أقرّ الكنيست، بعد منتصف ليل الثلاثاء، بالقراءتين الثّانية والثّالثة، ما يسمّى بقانون الإقصاء، الذي يتيح له إقصاء عضو كنيست بادّعاء التّحريض على العنصريّة وتأييد الكفاح المسلّح ضدّ إسرائيل، في حال أيّد الإقصاء 90 عضو كنيست.

وصوّت لصالح القانون الإشكاليّ 62 عضو كنيست، بينما اعترض عليه 47 عضو كنيست آخر.

وشهدت عمليّة التّصويت صخبًا في الكنيست، إذ أنّ القانون يستهدف بشكل رئيسي ضرب التّمثيل السّياسيّ للأعضاء العرب. وقد استهدف رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، النّائبة حنين زعبي، بسبب مواقفها السّياسيّة، وآخرها التي اعتبرت فيها الجنود الإسرائيليّين الذين سيطروا على سفينة مافي مرمرة التّركيّة، وقتلوا 10 أتراك، بأنهم قتلة.

اقتراح القانون لاقى معارضة كبيرة ايضًا بين صفوف عدد من المحامين الذين اعتبروه غير دستوريّ في حديثٍ خاص لـ "بكرا"، كما وطلب عددُ منهم التوجه إلى المحكمة العليا في محاولةٍ لإبطاله. 

المحامي سعيد غالية: قانون فاضح

وفي هذا السياق، عبّر المحامي سعيد غالية عن وجهته القانونية في هذا الموضوع حيث صرح لموقع بكرا: الحقوق أن تنتخب وان تُنتخب هي من الحقوق الدستورية الأساسية في اي نظام ديمقراطي وحسب القانون الاسرائيلي وقرارات المحكمة العليا. قانون الإقصاء يمس بهذه الحقوق بشكل مباشر وبحقوق أساسية اخرى كلها جزء لا يتجزأ من النظام الديمقراطي مثل حق التمثيل، حرية التعبير عن الرأي، حماية الأقلية وحقوق تتعلق بحريات الإنسان المختلفة.

وأضاف: القانون أعلاه يمنح الأغلبية فرض رأيها تحت غطاء منع العنصرية وحظر دعم الكفاح المسلح ضد الدولة لكي تقصي النواب العرب بالأساس الذين سيكونون تحت المجهر والمراقبة بكل تعبير يطلقونه من الان. هذا تدخل فاضح في تفكير وحرية الانتخاب للمواطن العربي الفلسطيني الذي يفكر بطريقة مغايرة عن الأغلبية اليهودية خاصة في الشؤون القومية والسياسية على الأغلب. لذلك فإن قانون الإقصاء غير دستوري وستكون حتما التماسات لمحكمة العدل العليا لإلغاء القانون.

واضاف غالية: الأغلبية اليمينية تعرف ان القانون سيعرض أمام المحكمة العليا، ولذلك وكانه "عُدّل" عن بدايته، وبصيغته النهائية يتطلب موافقة 70 عضو كنيست من أجل اتخاذ اجراء الإقصاء بشرط أن يكون 10 منهم من المعارضة (التي من المرجح أن تكون يمينية مثل حزب ليبرمان في بداية الكنيست الحالية أو حزب آخر يرى الاحزاب العرب بنفس المنظار كالاحزاب اليمينية) وأنه لا يمكن الإقصاء خلال فترة انتخابات. هذة "العقبات" جاءت لأجل التصعيب على العليا بإلغاء القرار، خاصة على ضوء الرأي العام الإسرائيلي في الشارع اليهودي الذي يصب في مصلحة المصادقة على القانون على الرغم من أن هذا الاعتبار مستتر ولكنه يلعب دوراً.

وقال: هذا قرار ستبت فيه اللجنة المركزية لنقابة المحامين واتوقع ان تثار هذة المسألة هناك. كما واتوقع انه لن يكون التماسا مستقلا من قبل النقابة ولكن من الممكن أن يكون طلبا للنقابة للانضمام لالتماس ضد القانون بصفتها "صديق المحكمة، باسم الديمقراطية وحفاظا عليها.

