تعالت الأصوات وظهرت ردود فعل غاضبة في الشارع العربي، وخصوصا لدى شريحة النساء والفتيات في مجتمعنا، بعد حادثة مقتل المربية سهى منصور.

في هذا السياق، ونظرًا لعدد الضحايا المتزايد من النساء، تحدث مراسلنا الى عددٍ من الفتيات اللاتي عبرن عن غضبهن من االعنف المستشري بمجتمعنا العربي بشكل عام والموجه ضد النساء بوجه خاص. 

العنف في البيت 

يارا حمود من قرية مجد كروم قالت لـ "بكرا": للأسف بدأنا ننظر الى ظاهرة العنف ضد النساء على انها ظاهرة أقل أهمية، أي قضية مجتمعية أخرى، لذلك لم نتعامل مع حادثة على انها حدث خطير، وهذا قد يتسبب بأنهار امة بأسرها. للأسف بدأنا نشعر اليوم ان التهديد قد يطال اية فتاة عربية لمجرد انها ارادت ان تثبت نفسها وان تعيش بكامل ارادتها. 

وأضافت: النساء العربيات يتعرضن بشكل يومي للعنف، ان كان داخل البيت او في العمل او في الجامعة او في المدرسة او حتى في الشارع ، ويتعاملون مع المرأة على انها أداة لإشباع الغرائز الجنسية وان وجودها فقط في جسدها ، والامر المقلق للأسف انه ليس هناك من ينظر للقضية على انها مأساة وانها ظاهرة مجتمعية خطيرة .

وقالت: غالبية الاعتداء على النساء تأتي من داخل البيت (الشرقي التقليدي) نفسه ، فالأب يفرض قوته والاخ يفرض شخصيته وشرعيته في اتخاذ القرارات وخوصا فيما يتعلق بشؤون اخواته الفتيات فتصبح السلطة ذكورية داخل البيت، ومنها تصبح التدخلات في شون الفتاة اكثر حازمة وصارمة مما يقيد حريتها في اتخاذ قراراتها او حتى حرمانها من الأمور التي تريدها لنفسها .

وتابعت: من الصعب ان تعيش المرأة في بيئة لا تمنحها الحرية او الثقة ، فذلك أيضا سيكون له الدور في محاصرتها نفسيا ويخلق في داخلها نوع من الكبت الذي سينعكس فيما بعد على تصرّفها وتعاملها مع ابسط الأمور في الحياة ، فتنتقل بذلك الى حياتها الأخرى حتى بعد الزواج حين يقابلها رجل هو الاخر ممن يفرضون سيطرتهم داخل البيت ، وبالتالي تبدأ الفتاة تشعر بنوع من الندم لأنها خلقت انثى ، نأسف لقلة التوعية داخل البيوت وتربية الأبناء على مساواة الرجل بالمرأة وانه كما يحق للأبن يحق للبنت ، وان للفتاه الحرية كما هي للشاب ، فقل ما نجد بيوتا في مجتمعنا تحترم المرأة وتربي أجيالا تقبل تحترم للمرأة حريتها .

قمع الصورة الجديدة للمرأة الحضارية

بدورها قالت دعاء ذياب أبو الهيجا من مدينة طمرة: العنف بشكل عام والعنف اتجاه المرأة بشكل خاص هو افة تواجه مجتمعنا العربي، علينا محاربتها ودحض مسبباتها بجميع الوسائل الممكنة. العنف ضد النساء وقضايا القتل على قضية ما يسمى بشرف العائلة هو جريمة نرتكبها بحق انفسنا كمجتمع عربي واقلية داخل دولة اسرائيل.

وقالت دعاء: للأسف مجتمعنا ذكوري، ظالم، قاهر للنساء وحقوقهن الانسانية. العنف وقتل النساء يوجه لهن فقط لكونهن اناث، فقط لان المجتمع الذكوري يريد قمع النساء وتحجيم امكانياتهن العلمية والعملية، فتقتل النساء لأجل قمع الصورة الجديدة للمرأة الحضارية، المنفتحة، العاملة، المتعلمة، المنجزة التي نجحت اثبات نفسها بمجالات عديدة والتفوق على قدرات الرجال ايضا بكثير من المجالات العلمية والعملية، فعلى ما يبدو التطور والتغيير بحياة المرأة ونجاحها يهدد كيان الرجال وذكوريتهم مما يضعهم بمكان الرد العنيف السلطوي والابوي العنيف الذي يهدف لقمع المرأة وتحديد نجاحاتها. فقد يبدأ الرجل بتعنيف المرأة لأسباب عديدة لا تستدعي العنف وينتهي الامر بكثير من الحالات بالقتل، او القتل على قضية ما يسمى شرف العائلة الذي يحدد بمجتمعنا حسب معايير الرجل للشرف حدوده وصلاحياته.

وأضافت: اسباب تفشي الظاهرة بنظري هو تقاعس الشرطة والدولة بمعالجة هذه الظاهرة في مجتمعنا تحت عنوان "التعددية الثقافية"، وعدم تدخل الشرطة بمشاكل المجتمع العربي حفاظا على حقه بممارسة تقاليده ومعتقداته قاننا نجد ان الشرطة تتأخر بالوصول بيت المشتكية، او تعطي تسهيلات للمعتدي وتعطيه تسريح للعودة لبيته والاستمرار بممارسة العنف اتجاه الزوجة او الأخت.

