحسين الخدمات للجمهور، وهناك تغييرات عديدة ملموسة تبدأ مِن اللحظة الأولى التي يدخل فيها الشخص المتوجه الى فرع التأمين وحتى دخوله إلى قاعة الاستقبال، بمجرد دخولهم يشعرون بالترحاب والاحترام، ولم يكن هذا الشعور، مشابهًا لدى المواطنين عندما كانوا يتوجهون الى مؤسسة التأمين، وكل متوجه للتأمين يدرك تمامًا انّ تغييرًا ملموسًا في التوجه وفي المعاملة وفي دخوله إلى الفرع.

وسيلاحظ تغييرات إضافية في الأشهر القريبة، على سبيل المثال، في طريقة استقبال الجمهور وسيكون هنالك إضافة خدمات أخرى، إضافة منصات استقبال جمهور إضافي، وإضافة خدمات خارج قاعة استقبال الجمهور والتي تُعطي المجال لقسم كبير من المتوجهين أن يتلقوا الخدمات دون أن تكون هنالك حاجة إلى الدخول للفرع، والهدف من ذلك هو تخفيف الضغط على المواطنين داخل قاعة الاستقبال.

هذا جانب معيّن يتعلق بقضية استقبال الجمهور وقضية إعطاءهم الخدمات من خلال اللقاء والمقابلات الذي تجري في قاعة الاستقبال. والأمر الآخر الذي أضفنا إليه خدماتنا وبدأنا نلمس تحسينًا فيه هو العمل على تخفيف ألم المواطنين إن كان ذلك من خلال طريقة العمل في قضية اللجان الطبية، فقد قررنا تقليص أيام الانتظار، ونحنُ بصدد إضافة تغييرات أخرى إضافية.

مسيرة من التغيير لم تنتهِ بعد، وهنالك عددٌ من الأموي يجب تطويرها وإحداث تغييرات ملموسة فيها، والشيء الآخر الذي أضيف إلى الأقسام المختلفة هو عملية إعطاء الإجابات السريعة.

• جباية مستحقات التأمين عن كل مواطن هي إلزامية!

اقتطاع مبلغ من المال من كل مواطن فوق سن الثامنة عشرة من عمره، من أجل تأمين حياته، هو قانونٌ مُلزِم، وكلٌ بالغٍ عليه دفع مخصصات تأمين، وهي مختلفة من حيثُ القيمة من شخص لآخر، فإذا كان الشخص يعمل، أو هو طالب جامعة، أو حتى لا يعمل، فهو ملزمٌ بدفع مخصصات التأمين لأنها نوع من أنواع الضمان الاجتماعي الذي يتلقاه الشخص عندما يحتاج مؤسسة التأمين كمؤسسة داعمة من النواحي الإجتماعية، فمؤسسة التأمين الوطني هي مؤسسة كفالة اجتماعية، أي أنها تكفل لمن يحتاج إذا كان من أصحاب الإعاقات المختلفة، أو أنه كان طفلاً أو مسنًا، أو حتى عاطلاً عن العمل، فمن حق هؤلاء الأشخاص أن يندمجوا في المجتمع دون أن يحتاجوا إلى مد الأيدي لطلب المساعدة، عمليًا هذا نوعٌ من الإدّخار، صحيح أن كثيرين لا يشعرون بالراحة من دفع هذه المبالغ، لكن هذا القانون يسري على الجميع وليس على شخص بعينه.

• نُراعي المناسبات الدينية ونلتزم بدفع المستحقات قبل أوانها

لم ينسَ الأستاذ حسام أبو بكر، أن يهنئ الجميع باحتفالهم بعيد الفطر السعيد، وتمنى على الجميع أن تكون جميع أيامهم أعياد ومناسباتٍ سعيدة، وذكّرنا أنّ مخصصات التأمين تُدفع دائمًا في موعدها دون تأخير، بل إنّ هناك تفهمًا وجهدًا مضاعفًا يتم حيثُ تُدفع مخصصات التأمين لمستحقيها، قبيْل الأعياد والمناسبات الاحتفالية الأخرى، مراعاةً من المؤسسة لظروف الناس وحاجاتهم الضرورية.

• مرحلة ممتازة وهدوءٌ في أروقة مؤسسة التأمين الوطني

حدثنا الأستاذ حسام أبو بكر عن المرحلة الحالية، التي تحدثُ فيها تغييراتٍ إيجابية جمّة، إذ قال: لعلّ أهمها هو الهدوء الذي نستشعره في أروقة المؤسسة، وطالما أنّ الموظفين يشعرون بهذا الهدوء والانتظام فإنّ الخدمات ستُقدّم على أحسن ما يرام. وشعورُ الموظف بالهدوء هو أحد أهم المفاتيح، بل هو الأساسي في التغييرات الإيجابية والنقلة النوعية التي تمرُ بها المؤسسة.