المحامي علاء محاجنة: هذا مس دستوري صارخ في الاسس الديمقراطية

اما المحامي علاء محاجنة المختص في القضايا الادارية والدستورية قال: القانون هو عبارة عن تعديل لقانون الاساس: للكنيست حيث يعطي القانون الصلاحية لاغلبية اعضاء الكنيست 90 عضو للاطاحة بعضو كنيست منتخب من قبل الجمهور، التعديل في القانون يمس بالحق الديمقراطي للمشاركة في العملية الانتخابية الديمقراطية، وبالتالي هو مس دستوري صارخ في الاسس الديمقراطية لاي نظام يدعي بانه ديمقراطي، في حال مر التعديل في القانون في القراءة الاولى والثانية والثالثة فانه يمنح الكنيست بعملية الاطاحة بعد استنفاذ الاجراءات، لا يمكن ان نرى هذا القانون بمعزل عن باقي القوانين الاخرى التي سنتها الكنيست الحالية والكنيست في العقد الماضي مثل قانون المقاطعة، الجمعيات، النكبة، وغيرها، جميع هذه القوانين تعكس توجه غير ديمقراطي للاغلبية اليمينية الحاكمة وبالتالي ستمس بالديمقراطية بخصوص حماية الاقليات من استبداد الاغلبية.

واضاف محاجنة: بنظري هذا القانون هو موجه للاقلية العربية ولكنه يعكس الصراع بين شقي المجتمع الاسرائيلي حيث يحاول اليمين فرض اقل ديمقراطيا مستغل الاغلبية التي يتمتع بها داخل المجتمع الاسرائيلي لذلك ارى بان مثل هذه القوانين يمكن ان تشكل عقبة ومشكلة امام المجتمع الاسرائيلي.

واسهب محاجنة: من ناحية الامكانيات القانونية لمواجهة هذا القانون، الحديث يقتصر بعد سن هذا القانون هي التوجه للمحكمة العليا بطلب ابطاله، لانه يمس بالدستورية وعلى راسها الحق في الانتخاب، في هذه المرحلة وقبل تنفيذ الاطاحة بعضو كنيست بشكل فعلي، المحكمة لن تقرر بعد في هذا الشأن، على اعتبار ان الالتماس في مثل هذه المرحلة ما زال بشكل نظري ولم يخرج بعد لحيز التنفيذ، والمحكمة لن تنظر به، وعليه يتوجب وفق السوابق القانونية السابقة للمحكمة العليا الانتظار حتى يتم تنفيذ الاطاحة باحد اعضاء الكنيست وبعدها، يتوجب التوجه للمحكمة العليا.

وقال: باعتقادي انه صعب التنبأ باي قرار سوف تتخذه المحكمة، رغم ان مثل هذا القرار سيمس بشكل صارخ بالقيم الدستورية الاساسية وذلك للتركيبة الحالية للمحكمة العليا والتي بدات ايضا تسيطر عليها الاغلبية اليمينية ونرى ذلك في عدة قرارات سابقة، والتي اظهرت المحكمة من خلالها تقاعسها وعدم رغبتها في التدخل في قرارات الحكومة اليمينية بحق الاقلية الفلسطينية في الداخل وبحقوق الفلسطينيين بشكل عام.

المحامي قيس ناصر: محكمة العدل العليا مخولة لابطال قانون غير دستوري ويمس بحقوق المواطن الاساسية

