حين يكون الوصول للهدف عبر تحدٍ حقيقي، يصبح للنجاح طعم مختلف ، فكيف إذا كان التحدي عبارة عن الاستمرار بدون أهم حاسة من الحواس الخمسة، البصر؟

د. محمود العطشان "كفيف" الحاصل على الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها من جامعة عين شمس في مصر، عام 1981 . قال : بدأت التدريس في جامعة بير زيت ، وأدرّس الأدب العربي الحديث، نقد الرواية والمسرح تحديداً، وعدد من مواد أخرى في دائرة اللغة العربية. كنت أبدو مثل الطلبة صغيراً، حتى أن بعض الأساتذة كانوا يتعاملون معي كطالب من الأساتذة القدماء، وكان هناك العديد من المدرسين الأجانب. من المفارقة في أول سنة أو سنتين كان هناك عدد من المدرسين يدرسون في الجامعة، ليستكملوا دراستهم، وكنت أدرّس بعضاً منهم، وكانوا أكبر مني سناً، كانت أوّل تجربة لي في التعليم ولكن كان فيها الكثير من المتعة.

تحديات .. منذ البداية
وقال د. عطشان : غالبية التحديات التي واجهتها في بداية مسيرتي التعلمية هي ذات التحديات التي قد يلقاها أي شخص اخر ، ففي السابق لم يكن مجتمعنا يتقبل ببساطة فكرة ان يلتحق الكفيف بالمدرسة وان يتعلم في الجامعة ، وهذا كان اول تحدي واجهته ، حيث دخلت الى المدرسة الإعدادية وشعرت برفض مدير المدرسة آنذاك بقبولي الدخول الى المدرسة لأنه لم يكن يعرف كيف يتعامل مع شخص ضرير ، وكانت تساؤلاته كثيرة كيف سأدرس ، وكيف سأقرأ ، ولكن قبلت في المدرسة ودخلتها بتكليف من قبل وزارة المعارف .

وأضاف د. عطشان : من الصعوبات التي واجهتها أيضا في بداية تعليمي الجامعي هي حين التحقت بإحدى الجامعات في الأردن ، ولمست حينها ان الشعب الأردني لم يكن يختلف عن مجتمعنا الفلسطيني من حيث التفكير ، فدائما كنت اسمع ذات العبارات تتردد في اذني ، كيف لضرير ان يتعلم في الجامعة ، ودائما كان هناك من يدهشه ويستغرب من كوني ضرير وادرس في الجامعة ، وهنا كانت نقطة التحدي اما ان انجح او انجح حتى قبلت لتعليم الماجستير في جامعة عين شمس ومن ثم الدكتوراه .

وتابع قائلا : الحياة قصيرة ولا تستحق منا الحزن والشؤم والبكاء ، فمن أراد الحزن والبكاء فليبحث عن موت قريب ، واذا قدّر له العيش فيجب ان يعيش متفائلا بالنجاح والاستمرار .

د.عازم عساف، عزمٌ على العطاء رغم التحدي الذي يعيشه مع فقدان نعمة البصر ، حامل شهادة دكتوراه و5 شهادات ماجستير في اللغة الإنجليزية والتخصص في النظريات اللغوية والتطبيقية من اقدر جامعات البلاد ، واليوم بلغ العقدان من التدريس في الوطن والخارج رغم فقدان نعمة البصر .

اعتمدت على اصدقائي في القراءة 
د. عازم عساف يتحدث لبكرا قائلا : فقدت بصري منذ كنت طفلا، وانا من بلدة عرابة في جنين ، بعد أن باءت كل العلاجات التي خضعت لها بالفشل، انتقلت للدراسة والتحقت بالمدرسة العلائية للمكفوفين، وقضيت فيها خمس سنوات، ثم التحقت بمدرسة ليست خاصة بالمكفوفين في بلدة عرابة غرب جنين ودرست فيها حتى انهيت مرحلة التوجيهي.

وقال د. عساف : كنت اعتمد على اصدقائي في القراءة والدراسة في السنوات التعليمية الأربعة الأولى ، وكنت أميل إلى مادتي الفيزياء والكيمياء حتى ظن البعض بأني سألتحق بالفرع العلمي، لكن التحقت بالفرع الادبي واجتزته بتفوق ونجاح رغم كل الصعوبات التي واجهتها، وحصلت بعد ذلك على منحة دراسية للدراسة اما في الجامعة الامريكية في بيروت او جامعة القاهرة، وفضلت جامعة القاهرة لدراسة اللغة الانجليزية.
وأضاف د عساف: لم تكن الدراسة الجامعية في القاهرة نزهة، ولكن الإرادة فوق الإعاقة ، بعد ان انهيت دراستي ، سافرت الى قطر وعملت هناك 16 عاما ولكن قررت العودة الى جامعة بيرزيت عام 2006 لأني شعرت بأني أحمل رسالة عطاء لا بد من ان اقدمها لأهل بلدي ، ولم أواجه صعوبة في تدريس وتعليم الطلاب بل على العكس يشيد الطلبة بطريقة تدريسي لهم، لأني لا اعتمد على التحليل والكلام كما في الادب الانجليزي، فتخصصي في اللغويات يعتمد على الرموز والاشكال والمرئيات او التصور البصري ، فالكثير من الاشكال ترسم على اللوح وبأصبعي استطيع ان اوصل لهم ما اتخيل من اشكال.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]