تشهد هذه الأيام الذكرى الـ67 للنكبة الفلسطينية، والتي على أثرها تشرد الاف الفلسطينيين من بيوتهم ليجدوا انفسهم لاجئين في ارض ووطن ليس لهم، تاركين بيوتهم وممتلكاتهم، لتبدأ رحلة جديدة للفلسطيني يسير فيها بطريق المعاناة والحسرة والألم.

وعن حكاية النكبة وما عاشه الشعب الفلسطيني آنذاك، لنا مشوار لا نعرف نهاية طريقه، لنجد انفسنا امام كلمات بالكاد تخرج من افواه شيوخ ما زالت اثار الحسرة والبكاء على الاطلال تسطّر حروف الحكاية راسمين فيها مفتاح العودة يتناقلها جيلا بعد جيل.

وهذا حال الزوجين المسنين من قرية دير حنا، مثلث يوم الأرض، الذين عاشوا احداث النكبة وما زالت حكايتها صورة تعلقت على جدران أملهم بالعودة ذات يوم .

باعتنا سماسرة الأراضي 

الحاجة امنة مصطفى أبو الحوف ابنة الـ83 عاما من دير حنا تبدأ حكايتها ما قبل النكبة، حين كانت شابة تعيش بين أهلها وعلى ارضها فلسطين، حتى جاء ذاك الوحش الإسرائيلي وبدأ يدخل بيتا تلوى الاخر ويحتل ارضا تلوى الأخرى على مرأى ومسمع العالم الذي انتابه الصمت ليقف امام تهجير الشعب الفلسطيني عاجز الفكر والحراك .

الحاجة امنة وبين كلماتها التي تكاد تخرج من حلقها قالت: رغم بساطة الحياة التي كنا نعيشها ورغم القلة، الا اننا لم نجد يوما من يقلق راحتنا، لم نكن نسمع عن قتل هنا وهناك بصورة عشوائية دون من يحاسب على ذلك، كنا نعيش كعائلة واحدة كبيت واحد، حتى جاء كابوس الاحتلال ليوقظنا من حلم لم نرغب ان نصحوا على واقع لم نتوقعه.

وتابعت الحاجة امنه: دخلوا علينا من طرف متسللين بحافلات من بلاد العالم متخذين من بيوتنا مأوا لهم ومن محصولنا طعاما لهم، احتلوا ارضنا بدعم المتآمرين من الذين اعتبروا انفسهم قادة بلادنا وبمقابل مناصب مؤقته، حتى اننا لم نجد انفسنا سوى وسط احتلال استغل قوته لاحتلالنا وطردنا من بيوتنا حاملين مفتاح عودتنا في طريق الرحيل .

أخترت طريق النضال 

اما الحاج فضيل حسين أبو الحوف 93 عاما زوج الحاجة امنة وبكلماته التي تخرج مع أنفاسه المتعبة والمنهمكة قال: كنت اعمل يومها في احدى الثكنات العسكرية الإنجليزية ما قبل دخول اليهود، وكنت حينها رجلا شجاعا يعتمد عليه في كل الأمور، لم اكن أتوقع يومها ان ارضا ستباع بلا ثمن من قبل سماسرة الأراضي والمتخاذلين العرب مقابل مناصب مزيفة حرمتنا تاريخنا وارضنا وكرامتنا.

وتابع الحاج أبو الحوف قائلا: كان لدي توقعات ان يوما من الأيام سيكون هناك خطر سيزور بلادنا وبيده هدية الغدر والقتل والدم والاحتلال، لذلك اخترت طريق النضال والمقاومة على ان أكون خادم جلّادي كما فعل الكثيرين من بلادنا مقابل مناصب زائفة، حينها حملت روحي على كفي وانضممت الى صفوف المقاومة التي لم يكن بيدها سلاحا سوى الخنجر والحجر والمعوَل.

وأضاف: في بداية دخولهم الى ارضنا متسللين كنا نهاجم حافلاتهم بالحجارة لطردهم واخراجهم الى حيث جاؤوا , ولكن في بعض الأحيان كانوا كثر لم نستطع التغلب عليهم والبعض الاخر كنا نهزمهم ونخرجهم خائفين مذعورين، الى حين دخلوا جيشا محتلا بكامل أسلحته وعتاده ومتآمرا مع الخونة الذين باعوا ارضنا ليقتحموا بيوتنا وارضنا وتصبح وطنهم الذي ننتظر العودة اليه حتى اليوم حاملين مفتاح الصبر تتوارثه الأجيال . 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]