وجاء تعقيب المحامي قيس ناصر في هذا الموضوع : لا يمكن في مثل هذه الفترة وقبل مرور اقتراح القانون القراءة الثالثة ان نتوجه قضائيا الى المحكمة العليا، لكن بعد المصادقة عليه يمكن التوجه للمحكمة العليا لانه يمس بالحقوق الانسانية وحقوق المواطن، في هذه الحالة يمكن المحكمة ان تبث في هذه القضية، ويمكن ان تلغي مثل هذا القانون وفقا لسوابق قانونية سابقة، حيث محكمة العدل العليا مخولة لابطال قانون غير دستوري ويمس بحقوق المواطن بطريقة غير معقولة او اكثر من اللازم خاصة في الحقوق الاساسية، مثل حق حرية التعبير عن الرأي، حق التمثيل السياسي، حق العمل وحق كرامة الانسان بالطبع للمحكمة الصلاحية الكاملة في هذا الشأن، نحن كنقابة محاميين ننتظر لكيفية نظر المحكمة لهذه القضية وماهي الادعاءات في هذا الموضوع وبالطبع التوجه القضائي موجود.

المحامي خالد دغش: يخلط هذا القانون الأوراق، فيتحول البرلمان الإسرائيلي إلى سلطة قضائية

وفي تعقيبٍ له قال المحامي خالد دغش: الحديث عن قانون يعمل على تخطي الحصانة البرلمانية ومُعاقبة أعضاء الكنيست لمجرد تماهيهم مع قضيتهم الفلسطينية، طبعًا من نافل القول أن القانون يستهدف بالأساس النواب العرب.

وأضاف: إلى جانب عدم دستوريته، وهي قضية تستحق الفحص من القائمة المشتركة والتوجه بصددها إلى المحكمة العليا، يخلط هذا القانون الأوراق، فيتحول البرلمان الإسرائيلي إلى سلطة قضائية، علمًا أنّ ما يميز النظام الإسرائيلي هو الفصل بين السلطات، إلا أن الكنيست ستعمل على الحكم على نواب بإبعادهم بسبب افكارهم أو كما اسلفت تماهيهم مع قضيتهم الفلسطينية.

وأوضح: قد تساعد العليا في إبطال القانون، فهو مناف ومنتهك لحرية العمل السياسي وحرية التعبير ويكرّس سياسة الفصل العنصري ويمس بعددٍ من الحقوق مثل؛ حق الانتخاب والترشح والتمثيل السياسي، لكن هذا يحتاج إلى تكاتف وتظافر في الجهود، فالسوابق المماثلة لم تنجح جميعها إلا أنها لم تفشل كلها ايضًا.

وقال دغش: من المهم التأكيد على ضرورة التوجه إلى المؤسسات الحقوقية العالمية وطرح الموضوع أمامهم، فهذا القانون يعد سابقة، وأنا على ثقة انّ مؤسساتنا الحقوقية كـ "عدالة" و- "الميزان" ستقومان بهذا العمل لفضح الإنتهاكات الإسرائيلية قانونيًا".

المحامية عبير بكر: ما يميز قانون الاقصاء هو انه يطال المجموعة الأكبر من المتضررين وهم المصوتين العرب ونوّابهم

بدورها قالت المحامية عبير بكر لـ "بكرا": أقرّت الكنيست بالعقد الأخير العديد من القوانين العدائية التي استهدفت الفلسطينيين عامة والمواطنين خاصة. كل قانون يستهدف عامة فئة معينة من الناس مثل متضرري لم الشمل في حالة قانون منع لم الشمل او النشطاء الفاعلين من اجل تعزيز حركة المقاطعة وعدم الاتجار مع الاحتلال في حالة قانون ملاحقة دعاة المقاطعة. ما يميز قانون الاقصاء هو انه يطال المجموعة الأكبر من المتضررين وهم المصوتين العرب ونوّابهم! ما يقلق فعلا هو عدم اكتراث المواطن الفلسطيني الحريص على الادلاء بصوته كل انتخابات او عالاقل كوادر الاحزاب الحريصة على شرعية ووجود الصوت العربي وممثليه. الحديث عن قانون يلغي كل الضمانات التي يجب ان تضمنها المعايير الدستورية لحماية الاقلية من بطش الاغلبية. للاسف حتى ممثّلينا فقدوا الحماية القانونية لاداء واجبهم ومهامهم كما يجب وكما يتوقع منهم ممثّليهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]