مؤلم هو المشهد، أن ترى طفلا بالكاد خطى بعض الخطى، ليجد نفسه أمام مرض عُضال معروف، ولعله من المؤلم أكثر أن يكون الدم ينزف من شرج الطفل بشكل لا يتوقف والسبب غير معروف حتى اللأطباء، لا في غزة "بلد الطفل سائد" ولا في مستشفيات إسرائيل، والسبب (قد يكون قد يكون) في رمضان!

لعلك لا تقرأ التقرير كاملا، لذلك أبلغك من أوّله أن سائد وأمه بحاجة لمساعدة.. لنخفف من ألم الأم، ولعلنا نستطيع أن نرسم الفرحة على وجه الطفل.

لمساعدة الطفل التواصل مع موقع "بكرا" كي نرتب لمن يريد مساعدة الطفل عن طريق مساعدته أو عن طريق إرسال بعض الأغراض معنا، التواصل على الهاتف التالي: 04.6452191

شعر سائد بأوجاعٍ مخيفة في بطنه وأخذ بالصراخ

أمضى سائد أكثر من شهر، في ذهابه وإيابه من غزة إلى تل أبيب، وللمرة الثانية يتلقى علاجًا، على أملِ توقفِ نزيف الدماء، لكنّ العلاج لم يشفِه حتى اليوم. وتعيش عائلة بلال من قطاع غزة، في وضعٍ اجتماعيٍ واقتصاديٍ صعب، فالوالد فواز بلال (30 عامًا)، يعمل في مهنة الخياطة، لكنه لم ينجح في استقطاب عددٍ كبيرٍ من الزبائن، الذي يصعّب عليه إعالة طفليْن، سائد (3 سنوات)، وشقيقه الذي يبلغ من العمر سنة ونصف، علمًا أنّ العائلة تسكن بالإيجار، وفي البيت يقيم أيضًا الحاج أبو فواز.

كانت الحالُ ميسورة، ماديًا لم يكن كل شيءٍ على ما يُرام، لكنّ الأوضاع الصحية على الأقل هادئة، قبل أن يشعر الطفل سائد بأوجاعٍ في البطن، لتكون هذه بداية الرحلة المرضية مِن غزة إلى تل أبيب. وحين شعر سائد بأوجاعٍ مخيفة في بطنه وأخذ بالصراخ، هرع به أهله إلى مستشفى غزة الأوروبي، فأجريت له عملية الزائدة، لكنه بعد يومين افاق مِن أوجاع العملية، وإذا بِه ينزف دمًا. توجهت العائلة ساعتها إلى الطبيب، فعاد بعد ساعة وكانت نسبة الهيمغلوبين في الدم قد وصلت الى 5، بعد أن كانت تتجاوز الـ 13.

مكث سائد في المستشفى اسبوعًا كاملاً، وأثناء العلاج تبيّن أنّ الولد بحاجة إلى عملية استكشاف (بالمنظار)، وبعدها أجريت له عملية جراحية لإعلاق مكان الجرح، لكن حالته ساءت فعاد الأطباء لإجراء عملية جراحية أخرى، وإذا بالطبيب (م. أبو هـ)، يقوم باستئصال الأمعاء الغليظة "القولون" (من ناحية الشمال)، وعند خروج الجرّاح المختص بالأطفال، وجه كلامه للوالدة: "ادعي الله أن يكون كل شيء على ما يُرام"، علمًا أنه لم يمضِ على عمله في جراحة الأطفال أكثر من شهرين، وهي أول عملية يجريها لطفلٍ خلال قيامه بممارسة مهنة الطب.

