في ظل ما يحدث من انتهاكات للمسجد الأقصى واقتحامات وتدنيس من قبل المستوطنين، الى جانب الاعتداءات المتكررة على الفلسطنينيين المرابطين في القدس، وقتل واعتقال عدة فلسطينيين خلال المواجهات مع الجيش الإسرائيلي والشرطة في الأراضي المحتلة، تلوح في الأفق بوادر انتفاضة جديدة، خاصة وان الاحداث في تفاقم، والأوضاع تزداد سوءً يوما بعد يوم ويرتفع معها عدد الشهداء من الجانب الفلسطيني.

ومما يرجح وقوع انتفاضة جديدة، وقوع احداث مشابهة سابقة قد فجرتها سياسات إسرائيلية متطرفة مثل انتفاضة 2000 التي اشعل فتيلها ارئيل شارون بعد دخوله الأقصى، إضافة الى انتفاض الشعب الفلسطيني في الداخل ومساندتهم لاهلهم وشعبهم في الاراض المحتلة ودفاعهم عن الأقصى من خلال مظاهرات وتظاهرات واشتباكات مع الشرطة التي تعمل على استفزاز المتظاهرين وتطلق بعدها حملة اعتقالات.

"بكرا" بدوره طرح جانبا من القضية حيث توجه الى عددٍ من القياديين وسألهم عن إمكانية حدوث انتفاضة ثالثة، وعن إمكانية تدارك الموضوع عبر قنوات الحوار. 

احمد ناطور: حاول شارون اقتحام الأقصى ففجر انتفاضة وها هو الان يأتي ارعن اخر ليفجرها مرة أخرى

سماحة القاضي احمد ناطور عقب لـ"بكرا" في هذا السياق قائلا: ان هذه السياسة الغاشمة التي تنتهجها قيادة إسرائيل ستؤدي حتما الى انتفاضة، فهذا الهجوم الاستيطاني الارعن على الأقصى الشريف بمساندة الجيش ليس له نتيجة غير التصادم الوجاهي العارم. لان اهل فلسطين، شيبا وشبابا نساء ورجالا، لن يسلموا بتدنيس الأقصى الشريف باقدام الهمجية النجس. ثم إزاء الممارسات الهمجية التي يظهر بها افراد الجيش وشرطة الحدود وهم ينتهكون اعراض النساء ويضربون الرجال بوقاحة لم يسبقها التاريخ هي من قبيل التفكير المبيت بدفع الناس نحو الحائط وكانهم يقولون لهم لا بد لكم من الخنوع او الانفجار.

وتابع: بين الفينة والأخرى يأتي مجنون مناوب ليفجر الأوضاع وليوقظ الناس على حقيقة ان الاحتلال يجب ان يزول وان سياسة إسرائيل المتعاقبة تشكل خطرا حقيقيا على الأماكن المقدسة وخاصة على الأقصى الشريف مع انهم يعلمون تماما انه حدث العيون لدى كل مسلم على كرة الأرض. لقد حاول شارون اقتحام الأقصى ففجر انتفاضة وها هو الان يأتي ارعن اخر ليفجرها مرة أخرى. الغريب في الامر ان المجتمع الإسرائيلي مغيب تماما عما يفعله باسمه قادته ومندوبيه، وكان الامر لا يعنيه وكان الاحتلال صار جزءً من حياته حتى صارت الدولة ملكا لمستوطنين مهووسين ليس فيهم رجل رشيد ينهى الغاوين عن غيهم.

واسهب ناطور لـ"بكرا": من ناحية أخرى لا اخفي انني لا افهم كيف استطاعت إسرائيل باقناع القيادة الفلسطينية أولا والعرب ثانيا والعالم ثالثا ان حل القضية الفلسطينية وزوال الاحتلال لا يكون الا من خلال التفاوض بينهما، مع ان هناك قرارات دولية صادرة باسم المجتمع الدولي تقضي بلزوم انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، لماذا تطبق القرارات الدولية قسرا على دول العالم ولا تطبق على إسرائيل وتحال هذه القرارات الى مفاوضات فيوافق على ذلك قادة السلطة وقادة العرب اجمعين، ثم جاءت القمة الأخرى وهي ما يسمى العملية السلمية التي في ظلها استطاعت اسرئيل ابتلاع معظم مساحة الأرض المحتلة باستيطان شرس بما في ذلك القدس الشريف، فان حدث وان شجب افعالها احد تقوم عليه القيامة بحجة انه يضر بالعملية السلمية. كنا نتوقع ممن يمثل هذا الشعب ان يعلن ان هذه الكذبة قد وصلت حدها وان المفاوضات ما كانت الا للتغطية على عملية التهويد والاستيطان مع ان نتنياهو قالها بحملته الانتخابية بانه لا ينوي التسليم بإقامة دولة فلسطينية.

واختتم قائلا: لقد خاب املنا جميعا من خطاب الرئيس حيث انه لم يقو على اعلان حل سلطته والاستقالة منها وإلغاء الاتفاقيات التي لا تنفذ من قبل إسرائيل أصلا.

نضال عثمان: مجموعات يمينية متطرفة هدفها الضغط على الحكومة بالعدول والرجوع عن المسار التفاوضي

بدوره المحامي نضال عثمان مدير الائتلاف لمناهضة العنصرية في اسرائيل كان له رأيا مغايرًا حيث اكد لـ"بكرا" بان الحديث لا يدور حول انتفاضة، وانما احداث تفجرت من قبل جهات معينة لمنع اتفاقيات ومفاوضات تسوية سياسيّة غير معلنة حيث قال: منذ سنوات نعلم أنه وفي كل مرحلة يكون فيها توجه دوليّ للضغط على إسرائيل بالذهاب لمسار سياسي تفاوضي يتم اختلاق احداث ومواجهات بالشارع الفلسطيني عامة وبالقدس خاصةً، التي هي مركز الخلاف والصراع. وبناءً عليه، في هذه المرحلة، كل محاولة اقتحام واقحام المسجد الأقصى هدفها تأجيج الصراع من قبل مجموعات يمينية متطرفة تحول دون موافقة الحكومة على الذهاب لتلك الخيارات المطروحة من الأسرة الدوليّة.

