لم يترك الاحتلال الإسرائيلي وسيلة أو أسلوبا إلا واستخدمه من أجل تفريغ المسجد الأقصى وترهيب من يداوم على شدّ الرحال إليه والتواجد فيه باستمرار، أو إن تنبّه لإصرار أحدهم على نصرته والدفاع عنه، رجلا كان أم امراة، فتى أو فتاة، وإما كهلاً أو عجوزا.

وعلى ما يبدو فإنه فشل في كسر إرادة ديمومة التواصل مع المسجد الأقصى والإصرار بتنشيط حراك الدفاع عنه، فأخذ يستخدم أساليبا أكثر خسة، وهي محاولات التشهير والإفتراء الفظ، واستباق نشر بيانات ومعلومات دون التحقق أو التأكد منها.

ضحية التشهير الاحتلالي لهذه المرة كانت المقدسية خديجة خويص المعتقلة منذ أكثر من عشرة أيام وما زالت تخضع للتحقيق في أقبية أذرع الاحتلال الإسرائيلي. حيث نشرت الشرطة الإسرائيلية في خطوة مستهجنة بيانا باسم الناطقة باسمها، يحتوي على معلومات وادعاءات، مع أن الملف ما زال قيد التحقيق؛ وهو الأمر الذي استهجنه جميع من تكلمنا معهم من المحامين والأخصائيين القانونيين، واعتبره بعضهم غير قانوني ولا أخلاقي، وأنه نشر مقصود وله أهدافه الخبيثة.

الإعلام الإسرائيلي سارع إلى كتابة ونشر الأخبار والتقارير الإخبارية التي ارتكزت على بيانات الشرطة "الغريبة"، ولحقته أحيانا بعض وسائل الاعلام العربية، مما أدى إلى وقوعهم في فخ الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما حذر منه محامون مختصون.

تسريب غير قانوني وإفلاس أخلاقي

المحامي والحقوقي الناشط في شؤون القدس والأقصى خالد زبارقة أكد أن ملف السيدة خديجة خويص ما يزال قيد التحقيق، وأنه من غير القانوني تسريب معلومات بشأنه وبشكل رسمي -ناطقة باسم الشرطة- محتويات التحقيق قبل أن تكون هناك أي تهم مثبتة عليها.

وأوضح زبارقة أن ذلك يدل على أنّ الشرطة بدلاً من أن تمارس عملها في فرض النظام والأمن العام، فإنها تقوم بالتحريض بشكل مباشر ورسمي على لسان الناطقة باسمها، ضد شخص لا يملك أي أدوات قوة لمواجهة غطرسة الشرطة. "هذا الأمر إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على إفلاس الشرطة الأخلاقي، وما كنا نراه في السابق بشكل خفي -أن الشرطة ليست شرطة بالمعايير المتعارف عليها وإنما هي أحد أدوات الاحتلال لقمع المقدسيين والتحريض عليهم- قد أصبح اليوم أمرا رسميا".

كما استهجن المحامي زبارقة قيام الشرطة بالتشهير بالسيدة خديجة خويص والادعاء بأنها قامت بعمليات نصب واحتيال. "هذا شيء مستغرب ومستهجن لأنني في هذا الموضوع أرى الشرطة تقوم بدور التشهير خاصة بالمقدسيين والمقدسيات، لدورهم المبارك في المسجد الأقصى. وهذا الأسلوب يشير الى أنهم انتقلوا من مرحلة الملاحقة الشرطية والمخابراتية ضد كل من يعمل من أجل الأقصى. ولأنهم فشلوا في منع المقدسيين والمقدسيات من القيام بدورهم في نصرة المسجد الأقصى المبارك، فهم الآن انتقلوا إلى مرحلة التشهير والافتراء بهدف كسر معنويات العاملين الشرفاء لنصرة القدس والأقصى -وخديجة خويص من هؤلاء الشرفاء- من أجل إظهارهم بالمظهر السلبي أمام الناس".

وأكد زبارقة على وجوب التصدي لهذه الأساليب بشكل واضح وصريح، على المستوى الإعلامي والقانوني والجماهيري.

أكاذيب فادحة

من جهته عقب المحامي رمزي اكتيلات من مركز قدسنا لحقوق الانسان -والذي يترافع عن المعتقلة خديجة خويص- على بيان الناطقة باسم الشرطة قائلا: "فوجئنا ظهر الأحد بعد جلسة تداول في المحكمة التي رفضت استئناف قدمناه ضد استمرار اعتقال خديجة خويص، قيام الشرطة بنشر هذا البيان التفصيلي، في حين لا تزال التحقيقات جارية والشرطة تتحفظ على مواد التحقيق، ومن غير الممكن التأكد من صحة ما نشر".

وأضاف كتيلات أن "الأشنع" في الأمر هو الأكاذيب الفادحة التي تحدث عنها البيان بما يخص "التحايل" على مؤسسة التأمين الوطني. "موقفنا هو أن ما قامت به الشرطة هو تصرف هزلي لا يدل إلا على أن الشرطة باتت ذراع سياسي يهتم بالرأي العام في الشارع اليهودي أكثر من اهتمامه بمهمته المفترضة كجسم تحقيق وهي الوصول إلى الحقيقة".

وكانت شرطة الاحتلال قد اعتقلت خويص الأربعاء 15/6/2016 بعد استدعائها للتحقيق في مركز المسكوبية -الذي تقضي فيه حتى الآن فترة سجنها- ومددت المحكمة اعتقالها عدة مرات. في حين ستعقد غدا الثلاثاء 28/6/2016 جلسة بخصوصها في محكمة الصلح غربي القدس المحتلة.

يذكر أن السيدة خديجة من سكان بلدة الطور في القدس المحتلة، ولها خمسة من الأطفال أكبرهم يبلغ 16 عاما، وقبل نحو أسبوع اعتقلت قوات الاحتلال ثم رحّلت زوجها إلى الضفة الغربية كونه يحمل هوية الضفة الغربية بحسب الاحتلال.

كما أن هذا الاعتقال ليس الأول للسيدة خويص، حيث تعرضت سابقا للاعتقال والإبعاد عن الأقصى والقدس القديمة عدة مرات، وعملت في التدريس في المسجد الأقصى وأتمت تحصيلها الأكاديمي حتى الدراسات العليا، ونشطت في نصرة القدس والأقصى رغم ما تعرضت لها من مضايقات وملاحقة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]