على مشارف استئناف محاكمة الجندي الإسرائيلي، اليؤور أزاريا، الذي أطلق الرصاص القاتل على شاب فلسطيني جريح في الخليل قبل شهور – نشرت صحيفة "هآرتس" الصادرة يوم استئناف المحاكمة (الأحد 28.8) تحقيقًا صحفيًا حول حالات سابقة مشابهة، أتّهم فيها جنود إسرائيليون بارتكاب جرائم القتل غير العمد بحق مواطنين فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وفي قطاع غزة، وخلُص التحقيق مع الجنود إلى "صفقة ادعاء" قضائية مع محامي الجنود، انتهت بإصدار أحكام طفيفة جدًا بحقهم.

وجاء في التحقيق الصحفي أن الجندي الوحيد الذي انتهت محاكمته بإدانة "شديدة" بارتكاب جريمة القتل غير العمد – هو الجندي المدعو "تيسير الهيب"، المنتمي إلى ما تُسمى "كتيبة الدوريات البدوي" (التي يشار إليها بالأحرف العبرية "غدسار").

فقد أدين هذا الجندي العربي البدوي بإطلاق الرصاص من بندقيته، على رأس ناشط سلامي بريطاني، يدعي "توم هورندل"، ينتمي إلى "المنظمة الدولية للتضامن" (ISM)، على مقربة من المحصور المسمّي "فيلادلفي"، بالقرب من رفح بقطاع غزة، وذلك في أحد أيام شهر نيسان- أبريل من العام 2003.

"الناشطون أغضبونا – أنا ورفاقي الجنود"
وقد أصيب الناشط "هورندل" فور اطلاق الرصاص على رأسه بجراح خطيرة، وقبل أن يلفظ أنفاسه متأثرًا بالجراح بعد مدة من الزمن، قدّمت ضد الجندي تيسير الهيب لائحة اتهام تضمنت بنودًا تتعلق بتعمد الإصابة بأضرار خطيرة (للجسم)، وبعرقلة الإجراءات القضائية.
وفي اليوم التالي بعد تقدم لائحة الاتهام هذه، لفظ الناشط هورندل أنفاسه متأثرًا بالإصابة، وهو يتعالج في دولته- بريطانيا. وبناءً على ذلك جرى تعديل لائحة الاتهام بحق الهيب تتضمن بند "التقل غير العمد".

وفي معرض الدفاع عن نفسه، ادعى تيسير الهيب في البداية، أنه إنما أطلق النار باتجاه فلسطيني مسلح، ودفع بأحد رفاقه الجنود للإدلاء بإفادة تتطابق مع إفادته هو، وبعد تسعة شهور اعترف تيسير الهيب بانه أطلق الرصاص باتجاه هورندل بذريعة أنه هو وناشطون آخرون أثاروا غضبه وغضب رفاقه الجنود، إذا قال: " هورندل تصرّف بوقاحة، ولم يبد أي احترام لنا"، وزعم أنه لم يقصد إصابة هورندل بأذى، لكنه (هورندل) أزاح رأسه فأصابته الرصاصة في جبينه!

المحكمة: "الجندي الهيب أساء إلى سمعة الجيش"

ورأت المحكمة أن الناشط "هورندل" بريء، وأن إطلاق الرصاص عليه جرى خلافًا للتعليمات، فأدانت الهيب وحكمت عليه بالسجن الفعلي لمدة ثماني سنوات، وفي العام 2010 تقرر تقصير مدة محكوميته، فأطلق سراحه بعد أن أمضى في السجن ست سنوات ونصف، على الرغم من اعتراض النائب العسكري العام في حينه، أفيحاي مندلبليت (المستشار القضائي للحكومة حاليًا).

وكتب قضاة المحكمة العسكرية التي أدانت الهيب، بجريمة القتل غير العمد، في سياق قرار الحكم: " حتى في الأوضاع وبغير إدارتهم، يتعيّن عليهم أن يستخدموا سلاحهم بشكل متعقل ومترو، مع الحرص على مقتضيات الأمن، وإذا استخدموه- فعند الحاجة الضرورية فقط"- كما ورد.
وفي وقت لاحق، شدّدت النيابة العسكرية في بيان صادر عنها حول هذه القضية، على أن الجندي تيسير الهيب إنما أساء بفعلته القاتلة إلى سمعة الجيش الإسرائيلي، ومصداقيته.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]