البساطة أشد قدرة على التعبير! هذا ما نفكر فيه عند زيارة هذا المنزل حيث تسيطر روح شابة وتسكن حداثة مدروسة. نكتشف في هذا البيت عملاً هندسياً فريداً رغم الايحاءات التي تعكسها أجواء مستمدة من ستينات القرن الماضي وسبعيناته!

أضفى المهندس بشير نادر على هذه الشقة النموذجية طابعاً عصرياً يحمل لمسات زخرفية تتناغم مع ألوان حيادية، تعزز حيوية المكان وتبرز جمالية أثاثه.

وضمن مساحات المنزل الداخلية الواسعة، غابت الجدران لتدعمها عوارض خشبية وخطوط معدنية ومرايا، وتلفها النوافذ الكبيرة وواجهات تختفي في معظم الأحيان لتبقى المساحات مفتوحة على مناظر بيروت وزرقة بحرها الأسطوري...

تنتمي هذه الشقة التي تمتد على مساحة 450 متراً، الى أنماط الهندسة العصرية، إذ تصدّر خشب السنديان الأميركي لائحة المواد التي تم استخدامها خصوصاً على الجدران، الى جانب الزجاج الشفاف السميك، والرخام الأبيض الذي غطّى الأرضيات.
كما استعملت جدران من الزجاج الأسود لتشكل فاصلاً ما بين الصالونات والمطبخ.

هندسة الصالونات تمّت بأسلوب عصري جريء، وتوزع الأثاث بمختلف أحجامه بطريقة خارجة عن المألوف، فتصدرت الصالون الاول كنبة كبيرة من ماركة «مينوتي» الإيطالية مصنوعة من الجلد الطبيعي، مع كرسيين إيطاليين من ماركة «بولترونا فرو».

أما الصالون الثاني فشغلت مساحته كنبتان كبيرتان من علامة «ايدرا»، وتتوسطه طاولة مميزة هي كناية عن أربع قطع مربعة متآلفة في ما بينها. وفي زاويتي الصالون، استقرت طاولتان مستطيلتان باللون الفضي الفاتح.

أحد جدران هذا الصالون مزدان بالخشب والحديد، ويبرز في وسطه تلفاز معلّق على خطوط حديدية، بينما تمتد مدفأة من الحديد على طول الجدار لتضيء عتمة الليل وتبعث الدفء في أرجاء المكان.

كما تميزت غرفة الطعام بطاولة كبيرة مشغولة قاعدتها بجذع شجرة بلونها الطبيعي ومنسقة مع كراس ضخمة باللون الرمادي وبتصميم فريد من ماركة «باكستر» الايطالية... يقابلها من الجهة الموازية، مطبخ عصري إذ يفصل بينهما باب آلي الحركة ومصنوع من الزجاج تتخلله مربعات حديدية.
هذا المطبخ أراده المهندس من الخشب الفاخر والكروم واختار له لوني الأصفر والأبيض... تزينه بعض الخزائن المعلّقة، وهو مجهّز بأدوات حديثة تبرز وكأنها أكسسوارات فريدة في مكانها...

ويقول نادر: «أجمل الاوقات تمضيها العائلة في المطبخ، حتى أنّهم غالباً ما يستغنون عن خدمات غرفة الطعام رغم فخامة حضورها».

يفضل المالكون العيش في أجواء من الرومانسية الحالمة، لذلك ابتكر نادر ما بين الجدار الكبير الفاصل ما بين المطبخ وصالات الاستقبال شموعاً معلّقة على خطوط من حديد تتدلى من السقف، من امام جدار زجاجي أسود يقابل الصالون الكبير لتبعث هذه الشموع فضاءات من الرومانسية قلّ نظيرها في أيامنا الحاضرة. كما صمم مقعداً خشبياً كبيراً تتخلله دوائر كبيرة وُزعت فيها أحواض الشتول المتنوعة، وانبثقت منها طاولات بدوائر نحاسية وأكسسوارات حيث اللمسات زخرفية مميزة...

غطى الرخام الأبيض من نوع الـ «بيانكو بي» الايطالي أرض المنزل كافة، باستثناء المطبخ الذي امتد فيه «الترافرتينو» باللون الفضي.

غيّب نادر الأبواب خلف جدران خشبية، لتبرز المساحات المفتوحة على الشرفة وكأنها امتداد لزرقة البحر الذي يتقاطع معه قرميد أسقف المنازل المجاورة... وطبيعة خضراء خلابة!

وما بين الصالونات والفضاء الخارجي (شرفة في السابق) وضع نادر طاولة تتوسط أربع كراسٍ بطراز عصري، إضافة الى حديقة صغيرة تضج بالحياة بعدما رُصفت أرضها بحجارة بحرية ملساء، وزُرعت فيها شتول ونباتات خضراء في أحواض متدلية رمادية اللون...

أما الإضاءة فأرادها مخفية «كريون» لتبرز جمالية الأعمال وتدعم تفاصيلها في كل الامكنة بأجواء خاصة وحركة حميمة. كما استخدم مواد الرخام «ترافرتينو الفضي» والخشب ببساطة لافتة في تصميم حمام خاص بالضيوف.

تربط المساحات العلوية والسفلية سلالم جعلها المهندس متواصلة بخطوط حديدية وكأنها طائرة تسبح في فضاء هذا المنزل الشاسع!

أروقة طويلة مكسوة جدرانها بالخشب تخفي خلفها خزائن وتتواصل حتى غرف النوم حيث يتصدر الخشب مع الزجاج المواد التي تم استخدامها في صياغة الديكور. في غرفة النوم الاولى، تبرز الأعمال الخشبية عريضة وموزعة بخطوط حول الجدران، وهي تؤلف خزائن مسطحة أفقية، مما يعكس فرادة هذه الأعمال.
ويغطي الزجاج المصقول ظهر السرير ويحجب خلفه حماماً خاصاً للغرفة. أما في غرفة النوم الرئيسة فيبرز ظهر السرير الجلدي الاسود متكئاً على لوح زجاجي عريض مظهراً الحمام الموجود في الغرفة والمشغول من الرخام الابيض مع تموجات خطوط رمادية... وخصص ركن للملابس في آخر مساحة الغرفة. حيث استعمل أيضاً الخشب الأبيض والزجاج الأسود.

وأضفى الباركيه الأصلي في غرف النوم كلّها جواً من الأناقة الدافئة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]