وأوضح عثمان لـ"بكرا" قائلا: عادة هناك مسارات تفاوضية معلنة وهناك مسارات تفاوضية تحاول جهات إخفائها عن الجمهور يتم من خلالها طرح تسويات سياسيّة بصورة جدية. في الآونة الأخيرة دعا رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الفلسطيني إلى العودة لمسار المفاوضات، لكن على ما يبدو، هذه الدعوة العلنية، والتي ايضًا لم تكن جدية حيث من الواضح أن نتنياهو يقوم بتأجيج الشارع اليهودي، ليست السبب الرئيسي لخلق المواجهات، فعلى ما يبدو هنالك محادثات سرية جدية اكثر.

وأشار عثمان الى ان ما يحدث الان من صراع ومواجهات في القدس والضفة يخدم أيضا قيادات فلسطينية رافضة للحل السياسي والتسوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ورافضة لاتفاقيات السلام ومسار المفاوضات ككل.

وعن إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة عقب قائلا: اعتقد اننا نتحدث عن احداث وليس انتفاضة حيث تحاول أوساط في اليمين الإسرائيلي ان تمنع اتفاقية غير معلنة كما أسلفت ولسنا بصدد انتفاضة ثالثة، ما يحدث هو تضامن ودعم من مجموعات مختلفة واقلية فلسطينية في الداخل وحقنا ان نعبر عن رأينا ضد الممارسات التي تتم تجاه شعبنا، وانا ادعو لجنة المتابعة والأحزاب السياسية ان تأخذ دورها المنظم والقائد ولا تترك الساحة لمجموعة لا تملك الامكانية ان تقود مسارا يحفظ سلامة وامن شبابنا في الداخل.

كما تطرق عثمان في حديثه لـ"بكرا" الى وضع الجماهير العربية في الداخل حيث تشهد المنطقة مظاهرات وتظاهرات احتجاجية تعقبها مشاحنات ومواجهات مع الشرطة واعتقال العديد من المتظاهرين قائلا: واضح ان الجماهير العربية في إسرائيل هي جزء من الشعب الفلسطيني وليس لدينا الخيار بان لا نتفاعل مع معاناة شعبنا بالقدس والأراضي المحتلة، نحن أبناء الشعب الفلسطيني وبنفس الوقت مواطنين في إسرائيل علينا ان نتخذ الخطوات احتجاجية التي تلائم مكانتنا بهذه الدولة وكل الظروف التي نخضع لها عندما نساند شعبنا مع نضاله ويجب ان نعرف ان نأثر على الجمهور الإسرائيلي في البلاد وان نفيد شعبنا.

ونوه: الاحداث لا بد ان تأثر على التوجهات ضدنا من قبل الجمهور اليهودي والسلطة بما يتعلق بالتعبير عن راينا ومشاركة شعبنا آلامه، حيث ان ذلك يجعل الأغلبية اليهودية تنظر الينا باننا لسنا جزء من الدولة علما ان فلسطينيتنا تعلو على كوننا مواطنين في دولة إسرائيل ولا يمكن ان لا نشارك شعبنا الفلسطيني في الامه ومظاهراته وتوجهاته، ولكن مع الاخذ بعين الاعتبار خاصية مكانتنا وحدود إمكانية تحركنا السياسي المدروس وليس العبثي.

ثابت أبو راس: السبب فيما يحصل الان هو انعدام القيادة في المجتمع الاسرائيلي

من ناحيته البروفيسور ثابت أبو راس قال لـ"بكرا":انا لا اعتقد اننا على أبواب انتفاضة جديدة، لا شك ان الأوضاع مقلقة جدا ولكننا لم نصل الى احداث عنف وتوتر كما كان الوضع وقت الحرب على غزة قبل عام ونصف، في حين ان الوضع مقلق لأننا هذه المرة نفتقد الى القيادة في المجتمع الإسرائيلي الذي بدوره يتصرف بدون قيادة او ان وظيفة القيادة اصبحت تتلخص في التحريض على الأقلية الفلسطينية في إسرائيل ونرى ذلك من خلال تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزراء اخرين؛ منها تصريحات تدعو الى سحب المواطنة من المواطنين العرب ومقاطعة المصالح التجارية العربية كما دعا قائد شرطة يهودي الى حمل السلاح.

واستمر موضحا: تعميم ثقافة الخوف وسياسة التخويف من العرب لا تخدم الأوضاع وعلى الأكثرية اليهودية ان تعلم انه لنا الحق الأساسي في التواصل مع شعبنا الفلسطيني، والقضية الجوهرية هي استمرار الاحتلال وغول الاستيطان وتوسعه، المرحلة الجديدة هي خطيرة جدا لان الصراع تعدى المواطنين العرب والشرطة الى صراع بين مواطنين يهود وعرب حيث انه من الممكن ان ندخل في بوابة حرب أهلية كبلدان أخرى.

واختتم قائلا: يجب ان نتعلم ان غياب القوى المركزية والقيادة التي تؤمن الأمان للاقلية ممكن ان تخرج الأقلية إلى الشارع مطالبة بالدفاع عن نفسها لذا على الحكومة الإسرائيلية الكف عن التحريض ضد المواطنين حيث ان هذه التحريضات ممكن ان تمارس على ارض الواقع.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]