نظم ملتقى القدس الثقافي ندوة بعنوان "المسجد الأقصى المبارك: الواقع والمآلات", مساء الاثنين، في مركز هيا الثقافي, أكد خلالها المنتدون على أن "المسجد الأقصى المبارك مقدس إسلامي خالص لا يقبل المشاركة ولا التقاسم ولا التجزئة، وأي فرض لمثل هذا التقسيم مرفوض ولا يمكن قبوله ولا مهادنته بأي حالٍ باسم الأمر الواقع". 

وتناولت محاور الندوة الحديث عن مشاريع التهويد والتحديات التي يفرضها الاحتلال على المسجد الأقصى المبارك، خاصة الجزء الشرقي منه، والذي تغطيه كميات كبيرة وضخمة من الردم والمخلفات التي تراكمت عبر سنين.

الدكتور اسحق الفرحان، رئيس ملتقى القدس الثقافي، أكد في كلمته الافتاحية على أن الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى المبارك بوصفها وصاية هاشمية وعربية واسلامية، هي صمام امان لسيادة الامة الاسلامية على المسجد.

وعن الاخطار المحدقة بالجزء الشرقي من المسجد الأقصى المبارك، قال الدكتور الفرحان إن "الجزء الشرقي تزيد مساحته عن 43 دونما، من كامل مساحة المسجد الأقصى البالغة 144 دونما كما هو ثابت علميا وتاريخيا".

مشيرا إلى أن "الجزء الشرقي يعاني من تراكم كميات كبيرة وضخمة من الردم، فكبر حجم الردم جعل من الصعوبة التخلص منه إلا بواسطة آليات ومعدات خاصة، لذلك أصبح فارغا من المصلين والمرابطين ليتحول الى لقمة سائغة تقصدها الجماعات الصهيونية اثناء اقتحاماتها المتكررة للمسجد الأقصى المبارك".
لافتا الى وجود أكثر من مخطط "صهيوني" يهدد هذا الجزء من المسجد الأقصى المبارك.
من جانبه، أكد رئيس الهيئة الاسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى المبارك، الدكتور عكرمة صبري, على الأهمية التاريخية للجزء الشرقي من المسجد، والذي كان يعد البوابة الرئيسية للمسجد الأقصى.

وقال صبري، عن حال الجزء الشرقي في الحاضر إن "ما زاد الطين بلة منع شرطة الاحتلال دائرة الأوقاف من إخراج النفايات والمخلفات الواقعة في الجزء الشرقي إلى خارج المسجد، حتى أصبحت أشبه بتلة كبيرة جداً".

مبينا أن "منع شرطة الاحتلال إخراج أي مخلفات إلى خارج المسجد، أدى إلى إيقاف أعمال التبليط والترميم، حتى لا نضع مزيدا من الردم فوق تلة المخلفات في الجزء الشرقي".

واشار صبري، الى أن "قلة الاهتمام بهذا الجزء دفع الاحتلال لاستغلال الواقع القائم فيه لتحقيق اهداف كثيرة".
وتابع القول "منها تزايد الانتهاكات الإسرائيلية لهذه المنطقة وخاصة حينما تم الكشف عن القنابل فيها وتسلّق بعض المجرمين اليهود للجدار الشرقي، ومحاولة منع الترميم في المصلى المرواني وباب الرحمة، ومنع الدفن في الجزء الجنوبي الخارجي للمصلى المرواني".

مؤكدا أن "مصادرة العديد من الدونمات في محيط مقبرة باب الرحمة يدل دلالة واضحة على نية الدولة العبرية خطف هذا المكان" .
ودعا صبري إلى "فتح باب الرحمة وترميمه وإشغاله من قبل الأوقاف الأردنية، على مدار الساعة, وإخراج التلة القائمة في هذه المنطقة بدون أي قيد أو شرط".

مدير عام اوقاف القدس، الشيخ عزام الخطيب، أكد على أن الولاية الدينية الهاشمية حافظت على عروبة واسلامية القدس، وأن الدعم الهاشمي المتواصل عزز صمود المقدسيين.

وبين الخطيب أن "آلة الاعلام الإسرائيلية قدمت خلال العام الماضي اخطر مقولة عند حديثها عن المسجد بعبارة تقسيم زماني ومكاني"، مشيرا إلى أن ذلك لم يكن سوى محاولة منها لتصعيد خطابها الاعلامي ولممارسة مزيد من العدوان على المقدسات.
وقال إن "موقف جلالة الملك عبدالله الثاني أعطى الغطاء الكامل لهذه المقدسات ومنع التجاوز الاسرائيلي عليها وذلك من خلال رعايتها واعمارها".

