ظاهرة نسيان الأطفال داخل سيارة حتى الموت، أصبحت من اخطر الظواهر التي تشهدها البلاد ، وحتى في دول العالم ، فقد شهدنا مؤخرا العديد من تلك الحوادث والتي كان لمجتمعنا العربي نصيبا موجعا منها، حيث نُسي أطفالا داخل السيارة حتى الموت من قبل الوالدين الامر الذي اُعتبر قتلا غير متعمد .

تلك الظاهرة التي قضت مضجع الجماهير العربية خاصة بعد حادثة وفاة الطفلين من قرية دير الأسد احمد ومحمد اسدي مؤخرا والتي أصبحت محط جدال واسع بين الناس الذين منهم من دان وحمل مسؤولية نسيان الطفل داخل السيارة على الوالدين، ومنهم من اعطى العذر للوالدين لتعدد الأسباب ومنهم من قال ان مسؤولية سلامة الأطفال خط احمر ولا يجب تغافله.

حالات نسيان جزئي

الشابة عبير خلايلة من سخنين قالت: في البداية واجبنا ان نترحم على جميع الاطفال الذين لقو حتفهم في مثل هذه الحوادث ( وغيرها طبعا) سائلين الله عز وجل ان يجعلهم من اهل الجنة وان يصبر اهلهم على المصاب الجلل . حقيقة هذه الاخبار تصيبنا جميعًا في القلب والعقل والروح، ويصعب علينا استيعاب مثل تلك الكارثة .

وقالت: اعتقد ان ما حدث للأب ممكن ان يحدث مع اي شخص منا دون استثناء، ولا اعتبر ولا اسمح لنفسي او لغيري بان يعتبر هذه الحادثة بجريمه قتل، فهذا غير منطقي ومرفوض، فهذا قضاء وقدر، وهذه مشيئة الله ولا يحق لنا ان نعاتب الاهل ، من منا يريد حقا قتل ابنه فلذه كبده ؟! الم يسهر هؤلاء الاهل وتعبوا من اجل تربيتهم وتفير الحياة لهم ؟! ، فمن نحن حتى نعاتبهم؟، بغض النظر عن كل التساؤلات والردود التلقائية للحادثة علينا ان نحترم الموت حين يحدث، ان نلتف حول جثث من سنتين وثلاث ونحزن كثيرًا.

وأضافت عبير: اعتقد ان صعوبات وضغوطات الحياه كثيره جدا، تجعلنا احيانا نغوص في التفكير وننسى دون قصد مهمات عديده كنا يجب ان نفعلها ، اتذكر ايضا ان خلال مسار تعليمي درست موضوع علم النفس وحسب ما اذكر احيانا تحصل عند الانسان حالة لفقدان جزئي وبشكل مفاجئ لمنطقة معينه من الذاكرة ، بشكل عام تحصل هذه الحالة في فترات الامتحانات ( من منا لم تحصل معه انه درس ودرس وعندما رأى الامتحان نسيي كل شيء!) وتحصل ايضا عند السياقة. كما واعتقد ان اسباب تلك الحالات عديده، منها الرغبة بإنجاز مهمات اخرى باقل وقت، والسرعة لإنهاء أمر معين بوقت محدود، الانفعال الزائد، وافكار بسبب مشاكل وضغوطات الحياه الامر الذي يشغل الشخص عن اهم الأمور التي وجب عليه الالتفات اليها تماما كما حصل في غالبية حوادث نسيان الأطفال داخل السيارة او حتى في حوادث أخرى ، عادة تختفي هذه الحالة بعد ثواني واحيانا تستمر لفتره اطول.

وتابعت: هنالك العديد من الحلول التي من الممكن خلالها انقاذ أطفالنا من تلك الحوادث، واقترح انه بإمكاننا وضع صورة اطفالنا على المقود، نتفقد السيارة قبل الخروج منها ، واستعمال التطبيق الذي يحذر من عدم نسيان الأطفال داخل السيارة، وازاله الملصقات السوداء من على الشبابيك الخلفية للسيارة، في حال نسينا الطفل يمكن ان يراه الاخرون، وايضا فكره استخدمها شخصيا بشكل دائم حين اخرج من البيت كي لا انسى اغراضي وهي " اقف بجانب سيارتي واسال نفسي ما اذا كانت حقيبتي معي وكذلك نقودي وكل اشيائي التي تخصني والتي تهمني بشكل دائم ، واعدد جميع الاغراض التي احتاجها قبل خروجي من المنزل. كذلك انصح حين ننزل من السيارة نسأل انفسنا تلك التساؤلات كي لا نقع بخطأ يكلفنا الكثير.

