يُمكن أن تنقلب الأمور في لحظة واحدة، زلزال واحد أو فيضان أو حتى قذيفة أو برميل ينزل عليك من السماء، قد يحولك في اللحظة التي تليها إلى "لاجئ" أو نازح، هذه التعريفات التي تسمعها في نشرات الأخبار وتعتقد أنها بعيدة عنك، لتتفاجأ بأنك مطالب بالبحث في الشوارع في محاولة لإيجاد 4 جدران تجلس بينهما في الليل مع أطفالك.

لذلك قرر المهندسون المعماريون ألا يأخذوا موقف المتفرج من هذه المأساة، إذ أنشأت منظمات خيرية على شاكلة منظمة "الهندسة المعمارية من أجل الإنسانية" Architecture for Humanity، كما أجريت مسابقات لأكثر الأفكار إبداعاً في صنع مأوى للإنسان.

إليك في هذا التقرير أفضل 6 تصاميم لمباني الطوارئ، من أناس قرروا مواجهة قسوة العالم بسلاح الهندسة:

1- عندما يمنح اللاجئون.. المأوى الشمسي

جذبت مسابقة في هولندا اهتمام مهندسين معماريين ليشاركا فيها، المسابقة التي كان اسمها "وطن بعيد عن الوطن"، وجرى الإعلان أن جائزتها ستكون لأبدع تصاميم لسكن مؤقت للاجئين في ظروف يتغير فيها عددهم باستمرار بين الارتفاع والانخفاض، وقد أشرف الجهاز المركزي لاستقبال اللاجئين على هذه المسابقة واستقبل ما يصل إلى 366 تصميماً.

المهندسان برام زونداك وأرجان دي نويجر قاما بدمج العديد من الأفكار التي جعلت تصميمهما واحداً من التصميمات الفائزة الستة بهذه المسابقة، وسمّياه المأوى الشمسي SolarCabin.

فيما كان أهم شيء في هذا المأوى الشمسي أنه يغير فكرة المواطنين عن اللاجئين بأنهم جاءوا ليأخذوا فحسب وأنهم عبء، والمأوى لا يولد الكهرباء من الطاقة الشمسية لساكنيه فحسب، وإنما يغذي شبكة الكهرباء المحلية أيضاً بالفائض من الكهرباء، بشكل لافت للمواطنين كي يدركوا ما يمنحه لهم.

إذ يلعب تصميمه دوراً كبيراً في هذه الميزة؛ لأن له وجهاً واحداً منحدراً مغطى بالألواح الشمسية يلفت الانتباه، وبهذا فإن المواطن عندما ينظر لذلك المسكن لن يستطيع أن يفكر في أنهم عالة عندما يعرف أنهم سبب في إضاءة مصباح بيته عندما يعود إليه، وهذا سيقلل التوتر المجتمعي بشكل كبير بالطبع.

إذ يستطيع هذا المأوى الشمسي أن ينتج ما يصل إلى 4800 كيلوواط في السنة الواحدة، ولا يمكننا أن نعرف بوضوح كم يحتاج من الكهرباء، لكن ذلك لن يزيد على نصف أو ثلث الإنتاج، وهناك نماذج من "المأوى الشمسي" يمكن أن تقام في يوم واحد فقط.


2- مستوحى من آلة "الأكورديون" الموسيقية.. مأوى الدقيقة الواحدة


في أعقاب الزلزال الشديد الذي ضرب نيبال العام الماضي، قرر مهندسون في شركة إيطالية تسمى Barberio Colella، أن يقوموا بتصميم هندسي لمبنى سمّوه "مبنى الدقيقة الواحدة" للنازحين النيباليين.

يعتمد المنزل على فكرة غاية في الإثارة، تشبه آلة "الأكورديون" الموسيقية، تحل مشكلة مباني الطوارئ التي تكون عادةً مكلفة وليست في متناول الذي يحتاجون إليها فعلاً، كما أنها تستهلك وقتاً في النقل، لذلك كان مأوى الدقيقة الواحدة مميزاً؛ لأنه عكس ذلك كله، ومثلما تحدث الزلازل في دقيقة واحدة، يمكننا أن ننصب المبنى في الوقت ذاته.

طريقة البناء تعتمد على مركز صلب في المنتصف به الحمام والمطبخ، مع مكان المعيشة والنوم على الجانبين، اللذين يوجدان في هيكل مضموم من أعواد الخيزران يتم فرده، كما أنه مغطى بغشاء واقٍ ضد المياه.

كما أن المأوى عند نقله لا يصل لأكثر من 2.5x 4 متر، لكن بمجرد أن يوضع في مكان آمن يستطيع المتطوعون للإغاثة فرده ليصل إلى 11.7x 4 متر، ويمكن أن يأوي ما يصل إلى 10 أشخاص.


3- من فكرة فن ياباني قديم في طيّ الورق.. مأوى الأوريغامي


بينما كان فريق في مختبر جامعة نوتردام لدراسة الحركة يجلس في اجتماع، قامت إحدى أعضاء الفريق بوضع هاتفها المحمول على ذيل إحدى أوراق أشكال الأوريغامي الموجودة على الطاولة كي يبقيه ثابتاً في مكانه، هذا الحدث الذي لا ينتبه إليه أحد، لفت انتباه الدكتورة آشلي ثرال.

