أحدثت عملية اغتيال القيادي في حزب الله الشهيد سمير القنطار خلال العملية التي نفذتها هجمات جوية إسرائيلية على موقع تواجده بلبلة كبيرة وتضارب في الآراء في الشارع العربي في الداخل الفلسطيني. حول إحتمالية رد حزب الله على هذه العملية، وكيف استطاعت إسرائيل الوصول الى القيادي الشهيد سمير القنطار، واذا كان هناك ايدي خفية تلعب دورا في الساحة السورية لصالح المخابرات الإسرائيلية، تحدث "بكرا" إلى نشطاء فلسطينيين الذين عبروا كل منهم، من جهته السياسية ومنظوره الفكري، عما سبق من التساؤلات التي طرحت. 

القنطار لم يصل سوريا لأكل المقبلات!

الإعلامي سعيد بدران قال: رغم معارضتي الشديدة لتدخل حركة حزب الله في سوريا بهدف حماية النظام الدموي، ورغم انتقادي الشديد لتدهور اداء امينهم العام، حسن نصرالله، فإنني لن اشكر اسرائيل على ما فعلته، كما فعل البعض، ولم تنفرج اساريري فرحاً لمقتل سمير القنطار، وليس حباً به وشغفاً بمشغليه، وانما الماً عما آلت اليه حال الامة العربية من نذالة ووهن، الامر الذي جعل اسرائيل وغيرها تصول وتجول وتفعل ما تريد في اجوائها وعلى أراضيها.

وقال بدران: سمير القنطار لم يأتِ الى سوريا ليتذوق المأكولات الدمشقية الشهيّة، وانما بُعث لمساندة نظام البطش والاستبداد على البقاء، وشارك بذلك بقتل الابرياء، وكان له دوراً فاعلاً بقتل الاطفال وامهاتهم ، ولا فرق بين القنطار، الذي فرحت، في حينه، عندما اطلق سراحه من سجنه في اسرائيل، لا فرق بينه وبين الفرنسي والروسي الذّين قدموا واستقدموا الى سوريا ويمارسون فيها القتل والخراب والدمار.

وأضاف بدران قائلا: علينا ان نتذكر ان اسرائيل لاعباً اساسياً بما يحدث في سوريا، وتنسق جهراً مع الدب الروسي هناك، وكلاهما يعمل من اجل بقاء نظام الاسد، ولكن سياسة اسرائيل لا تتغير ، وتضرب كلما سنحت لديها الفرصة دون ان تأخذ بعين الاعتبار التسبب بإحراج اعوانها وكما فعلت سابقاً مع الملك حسين في قضية خالد مشعل، واغتيال المبحوح في دبي لاحقاً، والقنطار كان دائماً رقماً حاضراً في بنك الاستهداف لدى اجهزة الامن الاسرائيلية، وقامت بتصفيته عندما سنحت لها اول فرصة بذلك. وهذا يدل على استهتار اسرائيل واجهزتها بالمحميات الطبيعية التي تسمى "دول عربية".

وانهى قائلا: حركة حزب الله، وبعد تدخلها المستهجن في الصراع السوري الداخلي، فقدت قوة الرد والردع التي تميزت بها سابقاً، ولن تخرج لمواجهة مع اسرائيل، ليس لأنها لا تريد ذلك وانما لأنها اصبحت حركة هشّة ضعيفة، وصارت اوهن من بيت العنكبوت.

هل سترد حزب الله ؟

بدوره قال الإعلامي أنس موسى: السؤال الذي يطرح نفسه كيف يفسر حزب الله وحليفيه النظام السوري وايران قدرة اسرائيل على القصف داخل الاراضي السورية في ظل تنسيق استخباراتي جوي مع روسيا الحليف الأكبر لهما ، كما ان روسيا هي المتحكمة في المسار السياسي والعسكري، اسرائيل وروسيا تحدثتا قبل فترة وجيزة انهما يعملان على تنسيق مشترك داخل سوريا، ومحور طهران ودمشق وحزب الله ينطوي تحت مظلة روسيا التي ايضا نصبت صواريخ s400 كحظر جوي لخدمة طائراتها، فأين هي هذه المنظومة أمام الطائرات الحربية الاسرائيلية؟.

