حوادث العنف والاجرام في مجتمعنا تحتم علينا محاسبة مع الذات افرادا، مؤسسات وقياده. فقد أصبحت قضية العنف والامن الشخصي تتصدر لائحة اهتمامات المواطن العربي وتسبق بذلك قضايا اخرى مثل الارض والتخطيط والتربية والتعليم. فالعنف يتفشى ويزداد قساوة ونحن كمجتمع لا نولي اهتماما كافيا لهذا الامر. فلا تطرح هذه القضية على طاولاتنا بما فيه الكفاية ولا توجد مؤسسات مختصه تستطيع معالجة الامر.

لقد ذوتنا خطاب الضحية واتهام الاخر حتى الثمالة. فاصبحنا لا نتحمل مسؤولية ما يجري لنا ونسارع لتحميل الاخرين المسؤولية او الاكتفاء بالقبول بالظواهر السلبية وكأنها امر محتوم وهي من صنعنا نحن. هذه الظواهر تصبح مع مرور الوقت جزءا من حياتنا. اذكر وليس للحصر قضية معاناة الحجاج والمعتمرين الى الديار الحجازية والتي تتكرر كل سنه وكأننا اصبحنا غير قادرين الا على قبول الاستغلال والمعاملة السيئة لرحلة دينية كان يجب ان تكون افضل الرحلات.

العنف والجريمة هو وليدة مفاهيم اجتماعية تنمو وترعرع في مجتمعات مأزومة تضعف فيها ثقافتي الانتماء والعطاء. ان احد اسباب العنف هو ضعف انتماءنا لمجتمعنا وهويتنا الوطنية. شبابنا يهربون من حيزهم الثقافي والمجتمعي الى ما هو افضل؟؟ فلا شيء يجمعهم اليوم ويفخرون به سوى برشلونه وريال مدريد؟ ميسي وكريستيانو.
في ظل هذا الوضع تتراجع به المؤسسات, الاحزاب والحركات السياسية التي كانت تستقطب عشرات الالاف من شبابنا واصبحوا اليوم بدون عنوان؟
المشكلة قبل كل شيء تربوية ويبدأ هذا الامر في تربية ابناءنا . العنف يبدأ في بيوتنا وفي مدارسنا والتسامح معه. تعالوا نعترف اننا لا نربي على ثقافة الحوار بيننا . تعالوا نعترف ان التسامح اصبح مصطلحا سلبيا ويدل على الضعف في مجتمعنا. العنف يمارس في تعاملنا مع نساءنا وابناءنا وقبوله كجزء من حياتنا. هذا الأمر يختلف من مكان لأخر بيننا والا كيف نفسر ان العنف والجريمة تكاد لا تصل الى بعض بلداتنا العربية وتنتشر في بلدات اخرى؟
لا شك ان الشرطة والحكومة تتحمل قسط من المسؤولية لما يحدث في بلداتنا. هناك اهمال واضح في محاربة الاجرام وجمع السلاح الغير مرخص وهناك نقاش حول ماهية عمل الشرطة والذي ما زال يحمل في طياته جوانب امنية نرفض قبولها والتعامل معها. وبما اننا مواطنين في هذه الدولة وليس دولة اخرى من واجبنا حسم نقاش جاد قائم بيننا حول خدمات الشرطة في بلداتنا. نريد المواطنة ولكن نرفض استحقاقاتها احيانا.
من واجبنا قبول فتح محطات شرطة في بلداتنا والمطالبة بتخصيص ميزانيات كافية بدل معارضتها مثل مطالبتنا الحقة لخدمات اخرى مثل الصحة, التربية والتعليم وغيرها. لا يمكن محارية الجريمة والعنف دون الشرطة. في نفس الوقت في حاجة لمراقبة عمل الشرطة ومحاورتها ومحاولة التأثير عليها مثل ما نفعل مع الوزارات المختلفة.
لقد رأينا التحول الايجابي في الخطاب السياسي العربي منذ الانتخابات الاخيرة وفي مركزه عدم الاكتفاء بسياسة رد الفعل وانما بسياسة المبادرة والطرح المهني لحاجيات بلداتنا العربية . يجب ان يستمر هذا الامر من خلال طرح مقترحات على الشرطة ايضا وليس مقاطعتها. هناك خطة حكومية واضحة تتحدث عن فتح مراكز شرطة في عدة بلدات وزيادة اعداد العرب المنخرطون في الشرطة . اذا عارضنا ذلك يجب علينا طرح البدائل امام الشرطة.
هناك اخرون وبسبب عدم الثقة في شرطة اسرائيل (كونها امنية ايضا) يعارضون التعاون او التعامل مع الشرطة لأسباب مبدأيه. ممكن تفهم بعض ادعاءاتهم . لكن الوضع في بلداتنا لا يعفينا من طرح بدائل لهذا الامر. المواطن العادي يبحث عن الحماية وعن الامن والامان فماذا نحن فاعلون؟؟ ام اننا حسمنا امرنا لا نستطيع التأثير على حياتنا وننتظر حوادث القتل القادمة؟
من السهل اتهام الحكومة والشرطة بكل ما يحدث لنا يبقى السؤال لماذا لا نطرح البدائل؟ حان الوقت ان نتحمل المسؤولية على انفسنا وان نعترف بالشوائب في تربيتنا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]