تحدث الناشط الحقوقي والسياسي المحامي رديف مصطفى، الذي فر من بطش النظام السوري، لمراسلة موقع " بكرا "، حول معاناته وأبناء شعبه وقد نزح هو وأبناء الثلاثة للحفاظ على أرواحهم وسلامتهم من قبضة النظام السوري، تحسبًا أن لا يكونوا ضمن المفقودين أو من بين الأسرى المعتم عن مصيرهم في سجون النظام.

ويقول مصطفى: "مازال الوضع في سوريا مشحونًا، ورغم زيارة المبعوث الأممي كوفي عنان إلى دمشق الذي دعا لدعم الجهود الرامية لوقف إطلاق النار، وقد قال خلال زيارته إلى دمشق انه يشعر بقوة بدعم مجلس الأمن وتصميمه على العمل معا من أجل حل المشكلة السورية، ورغم قبول النظام السوري بمبادرة عنان، لوقف إطلاق النيران المتبادل بين الطرفين، إلا أن النظام قد خرق هذه الاتفاقية، فهو بين الحين والآخر، يقوم بإطلاق نار عشوائي، في المدن والمحافظات السورية، حمص وحماة ودير الزور، إن القتل لا زال مستمرًا حتى هذه اللحظة! لذلك لا يمكن التعويل على مهمة عنان والقتل، والقصف، والتجويع، والإهانة، جزء من يوم السورين وعلى مدى عام كامل هذا ما يعني إطالة معاناة الشعب السوري".

30 مراقب لا يكفون..!

وتعقيبًا على قرار مجلس الأمن لإرسال 30 مراقبًا دوليًا إلى سوريا، قال مصطفى إن سوريا بحاجة إلى أكثر من ثلاثين مراقبًا لمراقبة النظام وأعماله، حتى المراقبين أنفسهم هم بحاجة إلى حماية، خوفًا عليهم من أي هجوم.

يجب النظر إلى المأساة القائمة في سوريا بعين الجد، صحيح بدأنا نلتمس تغير في الرأي العام ومجلس الأمن في التعاطي مع القضية السورية، لكن خطواتهم من أجل وقف سفك الدماء وكبح جماح النظام لازالت تخطو بشكل بطيء، ما زالت المجازر قائمة وتعداد المفقودين يتصاعد، والسجون تمتلئ.
وتابع مصطفى "سوريا اليوم أصبحت سجنًا كبيرًا، والمجتمع الدولي ما زال صامتًا على الكثير من جرائم النظام الغاشم، هُناك الكثير من المواطنين السوريين في تعداد المفقودين، لا نعلم إن كانوا في السجون والزنزانات، أم متوفين، فبعد أن امتلأت السجون النظام القمعي بالمواطنين، جاء دور الملاعب والمدارس، وباتت سوريا كلها سجنًا كبيرًا".

وأكد أن حملات الاعتقالات واسعة جدًا ونشطة، مُشيرًا أن جميع هذه الاعتقالات غير قانونية، وخارج غطاء القضاء، وجميع عمليات الاختفاء قصرية، ويصل عدد الأسرى السوريين في سجون النظام إلى نحو 40 ألف أسير، تم اختطافهم بطرق عدة، لا نعرف شيئًا عنهم أو عن مصيرهم.

تعذيب الأسرى والمعتقلين

وأكد مصطفى خلال حديثه مع مراسلتنا، أن النظام لم يرحم الكبير والصغير، فمن بين المعتقلين في سجونه أطفال في الرابعة عشر من أعمارهم ودون ذلك حتى، لم يُفرق بين رجل وامرأة، بالإضافة إلى تعذيبهم بأبشع طُرق التعذيب، وأشار حسب قول شهود عيان، أن النظام يُمارس الضغط على المعتقلين ويتفنن في تعذيبهم وبشكل وحشي، ولدينا نحو 300 حالة تعذيب في السجون تم توثيقها، التي سوف نقوم في استخدامها لاحقًا. مع الأسف الوضع في سوريا " كارثة" بكل معنى الكلمة".

