أعلن مركز المعلومات لحقوق الإنسان في إسرائيل "بتسيلم" الأربعاء، أنه سوف يتوقف عن إحالة الشكاوى إلى جهاز تطبيق القانون العسكري، واصفًا إياه بأنه منظومة لطمس الحقائق.

وقال في تقرير نشره على صفحته الرسمية، إن جهاز تطبيق القانون العسكري الإسرائيلي يشكل "ورقة التوت" التي تغطي عورة الاحتلال الإسرائيلي، وأصبح منظومة لطمس الحقائق.

وأضاف "من غير المجدي تعزيز العدالة وحماية حقوق الإنسان من خلال منظومة يقاس أداؤها في قدرته على مواصلة طمس الحقائق".

وأعلن وقف التعامل مع هذا الجهاز، حتى لا يساهم في المزيد من إساءة تمثيل عملها.

وأوضح أن هذا القرار تم اتخاذه في نهاية عملية تفكير طويلة أدارتها المنظمة واستنادا إلى المعرفة المكتسبة من مئات الشكاوى المقدمة من قبل "بتسيلم" إلى جهاز تطبيق القانون العسكري والعشرات من ملفات شرطة التحقيقات العسكرية.

وأضاف أن هذه التجربة دفعت المركز إلى الاعتراف بأنه لم يعد من المجدي تعزيز العدالة وحماية حقوق الإنسان من خلال جهاز يقاس أداؤه في قدرته على مواصلة التستّر بنجاح على انتهاك القانون وعلى حماية المتسببين بالأذى.

وأكد المركز أنه سوف يواصل توثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها "إسرائيل" في الأراضي المحتلة والإبلاغ عنها، ولكنه سيتوقف عن تقديم الشكاوى وتنسيق اللقاءات بين محققي الشرطة العسكرية والضحايا وشهود العيان الفلسطينيين، والحصول على وثائق مختلفة لصالح سلطات التحقيق.

معطيات حول الشكاوى 

ويتضمن التقرير معطيات حول الشكاوى التي نقلتها منظمة "بتسيلم" إلى النيابة العسكرية منذ بداية العقد الماضي، فمنذ اندلاع انتفاضة الأقصى أواخر العام 2000، توجهت منظمة "بتسيلم" إلى النيابة العسكرية للمطالبة بالتحقيق في 739 حالة استشهد فيها فلسطينيون أو أصيبوا أو تعرضوا للضرب من قبل الجنود أو تضررت ممتلكاتهم أو استخدمهم الجنود كدروع بشرية.

ويبين تحليل الإجابات التي حصلت عليها بتسيلم بشأن معالجة جهاز تطبيق القانون العسكري في 739 حالة، أنّه في رُبع الحالات (182 حالة) لم يجر تحقيق على الإطلاق، وفيما يقارب نصف الحالات (343 حالة) تم إغلاق ملف التحقيق دون نتيجة.

وحسب التقرير، فإنه وفقط في حالات نادرة (25 حالة) تم تقديم لوائح اتهام ضدّ الجنود المتورطين، وتم نقل 13 ملفًا إضافيًا للمحاكم التأديبية، كما تتواجد 132 حالة في مراحل مختلفة من المعالجة، و44 حالة أخرى لم تتمكن النيابة العسكرية من تتبع وضعها.

وجاء في التقرير أن 25 عاما من العمل مع جهاز تطبيق القانون العسكري، منحت "بتسيلم" خبرة جمّة ومعرفة تنظيمية واسعة ومفصلة حول طرق عمل واعتبارات الجهاز، وعلى أساسها يمكن الإشارة إلى الإخفاقات الهيكلية التي تكمن في جوهر قدرتها على التعامل مع قدر كبير من الملفات، وإغلاق الغالبية العظمى منهما دون نتيجة.

وأضاف أن تحقيقات شرطة الاحتلال بطريقة تنطوي على إهمال لا يسمح للمحققين الوصول إلى الحقيقة، وبدلاً من الأدلة تستند التحقيقات بشكل حصري تقريبًا على إفادات الجنود والفلسطينيين.

ومع ذلك فإنّه من الواضح أنّ محقّقي شرطة التحقيقات العسكرية يجدون صعوبة في تسجيلها، وفي حالات كثيرة يتم تسجيلها بعد أشهر طويلة على وقوع الحدث.

وقال التقرير إنه خلال تسجيل الإفادات يعمل المحققون مبدئيا ككتبة لا يبحثون عن الحقيقة حتى عندما تتكشف تناقضات في إفادات الجنود.

ويصل ملف التحقيق إلى نيابة الشؤون الميدانية والتي يحدد نظام اعتباراتها بشكل مسبق تقريبًا إغلاق الملف بلا نتيجة.

وأكد "بتسيلم" أن ملفات كثيرة تُغلق على أساس "انعدام التهمة"، لأنّ النيابة تقبل روايات الجنود المشتبه فيهم بارتكاب المخالفة على أساس المصداقية غالبا في ضوء غياب الأدلة.

وأورد أنه في حالات كثيرة تقرر نيابة الشؤون الميدانية عدم فتح تحقيق جنائي على الإطلاق.

وتفسر نيابة الاحتلال أحيانًا ذلك بادّعاء "انعدام التهمة" بشكل استثنائي، حتى هنا يكون الأمر مبنيًا على روايات الجنود، وأحيانًا في الحالات التي يُقتل فيها فلسطينيون بذريعة وقوع "أحداث قتالية" استثنائية، فإنّ هذه الأحداث تضمن للجنود إعفاء تامًا من التحقيقات الجنائية، وذلك يفوق كثيرًا ما يوفره لهم القانون الإنساني الدولي.

ويستمدّ جهاز تطبيق القانون العسكري الاسرائيلي شرعيّته أيضًا من التواجد الظاهري لمنظومات الرقابة داخل الجهاز المدني والمتجسدة في هيئة المستشار القانوني للحكومة والمحكمة العليا الاسرائيلية، والتي يُفترض أن تراقب عمل النائب العسكري الرئيسي.

ووفق المركز، فإن جهاز تطبيق القانون العسكري الاسرائيلي يتميز أيضًا بجملة من المشاكل في نهجه اليومي، فالجهاز ليس متاحًا على الإطلاق للمشتكين الفلسطينيين الذين لا يمكنهم أن يقدموا بأنفسهم شكاوى في شرطة التحقيقات العسكرية، كما أنهم متعلّقون بمنظمات حقوق الإنسان أو محامين يقومون بتقديم الشكاوى بالوكالة عنهم.

وأكد المركز أيضًا أن هناك أهميّة عالية للتحقيق الفعلي والناجع للبحث عن الحقيقة، وأن الدافع من وراء تحديد المسؤولية القانونية عن انتهاكات حقوق الإنسان والمساءلة والمحاسبة للمنتهكين موجود في جوهر الأنشطة الأساسية لمنظمات حقوق الإنسان في "إسرائيل" والعالم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]