أعاده الأطباء إلى غرفة العناية المركّزة

ولمّا لم تتحسن حالة سائد، بعد عمليتين متتاليتين استغرقت أكثر من ثماني ساعات، أعاده الأطباء إلى غرفة العناية المركّزة. وزاد تدهور حالته الصحية، حتى ارتفعت نبضات قلبه إلى 350 و400، كاد ينهار تمامًا، وانخفضت نسبة الدم (الهيموغلبين إلى 3 درجات)، الأمر الذي دفع العائلة لطلب تحويله بصورة عاجلة إلى المستشفيات في إسرائيل. تقول الوالدة: "دخل الطفل وهو يزن 14 كيلو، وخرج بوزنٍ يقل عن 9 كيلو، وفي مستشفى شنايدر مكث 11 يومًا، حيثُ اجريت له عدة فحوصات حول حالته، وأسبابه، ثم عاد إلى غزة، بعد إجراء فحص منظار لاستبيان حالته، وأثناء مكوثه في البيت عاد لينزف في اليوم الثاني". وتتألم الوالدة لأوجاع ابنها المستمرة منذ ثلاثة أشهر، مؤكدة أنّ هناك تحسنًا ما يطرأ على حالته، لكنه تحسنٌ طفيف.
وتقول: عندما عاد الى البيت، ذهبنا به الى المستشفى الاوروبي في غزة لإيقاف النزيف، علمًا أنّ ثمن الإبرة التي تُعطى له هي 120 شيكل، في ظل ظروفٍ اقتصادية صعبة، فوالده يعمل في مهنة الخياطة، وهذا العمل نسبي، وموسمي. ثم حولتنا السلطة الفلسطينية للمرة الثانية، بعد ستة أيام، إلى المستشفيات الاسرائيلية، رغم أنّ تنفيذ الأمر، يأخذُ وقتًا طويلاً، حيثُ يتم ارسالنا عبر سيارة الاسعاف، لكنّ خلال السفر ليس هناك مِن ممرضٍ مختص، يرافق حالة طفلي. وقد تمّ تحذيرنا أنّها المرة الأخيرة التي يتم تحويلنا الى مستشفى شنادير، وأنّ علينا استكمال العلاج بشكلٍ نهائي.

صراخٌ شديد وخوفٌ وقلق

وفي مستشفى شنايدر، يقوم طاقم الأطباء بفحص حالة الطفل، ومراقبة تقدمه الصحي، لكنّ النزيف الذي يرافق (البراز) لا زالَ مستمرًا، الأمر الذي يُحيّر طاقم الأطباء، الذين يبحثون له عن علاجٍ دائم، علمًا أنّ المستشفى يقوم بتقديم الأدوية للطفل قبل عودته إلى غزة.
ولا زال سائد يُزوّد بالمحلول، فهو لا يرضى بتناول الأكل، بسبب أوجاعه المستمرة، آخر علاجٍ تلقاه الطفل، الذي وصل الى المستشفى قبل أكثر من شهر، علاج "الامبرازول- مضاد حيوي"، وقبلها أجري له منظار، ليتبين أنّ هناك التهابًا في القولون، بسبب الديجلوبين (الدمامل)، إضافة إلى وجود التهابين (تقرحات) في الأمعاء، وسيُضطر الأطباء إلى إجراء عملية للمعدة والقولون.

تقول الوالدة: "لأنني والدته ومرافقته، أشعر كم هو وضع سائد صعبٌ، رغم أنه طفلٌ ذكي ويُحب اللعب، فرغم طفولته تجده احيانًا ينتصر على مرضه بالضحكة، وكلما أراد (التبرز) يُصاب بأوجاعٍ تكون نتيجتها صراخٌ شديد وخوفٌ وقلق، خاصةً أنّ النزيف لا يتوقف".
تضيف ام سائد: "لا يمكننا ايقاف علاجه، علمنا أنّ العلاج الشهري لا يقل عن 300 شيكل ثمن إبر على الأقل، حتى مصروف السفر لا نحصل عليه، وقد تركتُ خلفي دينًا بـ 1500 شيكل، أثناء علاجات سائد، لكنّ الأمل برب العباد كبيرٌ".

يحتاجون إلى دعمٍ متواصل

وتقول منار أبو بكر، وهي طالبة تمريض ، أنّ العوائل القادمة من الضفة الغربية وقطاع غزة، تمر بحالاتٍ مرضية واقتصادية صعبة للغاية، وهم يحتاجون إلى دعمٍ متواصل، لأنّ علاجاتهم تستغرق وقتًا طويلاً، وكلُ مساعدةٍ بإمكانها أن تخفف مِن جراحهم وأوجاعهم اليومية القاسية.
وترى أبو بكر أنّ الوضع الصحي والاقتصادي الصعب، خاصة في قطاع غزة، هو سببٌ رئيسي في تدهور حالة الأطفال، خاصة الذين يعانون من أمراضٍ صعبة أو خطيرة، وهؤلاء الأطفال هم بأمّس الحاجة الى نظرةٍ حُبٍ وعطفٍ وشفقة لأنّ تعلقهم بالحياة تزيده نظرةُ إحسانٍ واحترامٍ مِن أصحاب الضمائر.

للتواصل مع العائلة والتبرع ودعمها يمكن الاتصال على هاتف موقع بكرا 046452191

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]