مشيرا إلى أن "الرعاية الهاشمية دعمت صمود المواطنين المقدسيين في كافة المجالات".

بدوره، بين المدير التنفيذي للصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى، الدكتور وصفي الكيلاني, اشكال التهويد التي يتعرض لها المسجد، وسعي الاحتلال إلى الحد من جهود الأوقاف في الترميم وحماية المسجد التي تقف دائماً بالمرصاد لاي مخططات تهويدية.
وقال الكيلاني "لا شك بأن اي جزء لا يستخدمه المسلمون للصلاة والعبادة هو الآن في دائرة الاستهداف"، مطالبا الجميع بالوقوف في وجه الروايات التهويدية في كل المحافل الاعلامية والاكاديمية.

وأشار إلى أن الاحتلال الاسرائيلي يستهدف الدور الاردني لأنه الدور الابرز في المدافعة عن المسجد الاقصى ليس لأنه فقط صاحب الوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية، مؤكدا على أن كل عنصر يحاول الدفاع عن المسجد الاقصى يعد هدفا لسلطة الاحتلال.

ودعا الكيلاني إلى وجوب دعم صمود أهل القدس وخصوصا المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى المبارك.

المدير التنفيذي السابق لمؤسسة القدس الدولية، الباحث والمتخصص في واقع القدس زياد الحسن، أكد على أن "تعمد الاحتلال تجديد إعلان إغلاق مقبرة باب الرحمة شرقي المسجد أيلول الماضي، هي محاولة للإيحاء بأن التقسيم الزماني قد تم، وأن السقف التالي هو التقسيم المكاني مبتدئاً بالجزء الشرقي من صحن المسجد الأقصى، والذي تشكل مقبرة باب الرحمة حدّه الخارجي من جهة السور".

وبين الحسن أن "اختيار معهد المعبد المؤسسة المعرفية والثقافية المركزية ضمن ائتلاف مؤسسات المعبد، مسارا مربعا يأخذ المقتحمين من باب المغاربة إلى المنطقة الشرقية للمسجد ومن ثم يستكمل دورةً كاملة حول دِكّة الصخرة".

وأضاف "وبذلك يقضي المقتحمون معظم وقتهم في الجزء الشرقي من الساحات لبُعدها عن المصلين والمرابطين وعن تركز حرّاس المسجد كذلك، واختلقوا ادّعاءً جديداً تجاه الركام المحتجز فيها بأنه أتربة مقدّسة تعود إلى عهد المعبد الثاني حتى لا يتم نقلها خارج المسجد".
ولفت الحسن إلى "خطة يتبناها وزير الأديان يشمل التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، والأسس التي يجب أن تلتزمها في إدارته وزارة الأديان الإسرائيلية، وأفصح المخطط صراحة لأول مرة عن خطة للتقسيم المكاني للمسجد تتركز في الجزء الشرقي منه".

وأضح بأن "المخطط يستهدف تحديد مساحتين لصلاة اليهود شرقي المسجد، بحيث تكون الأولى باللون الأخضر وتخصص للصلوات الفردية لليهود، والثانية باللون الأحمر وتخصص للصلوات الجماعية".

وأكد الحسن على أن "الجزء الشرقي من فناء المسجد الأقصى يشكّل نقطة التركيز الأولى لمخططات التقسيم الزمكاني، في محاولةٍ للبناء على نقاط الضعف الكامنة فيه من احتجاز الردم فيه ومنع إخراجه، وإطلالته المباشرة على سور البلدة القديمة وإمكانية تأمين دخول اليهود إليه".
وطالب الحكومة الاردنية "بصياغةٍ عاجلةٍ لمشروع تأهيلٍ للجزء الشرقي من فناء المسجد، ووضعه كمطلبٍ عاجل أمام اليونيسكو والرأي العام والمطالبة الفورية لتنفيذه، لقطع الطريق على إمكانية اقتطاع هذا الجزء لصالح المتطرفين اليهود".

ودعا الحسن الأوقاف الأردنية إلى "إعادة افتتاح أقسامٍ للأوقاف تتخذ من مبنى باب الرحمة مقراً لها، وبالأخص كرسي الإمام الغزالي الذي افتتح هناك منذ سنوات، ونَشر ما يتعلق بعرقلة الاحتلال لذلك في شتى المؤسسات الدولية والمنابر الإعلامية".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]