هاني خوري إبن قرية عيلبون الجليلية، رغم ان عمره أصبح 21 عاما، لم ينسَ بعد عقاب المعلمين له وهو في الصف الثالث، حين أهمل الدراسة، لتحمل دفاتره بدل المواد التعليمية خربشات رسالته الفنية، حيث عاقبوه المعلمون باستمرار لإهماله التعليم، ورأى منذ نعومة أظفاره ان موهبة تنمو لديه، وهذه الموهبة تبحث عن رسالة من خلالها ستوصله لحدود أبعد من السماء.

إلا ان ملامح هذه الموهبة لم تتجلّ لدى الرسام والفنان هاني خوري إلا في المرحلة الثانوية حيث بدأ بتطوير نفسه وموهبته بدعم من أخته الكبيرة ووالديه ومنذئذ بدأ يتعلم فنون ومهارات الرسم والإبداع.

المرحلة الثانوية بداية البداية

يقول هاني ان مرحلة الثانوية كانت أساس الإنطلاقة لصقل موهبته في الرسم وبدا يشعر بأهمية تأطيرها داخل رسالة حتى لا تكون مجرد موهبة عبثية بل موهبة من خلالها يوصل رسالة هامة الى العالم والإنسانية جمعاء، مضيفا: " يومها لم أجد إطارا داعما لإحتضان وتنمية موهبتي الفنية ولم يكن اي دعم محلي، بل وأكثر من ذلك فإني أقول أنه لا يوجد أي إطار في البلاد لإحتضان الرسامين والموهوبين لتطوير وتنمية هذه المواهب وصقلها وخلق رسالة من خلال الإبداع وهذا واقع مؤسف في حياة الفن المحلي".

ويؤكد هاني انه انصدم كثيرا من هذا الواقع حيث تحطمت نفسيته في بداية طريقه في فن الرسم، وبدأ يتأثر سلبيا من هذا الواقع لكنه أعلن عدم الإستسلام لها الواقع وخلق من هذا الواقع تحديا كبيرا ليدخل في ظروف صعبة جديدة ليضطر التخلي عن عدد من الأصدقاء، وايضا تخلي الأصدقاء عنه ليعلن من هذا الواقع انه بداية الطريق نحو جنون الفن!.

معرض مفاتيح، يفتح أبواب الشهرة

وهاني بدأ مشواره الفني عندما أقام أول معرض لرسوماته الفنية في قاعة العودة في عيلبون، حيث عرض لأول مرة معرض "بين الواقع والخيال" وكان أول الغيث لمشواره الفني حين كان لا يزال في تعليمه الثانوي، وبعدها عرض "مفاتيح" التي لاقت استقطابا واسعا من العالم الفني.

يحدثنا هاني هذه التجربة الأولى، ليكشف لنا انه ليس موهوبا في الرسم فقط، بل يكتب الشعر ويغني ويعزف على الجيتار، فيقول: " في معرض مفاتيح الذي اقيم في 28-1-2010 بكيت على المسرح وكان أعظم شعور لدي عندما رأيت اهتماما بأعمالي الفنية وشعرت يومها بالنجاح الأول لي رغم كافة الظروف الموجودة يومئذ، ويومها بدأت ببداية الطريق نحو تحقيق الرؤيا التي نسجتها وانطلاق شخصية جديدة وهي شخصية الفنان هاني خوري". ويؤكد انه بدأ بوضع رجله على الخارطة الفنية وبناء الخارطة الخارجية الخاصة به كفنان، حيث ما يميز الفنان في هذه البلاد بأنه يبنى نجاحين، الأول هو الموهبة والثاني بناء إطار ورسالة فنية لهذه الموهبة.

ويشير هاني انه في معرض مفاتيح كتب ولحن وغنّى اغنية للمعرض وقدّمها أمام الحضور، وقرر أن يسمعنا جزءً منها بالصوت والصورة.

