مَن شاهَدَ العرض المسرحي "إنــــعــــــاش"، بالأمس، فقد ربح الكثير، وأضاف إلى مخزونه الفني والثقافي والوطني الكثير مِنَ الإثراء.

وأكثر مَن رَبِحَ من هذا العرض هم طُلاب المدارس في الناصرة، أطفالاً وشبابًا، لأنهم تعرّفوا عن قريب إلى معاناة الفلسطيني في الضفة والقطاع، فهو في العادةِ يتابع مأساة الحصار والمعاناة والاستفزاز والاعتداءات والاستفزازات والقتل، بالصورةِ والصوت، لكنه هذه المرة شاهدها عَن قـُرب.

وإذا كُـنّا نتحدث عن المضمون، فلأصحاب المُبادرة بالمشروع وهما الفنانة وداد عطا الله والمخرج فادي الغول، دورٌ كبيرٍ وعملٌ يستحق كل الثناء، فخلف هذا العمل كانت هناك الكثير من المصاعب والحواجز حتى استطاع الفنانان عطاالله والغول أن يضعا بصمةً ومكانةً لهذا العمل ضمن الأعمال الفنية المسرحية التي تلقى إعجاب الحضور.

عن الأجواء المُصاحِبة لهذا العمل هناك الكثير مما يُمكن أن يُقال، للرقص الحديث تميُزٌ واضح لافتٌ للانتباه، وللراقصين والراقصات دورٌ كبير في جذب أنظار المتفرجين، في قاعةٍ واسعةٍ شاهدَ فيها المئات هذا العرض، فرضَ الصمتُ نفسه، باستثناء صوت الموسيقى الصاخبة في بعض الأوقات وفي أحيانٍ أخرى هادئة حزينة، تمامًا كما يعيشُ شعبنا، مراحل هدوءٍ مصحوبٍ بالقلق ومراحل أخرى مِن العنف والحروب، لكنّ الماساة الفلسطينية تظلُ تفرض نفسها رغمًا عَن الجميع.

ونُذكّر أنّ العمل عُرض بمشاركة كلٍ  من جمعية الأمل للرقص المعاصر- الناصرة ومسرح سفر – رام الله- فقد ربح الكثير.مِن أمس الجمعة 25.11.2011، عند الساعة الثامنة مساءً  العمل المسرحي الراقص " إ ن ع ا ش "، على مسرح مدرسة مار يوسف – الناصرة، بمشاركة عدد كبير من طُلاب الناصرة، أهاليهم والمهتمين.

وقد قُدّم العرض برعاية موقع بكرا، شركة أورنج، وتلفزيون الحرة

 يذكر بأن تم افتتاح العرض مسبقاً في رام الله، بيت لحم وفي الناصرة على مسرح بيركوفيتش وبعد النجاح الذي حقق فيه وسيتم تقديمه للمرة الثانية على مسرح مدرسة ماريوسف في الناصرة.

وإنعاش هو عرض تتألق فيه الحركة، التعبير، الديكور، الفكرة والإخراج. يأتي العرض لكي يقدم لنا معاناة الشعب الفلسطيني بصورة واقعية، معبّرة وفنية. إنعاش هو عرض محوسب، تم إخراجه عن طريق السكايب، ليثبت أنه برغم العوائق والحواجز السياسية يأتي هذا العرض ليتكلم معنا جميعاً بلغة يفهمها جميع الشعوب، لغة الحركة والفن.

العرض من إخراج الفنان فادي الغول من رام الله الذي تواصل مع الراقصين والراقصات عن طريق الانترنت ليعطي ملاحظاته من خلال عدسة الكاميرا في الحواسيب النقالة في قاعات التمرين. أما الرقصات فهي من تصميم الفنانة وداد عطاالله مديرة المدرسة الأولى في المجتمع العربي للرقص المعاصر والباليه، مدرسة الأمل.

تصميم رقص: وداد عطاالله
تصميم الاضاءة: عماد متولي.
تصميم ملابس: فرقة الأمل
تنفيذ ملابس: ابتسام أبو خضرة
تصميم ديكور: مسرح سفر
تصميم بوستر: ماهر الخطيب
تنفيذ ديكور: بشار الحسونة
إدارة إنتاج: لمى فار ومحمد أبو عوقة
إدارة خشبة: ميري حاج، علا عطاالله، نور عطاالله وكلودا اسليم
موسيقى: مختارات عالمية وفادي الغول
تسجيل موسيقى: استديو ون

فكرة وإخراج: فادي الغول

أداء: دانا عبود، ديما زهران، دميانه عطاالله، أسيل قبطي، مرح زعبي، رناء لبّس، آمال عطاالله، مريان لاوم وحنا أبو حنا.