وقال موسى: أعتقد ان روسيا متورطة في هذه العملية واذا لم تكن دائرة التورط أوسع لنصفها بخيانة في عمق هذا التحالف. اما السؤال الثاني، هو كيف سيكون رد حزب الله على اغتيال احد ابرز الوجوه العسكرية والقيادية له وهو الذي حاربت لأجل الافراج عنه من السجون الاسرائيلية التي أمضى فيها 30 عاما. ثم ما هو رد النظام السوري ورئيسه على انتهاك سياده الاراضي السورية ان بقي بها سيادة أصلا؟ بالطبع لن يكون أي هناك أي رد حسب اعتقادي الا بإذن من روسيا حليفة اسرائيل.

اولويات إسرائيل القضاء على الإرهاب الداعشي

بدوره، قال النشاط السياسي د. عدنان بكرية: اغتيال سمير القنطار يأتي بعد اتخاذ مجلس الامن قرارا بحل الازمة السورية بإجماع الدول العظمى، واسرائيل تهدف من ورائه خلط الأوراق ، فهذا الاغتيال يحمل اكثر من دلالة سياسية واولها تحدي لحزب الله وسوريا ، والاثبات بانها هي من تقبض على زمام المبادرة وهي قادرة على اغتيال القيادات حتى داخل دمشق.

وقال بكرية: الاهم ان هذا الاغتيال وبالطائرات ، فان هذا يعتبر تحدي لروسيا واحراجا لها ، اذ لا يمكن لأيّ كان ان يتفهم الدور الروسي وصمته على اختراق الطائرات الاسرائيلية للمجال الجوي السوري في حين وجود منظومة الأس 400.

واضاف بكرية: نستطيع القول ان اسرائيل بهذه الخطوة تحدت الجميع واوصلت رسالتها بانها قادرة على اختراق اجواء سوريا برغم تواجد روسيا ، و لا اتصور ان يكون رد حزب الله عسكريا مباشرا او فتح جبهة مع اسرائيل لان حسابات حزب الله السياسية اكبر بكثير ، وهو لا يريد ان ينجر وراء اسرائيل في عملية خلط الاوراق فأمامه مهام اكبر واولويات القضاء على الارهاب الداعشي ولديه اولويات سياسية تتمثل بانجاح اقرار الدولي بحل الازمة السورية، و اعتقد ان رد حزب الله سياتي وارجع رد موضعي اي اغتيال مقابل اغتيال فهو ليس معنيا بفتح جبهة مع اسرائيل في الوضع الحالي.

القنطار دفع ثمن خطأ حزب الله وإيران في الاصطفاف الخطأ

اما المحامي محمد أبو ريا فقال بدوره: أكثر ما آلمني في اغتيال سمير القنطار ، أنه اغتيل بواسطة الطائرات ، الأمر الذي يستدعي تنسيقا جويا مع المظلة الروسية المفترضة التي أثبتت أن لا قيمة عندها لا للمعارضة السورية ولا للنظام السوري ولا لحلفائه مثل حزب الله ، وأن كلّ همها المصالح الروسية المتمثلة بتأمين قواعدها على الساحل الشرقي للمتوسط لضمان منع إقامة أنابيب غاز في سوريا ، تجعل من غازها الروسي كاسدا مما يضعف اقتصادها ويجعلها محاصرة جيواستراتيجيا.

وقال أبو ريا: أعتقد أن القنطار دفع ثمن خطأ حزب الله وإيران في الاصطفاف الخطأ إلى جانب النظام السوري الذي يقمع شعبه ، ولو تخلّت إيران وحزب الله عن هذا النظام الفاشي ووقفت إلى جانب الشعب السوري(المستضعفين في الأرض) ، كما وقفت إلى جانب حماس في قطاع غزة ، لكانت غيّرت مجرى تاريخ المنطقة والعالم ، ولركعت على بواباتها وبوابات دمشق الإمبراطوريات، ولكنّها كانت وما زالت أسيرة لأحلامها الامبراطورية الفارسية الساسانية ولمذهبيتها الضيقة التي يدفع الآن ثمنها العرب ، وسمير القنطار، وستدفع هي ثمنها في المستقبل .

وقال: لقد أثبت اغتيال القنطار أن خطأ إيران وحزب الله في سوريا صب في نهاية المطاف في صالح كيان الأبرتهايد ، لدرجة أنه لم يعد حزب الله قادرا على الرد على أي عملية بلطجة يقوم فيها كيان الأبرتهايد, ولو استهدفت الضاحية الجنوبية نفسها ، رحم الله القنطار الذي طالما تمنى أن يستشهد دفاعا عن فلسطين ، وفي معركة تحرير القدس والأقصى ، ولكن القرارات الخطأ جعلته يُقتل في معركة لا ناقة له فيها ولا جمل، ويتحمل مسؤولية قتله واغتياله طبعا كيان الأبرتهايد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]