وفيما يخص المنظمات الحقوقية وما مساندتها ومساعدتها، قال: "جميع المنظمات والمؤسسات الحقوقية الكائنة في سوريا غير منظمة، ولم تحصل على تصريح من قبل النظام السوري، الذي اتخذها عدوة له، ويجب محاربتها، واليوم جميع أعضاءها ومنظميها إما في السجون، أو نازحين للدول المتاخمة لسوريا.

وأشار مصطفى إلى أن عدد النازحين (الداخليين) بين المحافظات والمدن السورية بلغ قرابة من مليون شخص، بالإضافة إلى وجود عددًا كبيرًا من النازحين السوريين الذين لجأوا إلى الدول الحدودية، وجميعهم يعانوا من نقص في الماء والغذاء، والمسكن، أعيد وأكرر سوريا باتت مشهدًا للأزمات الإنسانية، هي كارثة بمعنى الكلمة، تنتشر بها الأمراض والأوبئة، ومن هُنا أُناشد المجتمع الدولي، للمساهمة بشكل جدي وعملي لإيقاف هذا الوضع البائس الذي يلتف حول سوريا ويخنق مواطنيها ويكبلهم.

مصطفى: المعركة جوهرها إسقاط النظام

ويقول المحامي رديف مصطفى، إن معركتهم مع النظام الذي فرض نفسه على الشعب، وجاء بطريقة غير شرعية، والتعامل مع النظام الجمهوري، كنظام وراثة من الأب إلى الابن، نعم نحن تأثرنا بالربيع العربي، ودفعنا لإطلاق أول كلمة " لا" أمام الطاغية وحاشيته، الذين باتوا من ضمن المطلوبين للعدالة .

وأكد على مطالبهم وهي: وقف إطلاق النيران، وسحب الجيش من المحافظات والمدن السورية، وإسقاط النظام، وبناء نظام ديمقراطي جديد، وإحالة المطلوبين إلى المحاكمة، ومن بينهم رؤوس النظام وعددهم 75 مطلوب، و" تقديمهم سيكون مرفقًا مع أدلة موثقة تدينهم، والسيادة للشعب، وهو من يختار، وليس للنظام الذي فقد شرعيته، وهي شرعية زائفة، ورثها الابن عن الأب، وإعادة اللحمة السورية.

رد على كل من يتهمهم بالمتآمرين ..

وعن التأمر على سوريا، قال مصطفى، إن هذا ما يزعمه النظام الطاغي، من أجل الدفاع عن نفسه ليمنح نفسه الشرعية في محاربتنا، لسنا متآمرين أو مندسين، نحن نحارب الذل والطغيان، وآن الأوان لأن نكون أحرارًا".

وشدد في ختام حديثه على، أن الشعب السوري هو المقاوم والممانع وهم فدوا أنفسهم وكان ذلك على حساب أرواحهم، أولادهم وقوتهم، وليس النظام البعثي، الذي سياسته دائمًا فرق تسد، منذ عامي 71-73، لم يعمل النظام السوري شيئًا من أجل الجولان، كان يعمل حظرًا على " العصفور" من الاقتراب إلى الحدود السورية الإسرائيلية، فكيف للمواطنين الذين يحاربون من أجل تحرير شبرٍ في الجولان.

وفي القضية الفلسطينية، لم ينس يومًا الشعب الفلسطيني معركة تل الزعتر التي راح ضحيتها عشرات الفلسطينيين وكانت بتوقيع النظام.

إن النظام البعثي عبث في لبنان، وكان جزءً لا يتجزء من الحرب الأهلية في لبنان، وحرب الطوائف فيها، كل المناداة من أجل حرية فلسطين والشعب اللبناني لم تكن أكثر من مقولات ورفع شعارات، مظاهر وليس أكثر، هم النظام الوحيد لم يكن أكثر من أن يُحافظ على كرسيه.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]