أكد عدد من القاطنين في "واحة السلام"، وهي الواحة العربية الإسرائيلية المشتركة التي تضم فلسطينيين وإسرائيليين يعيشون سويا في قريتهم التي تقع غرب مدينة القدس، أن الاحداث التي تجري حاليا في الضفة الغربية وإسرائيل من أعمال عنف وهجمات بالسكاكين وإعدامات يتعرض لها الفلسطينيون على أيدي الجيش الإسرائيلي، يجب أن تدفع العقلاء في الشعبين للعمل أكثر من أجل التعايش بين الجانبين وخلق مستقبل أفضل لهما.

وواحة السلام، قرية صغيرة اقيمت في سبعينيات القرن الماضي تقع على سفح رابية في منتصف الطريق ما بين القدس وتل أبيب، ويسكنها مناصفة عرب فلسطينيون يحملون الجنسية الإسرائيلية ويهود يؤمنون بالعيش المشترك والحياة الكريمة مع الاخر.

مراسل موقع "بكرا" تجول في واحدة السلام، وتحدث إلى عدد من الأشخاص هناك، حيث كان جل السكان منهمكين في قطف الزيتون وتقليم الأشجار، وتطرقوا في حديثهم إلى ما يجري في البلاد، والتصريحات العنصرية الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية.

وفي هذا السياق، قال بوب مارك وهو من سكان قرية "واحة السلام"، ان الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد وخاصة مدينة القدس، تعزز ايماننا اكثر بالتعايش المشترك واحترام الاخر.

وأضاف مارك في حديث لمراسل "بكرا": الأوضاع لا تؤثر بشكل كبير على سكان الواحة رغم أنها حاضرة على الدوام بينهم، فالواحة بلدة أقيمت في السبعينات من القرن الماضي على أساس التعايش المشترك، ونحن نحافظ على هذا المبدأ في كل الاحوال، ولا نتأثر بما يجري خارج القرية، رغم أنني لم أكن أتوقع أن تصل البلاد إلى هذه الأوقات الصعبة.

وتابع بوب قائلا: استمع الى اصدقائي العرب من خارج الواحة وقلبي ينفطر لتخوفهم من التحريض والهجمة الشرسة التي يشنها اليمين المتطرف، بالمقابل استمع الى بعض الاصدقاء اليهود من خارج الواحة الذين يصفون حالة الخوف من العرب، وانا على يقين انها افكار مسبقة لا وجود لها هنا في الواحة.

وختم مارك: هذه الحالة التي تعيشها البلاد تؤكد صدق موقفنا وفكرنا في العيش المشترك واحترام الاخر، وتعزز ايماننا اكثر في الاستمرار والتأثير على الاخرين بهذا الموقف

اطفال الواحة عائلة واحدة

إلى ذلك، قالت كرميلا فيربر مديرة المدرسة الابتدائية في الواحة إن الطلاب لا يشعرون بحالة التوتر كما يشعر بها الكبار، ونحن بطبيعة الحال لا يمكننا أن نكون بعيدين عن ما يجري في البلاد، لكننا لا ندخل في التفاصيل مع الاطفال، ودائما نحاول جس نبض الطلاب الصغار بما يشعرون بشكل يومي.

وتابعت: الطلاب هم اكثر من زملاء لمقاعد الدراسة، وتربطهم علاقة صداقة متينة وكأنهم عائلة واحدة، لذلك كل الاحداث والتوترات في الدولة بعيدة عنهم فكرا وواقعا.

إلى ذلك، قالت كيرن وهي والدة لطفلة تدرس في الواحة: ابنتي لها العديد من الاصدقاء والصديقات العرب، ودراسة أبنتي هنا تؤكد بالمطلق أننا نؤمن بالتعايش المشترك، لذلك اجتهدنا أن تكون ابنتنا هنا لتدرس في مدرسة ثنائية اللغة عن قرب على الاخر، وهذا ما اكدته ابنتها نوجا..

اما اياس شبيطة وهو من أوائل السكان في الواحة فقال: حالة التوتر نلمسها طيلة الوقت، فقد مررنا بعدة حروب ومواجهات بين اسرائيل والدول العربية والتنظيمات الفلسطينية خلال عقود ماضية اثناء وجودنا في الواحة، ولا اعتقد ان المواجهة الحالية هي الاصعب، وفي نفس الوقت يمكن القول ان حالة التوتر العامة في البلاد لا تنعكس على حياتنا اليومية في الواحة ،فهذه القرية بمثابة عائلة واحدة.

التوتر والاوضاع الراهنة تنعكس على الواحة ولو بالقليل


بدورها، فقد قالت سماح سلايمة– اغبارية وهي من سكان الواحة: كل ازمة نمر بها، كل انتفاضة او مواجهة مع غزة تعرض مشروع التعايش لخطر، فعندما اقيمت هذه القرية قبل اربعين عاما كانت الفكرة ان الاحتلال سيزول قريبا، واقامة الدولة الفلسطينية قاب قوسين أو أدنى.

وأضافت أن العائلات في الواحة تتعرض لأزمات نفسية جراء الاحداث، بخاصة في مثل هذه الايام الصعبة، علما ان اهالي القرية على الخارطة السياسية مختلفون عن معظم شرائح المجموعات اليهودية في الدولة والرأي العام الاسرائيلي، ولكن بشكل عام يمكن القول أن الحياة اليومية في الواحة لا تتأثر بحالة بالتصعيد والحالة الراهنة، والدليل قيامنا اليوم بفعاليات قطف الزيتون حيث يشارك فيها كل اهالي الواحة وعدد من المتطوعين من خارجها. وختمت : "الواحة اشبه بنقطة ماء حلوة في بحر مالح".

أيدلونب: أتمنى أن تنعكس حالة الواحة على البلاد وليس العكس

اما استير ايدلونب فقالت: لا يمكن القول اننا نمر بحالة من التوتر في الواحة كسائر البلاد، لكن عندما تنفجر الاوضاع نشعر ان الامل يبتعد أكثر في الحل السلمي بين الشعبين، فقد رفعنا علم فلسطين عندما في ايام كان هذا الامر مخالفا للقانون، وكنا وما زلنا نؤمن ان الحل يكمن في اقامة الدولتان جنبا الى جنب، لكن للأسف الواقع العام يبدو صعبا اكثر من ذي قبل، والتطرف بازدياد.

وأضافت: كنت اتمنى ان تنعكس حالة هذه الواحة التي تعيش بسلام ووئام على الحالة العامة في البلاد، فقد اخترنا العيش في هذه القرية لإيماننا بالعيش المشترك، ولو كان بإمكاني التأثير على القرار السياسي في البلاد لوجدت الحل في العيش الكريم والحر لأبناء الشعبين الاسرائيلي والفلسطيني. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]