لذا فكرت ثرال، "ماذا لو تمكننا من استبدال حوائط المباني التقليدية القائمة بمبنى يمكن طيه ثم فرده في الوضع الرأسي؟"، وهنا، كانت أول ولادة لفكرة "مأوى الأوريغامي"، المستوحى من هذا الفن التقليدي الياباني القديم الشهير.

مثل هذا المأوى يمكن حمل العديد منه في طائرات أو سفن أو شاحنات إغاثة لمناطق الكوارث، ليقوم بإقامته فيما بعد عدة أشخاص في ساعة واحدة، كما أن الحوائط صلبة القوام ومعزولة حرارياً، ما سيقلل الطاقة المطلوبة للتسخين أو التبريد بنسبة 70%، وهو ما يقلل الحاجة للوقود أيضاً، هذا لن ينقذ المال فقط، بل سينقذ الأرواح.


4- شاحنة واحدة تنقل 24 بيتاً.. المأوى المكبوس


قام المصممون الأتراك في شركة Designnobis بتصميم مأوى مكبوس، أو مضغوط، ميزته الأساسية هو في أنه يسلم بشكل مسطح، ثم يتم فكه في مكان السكن، دون أن يستلزم جهداً أو وقتاً لذلك، ما يجعل إقامته ممكنة في ساعة واحدة فقط.

المأوى الذي تمت تسميته Tentative، يشبه الخيمة، لكنه يختلف عنها بسقفه وأرضيته المصنوعتين من الألياف الزجاجية، بالإضافة إلى الحوائط القماشية القوية المقاومة لتقلبات الطقس.

عندما يتم فك ضغط المأوى يصبح حجمه x4 x 2 x 2.5 متراً، أي ما يكفي لإقامة بالغين وطفلين، ويدخل الضوء عبر فتحة صغيرة ونافذة، بينما يرفع عن الأرض على ركائز صغيرة.

ويمكن ضغط هذا المأوى من 2.5 متر إلى 30 سنتيمتراً عندما يكون هناك حاجة إلى نقله، لدرجة أن شاحنة تستطيع نقل 24 منه في المرة الواحدة، هذا أمر بالغ الحيوية في أوقات الكوارث.


5- 10 آلاف مأوى في سنة واحدة.. مأوى IKEA


شركة الأثاث الشهيرة الاسكندنافية قررت توظيف قدرتها في التصميم وخبرتها الكبيرة في صناعة مأوى للاجئين يصل إليهم بيسر، وقامت بتسميته "مأوى أفضل" Better Shelter، وهي تقوم بتسليمه في كرتونة مسطحة، ليقوم 4 أشخاص لا يحتاجون خبرة بتجميعه، في بضع ساعات فقط.

المأوى يشبه الخيمة، لكن سقفه من المعدن وحوائطه من البلاستيك، وبالرغم من الهشاشة التي يبدو عليها، إلا أنه "أفضل" بالتأكيد من خيمة، وهذا هو سر التسمية، كما أن عمرها المفترض جيد جداً، إذ إنه يصل إلى 3 سنوات، ومساحتها الداخلية تصل إلى 17.5 متر مربع.

أضف إلى ذلك وجود لوحة شمسية صغيرة على السقف تمد المصباح الداخلي بالطاقة، وهي تمد منفذ USB لشحن الأجهزة الصغيرة مثل الهواتف الذكية كي يستطيع اللاجئون التواصل مع عائلاتهم.

أما أكبر ميزة في هذا المأوى فهي القدرة الإنتاجية العددية الضخمة، حيث كانت IKEA قد ارتبطت باتفاق تلزم بموجبه بتسليم 10 آلاف مأوى من هذا النوع لوكالة الأمم المتحدة للاجئين، ليستفيد منها اللاجئون السوريون بالإضافة إلى لاجئين آخرين في أرجاء العالم.

6- مأوى بسهولة ألعاب الأطفال.. RE:Build

المعماريان كاميرون سينكلير وبويا خزايلي حاولا معاً أن يجدا فكرة تناور ظروف اللاجئين، وحاجتهم لمأوى قوي ويعزل الحرارة في ظل منع دول اللجوء من بناء سكن دائم، فتوصلا إلى هذا المأوى سهل التشييد.

إذ وصلت سهولة بناؤه لدرجة أن فريقاً من 10 لاجئين دون أية خبرة يستطيعون بناءه في أسبوعين فقط، اعتماداً على فكرة ملء الفراغات بالحصى والرمل وأي مواد أخرى متوافرة في المكان، فهي مكونة من هيكل معدني يتم نصبه، مع سياج يحيط به، ليكون فراغاً قابلاً للملء.

والسقف أيضاً يتم تصنيعه من سقالة تغطى بالطين، لتكون عزلاً جيداً وسقفاً أخضر في الوقت ذاته، أما بالنسبة للأرضية فهي تصنع من الخشب الرقائقي، بالإضافة إلى نظام بدائي للتعامل مع المطر.

المشروع تم تطبيقه بالفعل على أرض الواقع، عندما تم بناء مدرستين للاجئين السوريين في حديقة الملكة رانيا ومخيم الزعتري، بتكلفة 30 ألف يورو للمدرسة الواحدة، شاملة كل مصاريف المواد المكونة والنقل والتشييد والعمالة والتصميم والتخطيط.

فيما يأمل الفريق الآن أن يعمل على إنشاء مدرسة وسوق ومكان سكن، بالإضافة إلى مقصف للبيع ومركز معلومات في مخيم آخر للاجئين صوماليين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]