واختتمت: اخيرا اريد ان اضيف انه يجب علينا ان نتنازل على الاقل الان عن دور القاضي ولا نحاكم او نحاسب بل نحتضن الاهل في غيبوبتهم الانية وايامهم الصعبة القادمة ، كذلك علينا ان ننظر الى الام والاب والعائلة بأرواحنا ونرسل لهم تعازينا بما آل لهم، علّهم على هذا صابرون، وعلينا ان نذكر انسانيتنا أولا .

ضرورة العقاب 

بدوره قال المربي حسام دراوشة من عرابة: من المؤسف ان تكرار مثل هذه الحوادث اصبحت ظاهرة متكررة، ولكن على الرغم من ان القضاء والقدر هو العامل الاساسي في الحياة والموت الا اننا لا نستطيع تجريد السائق الذي هو الاب او الام او سائق الحافلة التي تنقل الاطفال من المسؤولية، والمسؤولية القانونية تقع على الانسان البالغ العاقل وهو السائق نفسه مهما تكن الاسباب التي ادت الى نسيانه طفلا داخل سيارة حتى الموت ، والقانون لا يخليهم من المسؤولية والمساءلة الجنائية بالتسبب المباشر للقتل غير المتعمّد، والعقاب على هذا الجرم هو السجن عدة سنوات مع الاخذ بالاعتبار عند صدور الحكم ، ان هناك عقاب رباني ونفساني وعاطفي وكذلك اجتماعي كون الطفل ابنا له حيث يُخفف قليلاً من مدة السجن، ولكن القانون لا يرى ان مثل هذا العمل خطأ لأنه ادى الى وفاة طفل بريء فيحاسب عليه

وقال دراوشة: الاسباب التي يمكن ان تؤدي الى مثل هذه الحوادث هو النسيان وانشغال السائق بأمور وهموم أخرى مثل مشاكل العمل او العائلة أو أمور أخرى ، وانسداد تفكيره عن الامور الروتينية اليومية مثل توصيل الابن للحضانة ، وبالتالي قد يحصل ما لم نتوقع .

وأضاف دراوشة: بالنسبة للتخلص من هذه الظاهرة يجب التكثيف وبكل الطرق التوعية والتحذير من خلال الراديو والصحف، وكذلك ان يتم تحسين وبناء الاتصال المباشر بين الاهل والحضانة ، بين الام والاب والمسؤولية بالحضانة ليتم الاتصال بالأهل من قبل الحاضنات او مربيات الروضات في حال اي تأخير لقدوم الطفل للحضانة او للمدرسة.

هل يمكنني ان أنسى نفسي داخل سيارة مغلقة

الفنان والمربي بلال نصار قال: نسيان طفل داخل سيارة هو جريمة بحد ذاتها ان كان لدقيقه او لأكثر وارى ان هذه الظاهرة كثرت في الآونة الاخيرة والسبب في غالبية الاحيان انشغال الاهل بأعمالهم ومشاغلهم الحياتية مع الضغوطات التي يعيشونها بشكل عام .

وقال نصار: انا شخصيا لا اعرف ما هو معنى نسيان طفل داخل سيارة ولنسأل انفسنا سؤالا ، هل يمكنني ان أنسى نفسي داخل سيارة مغلقة ؟هل يمكنني تحمل وجودي داخل سيارة مغلقة في جو حار لمدة 3 دقائق؟ ، فكلنا نقتني سيارة مزودة بمكيف، اليس هذا صحيحًا؟ . فكيف لنا ان نضع طفلا حتى في سيارة من دون مكيف بل ونتركه او ننساه في سيارة مغلقة ولو لدقيقة .

وأضاف نصار: انا اعزي كل من فقد فلذة كبده ، ولا اريد ان اظهر وكأني وجدت لنفسي منفذا لكي الوم الاهل ، لكن انا بدوري كلما صعدت او خرجت من سيارتي اتفقدها جيدا، واتفقد ما اذا انا خرجت منها دون أي اشكال قد يضرني بعده ، الامر لا يتعلق فقط بوجود طفل ، ربما وجود اي جسم في مكان ما في السيارة او ربما هناك خلل معين بالسيارة وجب معالجت ، لذلك علينا جميعا ان نتعود على روتين اسمه (تفقد سيارتك قبل الركوب وقبل النزول) وملاحظة اخيرة اريد ان انوه اليها وهي عدم استعمال اللاصقات السوداء على الشباك الخلفي لأنها تحجب الرؤية وان كان بالإمكان ملاحظة وجود طفل داخل سيارة مركونة فهذا سيعق ويحجب الرؤيا ، وبالنهاية اتمنى السلامة والخير للجميع وعزائي لذوي الاطفال اللذين لقوا حتفهم بهذه الطريقة المرة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]