وتابعت: بنظري سياسة الدولة بهذا الشأن واضحة ومعادلة بسيطة التفكيك، انشغال المجتمع العربي بقضاياه، وزيادة دوائر الدم والانتقام تثري سياسة الدولة، بالإضافة الى ان قتل النساء يعادل اقل عدد اولاد، اي انه اقل امرأة اقل رحم واقل عدد اولاد في المجتمع، او اقل امرأة وعدد اولاد يتيمون واسر مفككة وبالتالي شريحة مجتمع ضعيفة، العنف وقتل النساء لا يأتي بالشرف، وجميعنا ضحايا هذه الظاهرة.

 لمجتمعنا اليد في التطاول والتمادي

أما شامة شاهين من مدينة سخنين فقالت: ما يشهده مجتمعنا اليوم هو ظاهرة خطيرة، ما زالت اخذة بالانتشار والزيادة رغم اننا في القرن الـ 21 ، ويؤسفني القول اننا وصلنا الى ادنى مستويات الفكر والحضارة ، فما زلنا نشهد حوادث قتل النساء العربيات وتعنيفهن أمرا عاديا ، وان النساء دائما عرضة للفكر الابوي السلطوي ، وقتلها بات مباحا ما دام الشك انها تمس بالشرف المزعوم .

وقالت شامة: قد تخطت قضية العنف ضد النساء وتحديدا العربيات كل الخطوط الحمراء ، وباتت آفة العنف هذه وباء اخذا بالانتشار في مجتمعنا، ولم يعد يقتصر العنف كلاميا، وانما العنف بات بالضرب والاهانة ، والتحرش ، وكأن المرأة حلبة صراع نفسي اجتماعي يفرغ فيه الرجال طاقاتهم وسلطاتهم الذكورية.

وأضافت: تتراكم التساؤلات وتتزاحم حين يعتدى على أي امرأة في مجتمعنا بين لماذا قتلت ، ومن المسؤول، والاجابة تبقى متعلقة بين افراد المجتمع الابوي الذي يسأل عن خلفية القتل، اعتقادا انها قتلت ولأسباب شرفية ، وبين من يبحثون عن مساواة وحقوق المرأة حول من المسؤول ومن المتهم ومن الضحية والاهم من المستفيد، واذا تعمقنا في الإجابة نجد وللأسف ان لمجتمعنا اليد في التطاول والتمادي في تدني مكانة المرأة، وان المتهم الأول والأخير هو السلطة والقانون التي تحاول فرض سياستها الخبيثة ونشر فسادها لتضعنا في دوامات لا تنتهي ، من خلال تجنبها لحل قضايا العنف وتحديدا العنف ضد النساء .

وتابعت تقول: اعتقد اننا جميعنا مسؤولين امام أي اعتداء على اية امرأة ، وقبل ان نحاسبها، فلنحاسب انفسنا أولا ، على صعيد شباب هل صنت اعراض الناس كم تبحث عن شرفك خلف ضعف امرأة تخصك ، وعلى صعيد ديني وتحديدا لرجال الدين الذين يتطرفون في احكامهم ، هل انت احكم من الله ورسوله حين أمروا بالتعامل مع المرأة بالحسنى ؟، وعلى صعيد وجماهير عربية هل صمتكم تجاه هذه القضايا سيرفع من حضارتنا ؟، للأسف لا إجابات الا اننا وتطبيقا لسياسات المؤسسات الإسرائيلية نبقى منشغلين بمشاكلنا الاجتماعية .

الحضور الغائب للشرطة 

هيفاء عواد من قرية عرابة قالت مختتمة: لا شك ان العنف ضد النساء هو ظاهرة قلقة لنا ، ولكن نبقى نتساءل دائما عما اذا كان أساس المشكلة يتعلق في من يمارس العنف ضد أي امرأة ، او ان المشكلة تكمن خلف سياسات منتجة من قبل الحكومة وسياستها المبيتة ضدنا كأقلية عربية ، وان الحكومة دائما تسعى خلف انهماكنا بقضايانا وبمشاكلنا لاجتماعية ، وللأسف قلة الثقافة وانعدامها أصبحت القوة الاكبر التي تستعملها السلطة لتحاربنا فيها ، فتشتتنا وانشغالنا باتت هي الورقة الرابحة في يد السلطة ، وعليه فإننا نعيش واقعا صعبا في اتخاذ قراراتنا دون التفكير ، كما حصل في حوادث عنف وقتل ضد النساء العربيات ، حتى دون امهال المرأة الدفاع عن نفسها .

وقالت: لا جدال ان الشرطة لها الدور الأساسي كي تتخذه ، ولكن الشرطة في مثل هذه الحالات تحاول فرض وجودها الغائب ، ومن هنا يجب ان أخذ زمام امورنا بأنفسنا، من خلال تربيتنا لأبنائنا ، من خلال الاهتمام بتعليمهم وتثقيفهم وتربيتهم على اننا نعيش واقعا صعبا ويجب ان نكون اكثر حنكة وحكمة ي تعاملنا مع قضايانا ، كي لا نكون بتالي الامر فريسة سهلة في يد السلطة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]