هذا الجانب الهام من الاستقرار والهدوء، يجعل الموظف أكثر حماسًا وقدرةً على العطاء وتقديم الواجب المهني الكامل، والتقاء المساريْن الراحة النفسية والهدوء والعطاء المهني سيرفع من أسهم نجاح المؤسسة، ومن تحسين خدمات المواطنين، في مرحلة مثمرة كهذه.

• لو تمّ شرعنة قوانين جديدة تتعلق بالتأمين، كيف للمواطن العربي الإطلاع عليها؟!

صحيح أنّ مَن يُغيِّر القوانين هو مؤسسة تشريع، أي الكنيست، ورغم أنّ التغيير في القوانين لا يحدث كل يوم، لكن على مؤسسة التأمين الوطني تقع مسؤولية القيام بحملة اعلامية واسعة للجمهور أيضًا باللغة العربية بكل ما يتعلق بتغيير القوانين، والقوانين المهنية في التعاطي مع القضايا المختلفة في التأمين، وإضافة لذلك فهنالك منشورات دائمة في مؤسسة التأمين بجميع اللغات بما فيها اللغة العربية.

صحيح أنّ هنالك شريحة من المواطنين تأتي مع عدم دراية بما حصل من تغييرات في القوانين، في هذه الحالة يتوجب على كل موظف أن يشرح للمواطنين المتغيرات الحاصلة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى إذا كان أحد المواطنين يتلقى مخصصات معينة بصورة دائمة وحدث تغيير في القانون المتعلق بالدفع، فستصله رسالة واضحة للبيت، توضّح التغيير الحاصل، وما يتوجب على المواطن فعله في حالة التغيير، فيُطلب منه التوجه لمؤسسة التأمين لمتابعة قضيته والحصول على إجابات شافية.

• قيل عن مؤسسة التأمين أنها ظالمة، ما هو تعليقكم؟!

يجب ان نميّز بين شخصٍ وقع ظلمٌ بحقه، من خلال خطأ معيّن أو من خلال عدم إعطاء خدمة معينة أو عدم توفر جميع المستندات من أجل حصوله على خدماتنا، وبين الأشخاص الذين يرافقهم شعورٌ بالظلم، نتيجة لعدم معرفتهم بالقانون، وما يعطيه القانون من أحقية في تلقي مخصصات معينة، ولهؤلاء نقوم بشرحٍ مفصّل، وأنا بصورة شخصية، أولي اهتمامًا كبيرًا بشكاوى الجمهور وتوجهاتهم، وكل مَن يتوجه إلينا متسائلاً وطالبًا مساعدة، يتلقى اجابة بشكلٍ فوري، يُفحص الموضوع الذي توجه من أجله ويتلقى رسالة مكتوبة أو اتصال هاتفي من قِبل موظفي المؤسسة، وكل خطأ أو نقص في المستندات يعاد إلى صاحبه، نقوم مرة أخرى بإعادة النظر في ملفه، في قضيته، وكل صاحب حق يأخذ حقه.

• كيف تتغلبون على مسألة التحايل على المؤسسة في قضايا التأمين؟!

"التحايل على المؤسسة"، ظاهرة معروفة فهناك أشخاص لا يستحقون الحصول على خدماتٍ حصلوا عليها عن طريق التحايل والغش، وهناك مَن لم يتم اكتشافهم أبدًا، آمل أن نصل إلى مرحلة يأخذ كل ذي حقه حقه، ومن لا يستحق مثل هذه المخصصات ألا يكون عالة المجتمع ولا على المؤسسة، وكُلي أمل أن نجتث هذه الظاهرة من جذورها.

بطاقة تعريف:

* حسام أبو بكر من قرية "زلفة"، القريبة من مدينة ام الفحم، يبلغ من العمر (46 عامًا).

* يحمل اللقب الثاني في موضوع السياسات الإدارية. واللقب الثاني في الإدارة التربوية * ويحمل شهادة في التربية والتعليم والاستشارة والتطوير التنظيمي.

* عُيّن، في آب 2010، مديرًا لفرع مؤسسة التأمين في مدينة الناصرة، والذي يخدم أكثر من 400 ألف مواطن في (37) مدينة وقرية في الجليل..

* آخر منصب شغله قبل تعيين في مؤسسة تأمين الناصرة، كانت إدارة مدرسة ثانوية في مدينة حيفا، وقبل ذلك شَغِل مناصب ووظائف رسمية وتربوية مختلفة، من بينها وظيفة مدير برامج ومشاريع في "صندوق إبراهيم" ووظيفة مركز مشروع "هولي سيتي" من قبل الجامعة العبرية في جهاز التربية والتعليم في القدس العربية، ومدير مشروع دمج المواطنين العرب في سلك خدمات الدولة في جمعية "سيكوي" وغير ذلك، كما نشِط في المشاريع التطوعية.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]