وعن لوحات مفاتيح قال أنه اختار المفتاح من أجل فتح الأبواب الى الفن العالمي، وهي نقلة نوعية على المستوى الفكري والعملي وتم نسجها ضمن رؤيا واضحة وضعها لتثبيت خطاه ووجوده، والعمل لخلق نقلة نوعية من الفن المحلي الى الفن القطري ومن ثم العالمي.

سئمت من مشهد البارودة والحجر

وعن مستوى فن الرسم فجّر قنبلة في تصريح خطير، حيث قال هاني انه يخلق نموذجا جديدا من الفن، الفن البعيد عن البارودة والحجر، مضيفا: "على مستوى جميع الاعمال والانواع الفنية لا نزال عالقين في فن البارودة والحجر وهذا ما أرفضه أنا، وعندما قدمت معرض مفاتيح قالوا لي ان هذا لن يفهم هنا، لكني أؤكد أنني اعتز بهويتي القومية وبهذا الصدد رسمت موناليزا العرب ووضعت الكوفية تاكيدا على هويتي لكني أبعدت البارودة عنها!". وأكد انه يحترم جميع الفنانين لكنه تعب من مشهد البارودة والحجر وآثار النكبة، فلدينا ثقافات أخرى غير ثقافة النكبة والتهجير، والنكبة لم تعد بنت اليوم، وعلينا البحث على مجالات أوسع وهذا ما ستحمله لوحة السلام!

ويسعى اليوم الفنان هاني خوري برسم لوحة السلام، لتكون أكبر لوحة فنية في العالم، فأقام جمعية سلام الفن، وتنشط في القدس. عن الجمعية قال "قمت ببناء الجمعية لأعكس رسالتي الفنية ولتشكل إطارا راعيا وداعما لها، ومن خلال الجمعية ستكتمل رسالتي من خلال لوحة السلام العالمية وهي رسالتي في الحياة، واليوم أبحث عن الجنون لإكمال طريق رسالتي!".

لوحة السلام ستجمع العالم كله

وعن لوحة السلام قال انها ستحمل كل ثقافات العالم، واختياره السلام لعمله الفني الأضخم في حياته لانه لا يوجد فن أجمل من هذا، ولا يوجد شيئ أعظم من السلام، وهي أعظم من مجرد التفكير والتضحية.

ويضيف: "حسب اعتقادي فإن المشكلة فينا هو عدم التواصل مع البشر، ونعاني من قلة المحبة ومنا من وصل الى درجة الا يحب نفسه فكيف سيحب غيره، وباعتقادي هذا هو سبب الدمار الذي وصلنا اليه، ومن خلال الفن الذي هو لغة الحوار بين العالم، فالاسرائيلي واليوناني والصومالي يفهم لغة الرسم، وبلوحتي سأوصل رسالتي الى العالم كله بلغة مشترة يفهمها كل البشر".

وأكدّ ان أمامه عمل فني ضخم جدا وأفكار لم تطرح بعد في المجتمع، وقد يلاحق عليها وقد ينتقد لكنه وصل الى مرحلة الجنون – كما قال، من أجل أداء عمله وسيعكس كل ما في العالم من ثقافات ومن ثم سينام مرتاحا لإنجازه رسالته .

واضاف: "سلم طويل أمامي وقد قطعت عدة درجات منه، قد اتعرقل لطن حدودة أبعد من السماء.. أبعد بكثير".

هذا وسيعرض هاني معرضه الثالث "لمحات" في عيلبون يوم الجمعة القادم 9-12-2011 في قاعة العودة في عيلبون بعد ان لاقى المعرض ترحاب كبير في قصر الحمراء في القدس، والمعرض سيجوب بعدها في رام الله ومناطق عديدة في البلاد والاراضي الفلسطينية.

في الصور باقة من رسوماته من معرض لمحات وايضا لوحة "مائدة السلام" المثيرة للجدل حيث رسم سياسيين يجلسون على مائدة واحدة تجمع اعضاء كنيست عربا ويهودا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]