لطالما رددنا الجملة "إن المعلم شمعة تضي درب الآخرين"، لكن على ما يبدو أن أغلبنا لم يذوّت هذه الجملة، إلا أن طلاب صف الاول، عام 1971، في مدرسة الخضر في أم الفحم، حققوا القول عملا وفكرًا، فقد قاموا في الآونة الأخيرة بالبحث عن مربي صفهم الأول في المدرسة وهو النصراوي الأستاذ محمد عباس ليكرموه ويشكروه.

بدأ الأستاذ محمد عباس عمله في سلك التعليم في مدرسة أم الفحم أ (مدرسة "أبو خضر" رحمه الله ) في الصف الأول سنة 1971، وبعد انتهاء العام الدراسي انتقل للتعليم في مدرسة حي الكروم في الناصرة وبقي فيها حتى خروجه للتقاعد سنة 2013، ومنذ سنة 1971 انقطعت الأخبار بين الأستاذ وطلابه من أم الفحم.

بعد مرور 45 عامًا قام طلاب الصف الأول من أم الفحم، وقد بلغوا من العمر الآن 51 عامًا، بالبحث عن أستاذهم الذي علمهم في الصف الأول بكل إخلاص ومحبة وتضحية، فقد كان يتأخر كل يوم مع الطلاب الضعفاء لمدة ساعة ونصف بعد الدوام تطوعًا وبدون مقابل لتقويتهم.

المربي عباس، علمهم القراءة والكتابة وطبع في نفوسهم القيم التربوية وحب العلم، ثم تركهم وغاب عنهم 45 سنة- وفق ما افاد به أحد "التلاميذ لـ "بكرا".

تخرج معظم الطلاب من الجامعات وتقلدوا مناصب عالية في المجتمع فمنهم البروفيسور نائب مدير التخنيون، ومنهم الطبيب، والممرض والمحامي، والمهندس، ونائب رئيس البلدية، ومنهم الشيخ والأستاذ والمرشد السياحي ومنهم العامل أيضا. وبكل وفاء ومحبة وإخلاص تذكروا معلمهم من الصف الأول استنادا إلى صورة لهم مع أستاذهم من سنة 1971، فقرروا البحث عنه وهم يحملون أحلى الذكريات معه والشوق للقائه، وتم اللقاء في يوم الجمعة 25 / 3 / 2016 في نفس المدرسة التي تعلموا فيها وجلسوا على مقاعد الصف الأول وبنفس الترتيب حسب الأسماء كل بجانب صديقه حسب الصورة من سنة 1971.

الحدث التارخيّ، والمؤشر على الوفاء ورمز العرفان بالجميل، كان مفعمًا بالمحبة، خاصة وان لقاء طالب مع استاذه حدث طبيعي لكن غير الطبيعي أن يبحث الطلاب عن استاذ لهم قبل 45 عاما. 

وشمل الحدث التاريخي زيارة للمقبرة لوضع أكاليل الزهور، وقراءة الفاتحة على أرواح اثنين من أبناء صفهم توفاهم الله عامي 2004 و-2005.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]