تركت عملية تصفية نشأت ملحم ابن قرية وادي عارة من قبل أجهزة الامن والشاباك صورة الأوضاع في المنطقة حُبلى بالمعالم المخفية والتساؤلات التي لم تضع حقيقة الحادثة في نصابها، فقد استطاعت حكومة إسرائيل اليمينة ان تلعب على أوتار التحريض لتعزف سمفونيتها المتكررة ووضع العرب في الداخل الفلسطيني تحت المسؤولية، ومن جهة أخرى وترت القضية عامةً الأوضاع الأمنية أكثر، مما انعكس على الجماهير العربية، حيث كان للطلاب العرب والعمال العرب في منطقة تل ابيب النصيب الذي نالوه خلال فترة البحث الجارية وراء نشأت ملحم.

في سياق هذا التقرير تحدث مراسلنا الى عددٍ من الشخصيات الناشطة سياسيا واجتماعيا، الذين تركوا تعقيباتهم وآرائهم حول ملف عملية تل ابيب حتى تصفية الشاب نشأت، وكيف يفسرون عملية قتله من نظريتهم الشخصية .

المحامي نضال عثمان: لا نطوف على شبر ماء


الناشط والحقوقي نضال عثمان من مدينة طمرة قال: بداية يجب التأكيد بأن الاعتداء على المدنيين وقتلهم عملا ليس وطنيا، وبالذات حينما يكون على خلفية جنائيًة. وعلى من هلل وفرح ومُصِر على تحويل نشأت لشهيد أن يخجل ويتذكر أطفال ونساء غزة الذين قتلهم الإحتلال.

وأضاف: كان من الواضح أن الإعلام العبري مُنحاز وغير الموضوعي ويضخم الحدث، وذلك بسبب استغلال الحدث من قبل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وآخرين للتحريض على الجماهير العربية في البلاد. أضف لذلك، إخوانا لنا في بعض الفصائل الفلسطينية والذين يعتقدون أن تنفيذ مثل هذه العملية تخدم القضية الفلسطينية قد هللوا لها أيضا، وانا اختلف معهم تمامًا، وادعي أن أي تداخل لفلسطينيي الداخل في المقاومة الفلسطينية المسلحة سيضر بالقضية الفلسطينية وكذلك في إمكانيات صمود جماهيرنا وتطورنا في أرضنا. 

وقال عثمان: لن ادخل كثيرًا بحيثيات التصفية ولست خبيرًا أمنيا ولكن أمر منع النشر والتضييق على نشر حقائق حول الموضوع يثير الكثير من التساؤلات ويضع كل تصرفات الأجهزة الأمنية في موضع شك كبير، إلا أن انكشاف بعض الحيثيات والموقف الشجاع لأهلنا في وادي عارة، وكذلك للقيادات السياسية الرافض لمثل هذا العمل بغض النظر عن خلفيته كانت وطنية أم جنائية، فوت وسيفوت الفرصة على ابواق المحرضين بدءً من رئيس الحكومة وحتى آخر المحرضين.

وأضاف عثمان قائلا: رغم ما ذكر من غموض إلا أنّ الأمور مع الوقت ستتضح أكثر، كانت هناك استجوابات من قبل عضو الكنيست د. يوسف جبارين ويجب متابعة الموضوع أكثر وهناك دور للصحافة بالبحث عن الحقيقة وليس نشر ما يصلها من أخبار فقط، وهنا لا بد من نداء لكل متلقي للأخبار أن "لا نطوف على شبر ماء"، هذه العمليات والنشر المؤيد والمهلل لا تخدم قضية شعبنا وقضية الأقلية الفلسطينية خاصة، وهي تمس بهم ومستقبلهم كون المؤسسة الأمنية تتابع النشر وتلاحق الشباب العرب على أي نشر مخالف للقانون فأتمنى عليهم ولهم أن يتوخوا الحذر فيما ينشروا .

لا يمكن تحليل أي قضية دون ان تكتمل الحقائق والمعطيات

الناشط الدكتور سمير خطيب من كفر كنا قال بدوره معلقًا: لتحليل اي قضية يجب أن تكتمل المعطيات بها، وبهذه القضية هناك الكثير من الأسئلة المفتوحة وهذا يترك المجال للتخمينات والتوقعات، ولكن الواضح من الأمر أن المستفيد من هذه العملية هي الحكومة والاوساط اليمينية بالمجتمع الإسرائيلي، وللأسف فإن بعض التنظيمات الفلسطينية تساعد اليمين بهذا الموضوع.

وأضاف د. سمير خطيب: السؤال أن العملية على خلفية جنائية ام قومية بقي مفتوحا، كيف تم وصوله لبلده وبقاءه هناك كل الفترة بدون علم الشاباك بقي مفتوحا، لماذا تم تصفية نشأت ملحم إذا كانت المعلومات غير واضحة لدى الشاباك؟ .

وتابع قائلا: باعتقادي أن تمديد فترة القبض عليه كان لزيادة فرصة التحريض على العرب، والقضاء عليه بهذا الشكل هو لإخفاء الحقيقة عن الجمهور ، الجيد بكل الأمر أن تصرف الجماهير العربية قيادة وأفرادا كان بمسؤولية وحكمة .

الحادثة اشبه فيلم هوليوودي تزامن مع محاكمة سارة نتنياهو

الناشطة سمر زيداني من القدس قالت بدورها: الحادثة بدت منذ البداية اشبه بفيلم هوليوودي مفبرك، حيث تزامن الحادثة مع محكمة ساره نتنياهو الامر الذي يدعو للتساؤل حول شخصية المنفذ نشأت، والذي اعلن عنه انه مختل عقليا، حيث تتناقض مع ادائه المهني في تطبيق المهمة والذي اداه بأداءً عاليا، وذلك يدل على تجربة وتدريب ، كما وان التصفية لم تكن صافية ولا شفافة، اين قتل نشأت، وكيف قتل ، ولماذا قتل ولم يطلق عليه الرصاص ليبقى حيا وليحقق معه ؟ اعتقد انه مشهد مخابراتي كلاسيكي .

وقالت زيداني: ارتباك المخابرات الإسرائيلية كان مكلفا ماديا وغير مبرر ، فنشأت ملحم كان فاتحة حوار داخلي في المجتمع الفلسطيني في الداخل وترك بداخلنا صراع تساؤلاتي، هل نحن فلسطينيون، هل نؤيد الانتفاضة بالفعل، هل نحن اسرائيليون، هل نساوم، ونزاود، ونتفاوض مع السلطة؟ هل نحن مع الكفاح السلمي؟ هل نحن مع الكفاح المسلح؟ هل نحن اصلا جزء من الكفاح ، نشأت فتح بوابة الاسئلة ذات الاجوبة المغلقة ، ويبقى السؤال المطروح وهو الأهم ، هل فعلا كان نشأت ملحم؟ أم هو فيلم مخابراتي ليغطي على أحدى فضائح الكيان وأعوانه ؟

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]