انـطـــباعــات

عبّرت مديرة جمعية الأمل للرقص المعاصر، والمدربة وداد عطاالله عن سعادتها وامتنانها لهذا الحضور الذي قالت عنه أنه حضورٌ مشرّف، وقد فاجأها، خاصةً أنّها توقعت أن يحضر نصف المشاركين على الأقل، وهذا يعني، كما قالت- أنّ الفلسطينيين في الداخل هم شعبٌ يحب الثقافة ويقدّر الفن ومن هذا المكان يكون التطوُر والتألق.

عن الفكرة قالت المدربة وداد: الفكرة هي واقع نعيشه، ليس تمامًا مثلما جاءَ في العرض المسرحي، بهذه الكثافة وبهذا التسلسل، لكن دوري كفنانة وإنسانة وفلسطينية، وعملاً بوحدة الحال بين فلسطينيي الضفة والقطاع وفلسطينيي الـ 48 وفي الشتات، هو الحال نفسه، مع اختلافاتٍ بسيطة، في طابع المكان، لكن الحال هو نفسه، والفن جَمع جميع الأطراف، وأظهر الواقع الفلسطيني الصعب الذي نعيشه جميعًا، بما في ذلك الحواجز من الطرفين، والجدار والحصار، كما هو الأمر في المسرحية، وما جرى للطفلة الفلسطينية التي عاشت مأساة الفلسطينيين أينما كانوا.

وتابعت السيدة وداد عطا الله: أنّ فادي هو صاحب الفكرة، وهو الذي وضع النقاط للعمل حيثُ ترجم حياة عادية بطريقة فنية.

وعن الحصار الفلسطيني قالت عطا الله: في الحقيقة العمل يستطيع أن يقول أنّ هناك حصار سواء في الضفة أو القطاع أو في أراضي الـ 48، بل يعطي أكثر من ذلك هي رؤية عميقة جدًا، ويمكن للمشاهِد أن يُحلل بالطريقة التي يراها من وجهة نظره هو، والواقع الذي نعيشه جميعًا هو نفس الحصار لكن بصورٍ مختلفة. العمل لم يكن سهلاً، وبين الصعوبات أنّ مشهد الحاجز الذي قام بتأديته طاقم المسرحية، تطلب من المشاركين في المسرحية، من فرقة الأمل الوقوف عدة مرات عند الحاجز، مروره، ويعيشوا معنى الحاجز وماذا يعني إذلال، وفي البداية كان على الطاقم تكرار التجربة، ليعيشوا مع الحدث، حتى وصلوا إلى مرحلة، عايشوا الواقع الصعب وظروف الاحتلال والإذلال حتى تمكنوا مِن تلقي صورة واقعية حقيقية، وهكذا بدأ الإحساس والعمل الحقيقي وليس التمثيلي على المسرح.

حول رسالة الفن، تؤكِد السيدة وداد عطا الله، أنّ الفن هو رسالة وما أريد قوله، اقوله على المسرح بطريقة فنية، فكان هو الأهم، رسالة أوصلتها بهذه الطريقة.

الرقص الحديث المعاصر والصامت كيف ذلك؟! هذا الفن والإبداع بحد ذاته، وكان بين الحضور مجموعة من ألمانيا، ولو كان العمل يتطلب التحدث بالعربية، ربما كان صعبًا على المجموعة فهم ذلك، لكن الجميل أنّ الحركة والجسد والموسيقى والفكرة والاخراج والإضاءة وكل شيء، نقل العرض المسرحي بطريقة أحبها الجمهور، فالمسرح يعطيك أن تحلق إلى المكان الذي تريده أنت.

أما المخرج فادي الغول فقال: الفكرة عمرها سنة ونصف، تخللها الكثير من البحث والتفكير والاقتراحات لكن عند لحظة البدء بالعمل استغرق سبعة شهور.

واعتبر المخرج الغول العمل بمثابة تحدٍ وقرارٌ مشترك بيني وبين الزميلة وداد عطا الله، خاصة أنني لا أستطيع أن أكون بشكلٍ دائم في الناصرة إلا من خلال تصريحٍ ولا يخرج إلا بظروف غير معروفة متى، ومتى سيكون تاريخها، لذا قررنا أن يكون لدينا تحدٍ، ونُخرج هذا العمل ليراه العالم، ونثبت للعالم كله أننا نحنُ الشعب الفلسطيني رغم الحواجز إلا أننا شعبٌ واحد، ابتركنا وابتدعنا فكرة العمل من خلال السكايب والفيديو واستخدام التكنولوجيا الحديثة وكان تواصلي مع المجموعة من خلال السكايب، كنا متخوفون، ومترددون أن أرى جميع التفاصيل كما يجب، لكن نجحنا إخراج العمل من خلال لقاءات محدودة كانت في رام الله من قبل الفرقة في مسرح سفر وأغلب الإنتاج كان عن طريق الانترنت.

وعن رأيه بالفرقة قال الغول: أنا على اطلاع على أعمال جمعية الأمل، من سنواتٍ طويلة، وتحديدًا الفنانة وداد عطا الله وأعرف نوعية الرقص الذي تقدمه، والثقافة والتربية المنحدرة منها، وهي تحمل مبادئ عالية جدًا، وأوافقها الرأي في الكثير منها، وفكريًا هناك تواصل وانسجام والأهم من ذلك أنها مدرسة وفرقة رقص معاصر بإمكانيات ومستوىً عالٍ بعيدًا عن كل ما هو معروف في بلادنا ومجتمعنا عن مفهوم الرقص المرتبط فقط بالتراث والفولكلور والدبكة، اتفق مع عملهم من خلال العمل نوصل افكار وتعابيرو ايماءات يصعب ايصالها أي راقصٍ آخر، احترم هذا العمل واقدّر الرقص الحديث التعبيري، وفرقة أمل متميزة ليس فقط في الناصرة في كل فلسطين وفي كل مكان.

وعن مشاريعهم المستقبلية قال: افتتحنا العمل في رام الله وهي مركز ثقافي ونشاط فني وأدبي كبير، ما يعني أنّ الجمهور في رام الله تعرّف على الفرقة، وسيُشارك العمل في عدة دول عربية وأجنبية، قدم العمل أيضًا في بيت لحم، وسنسافر إلى عمان وتحديدًا في مهرجان "طقوس" المسرحي، وسيكون لنا مشاركات في فرنسا، الدنمارك من خلال الجالية الفلسطينية والعربية المقيمة هناك.

مريانا قردحجي، الصف السابع، مدرسة المخلّص

أنا أنتمي لجمعية الأمل للفن المعاصر، منذ 7 سنوات، وهناك الكثير من الفعاليات التي يقيمونها، وأنا جدًا مُعجبة بالبرامج التي تُقدّم.
جئت لأرى العرض اليوم، والذي يتناول القضية الفلسطينية.

وأعرف تمامًا أنّ الفلسطينيين في الضفة والقطاع يعيشون فترة صعبة، والمسرحية جاءت لتجسّد ما يجري مِن مآسٍ هناك.

الفنانة فريال خشيبون

يهمني جدًا ما يجري من نهضةٍ فنية في الناصرة، وبالذات العرض اليوم، وهو لوداد عطا الله (ابنة أخي)، وهي مدربة الرقص، وتقيم عمل كبير في البلدة، وتثبت الفن الاستعراضي، المعاصر، على موسيقى عربية غربية، بإدخال الباليه الكلاسي والمودرني، عمل جديد ورائع، وهي فُرصة أن نوصل رسالتنا للعالم بأجمعه.

ومن أهم الرسائل التي نقوم بها هو لمس عالم الطفل، فنحنُ كفرقة سلمى نعمل على إظهار التراث العربي من خلال الرقص العربي الشعبي، بينما تعمل وداد على الرقص الكلاسي والحديث، وهو مناسب جدًا للطفل فهو الينبوع الذي يتلقى الفن الصحيح، ما يعني أنه سيكبر ويُفيد مجتمعه، وإذا علمنا أطفالنا ودربناهم كيف يستعلمون أجسامهم بصورة صحيحة، في النهاية يكسب خبرة وتراث وفن وروح نفسية، والفن الذي يُعطى كنزٌ.

لكن للأسف ينظر إلينا العالم العربي، وبنظرة غير صحيحة، وعلى الدول العربية تنحني أمام صمودنا ووجودنا هنا، وحفاظنا على التراث وعلى ما نقوم به، ولولانا لما بقي شيء لنا هنا، فوجودنا وحفاظنا على تراثنا ولغتنا ومدارسنا، ولما بقيت هذه الأرض موجودة، أعتقد أنّ هذا الأمر يحتاج منهم إلى احترامٍ وتقدير لنا أكبر، وهذا مهم لترسيخ الفن والتراث للأطفال.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]