لماذا يُظهر كل من البراغيث والقراد والبعوض تفضيلات شخصية تجاه من تستهدفه من البشر؟ وطرح هذا السؤال لأول مرة عالم المناعة تيرومالاي كامالا.

تقوم الحشرات اللادغة (البق، والبراغيث، والذباب، والعناكب، والبعوض، والقراد) بتحديد ولدغ الأهداف المضيفة حسب الإشارات الكيميائية التي تطلقها.

هذه الإشارات هي المركبات العضوية المتطايرة (VOC) التي تنتجها ميكروبات بشرة الإنسان بعد أن تقوم باستقلاب إفرازات غدده الجلدية؛ فبصمة المركبات العضوية المتطايرة للفرد هي إلى حدٍّ كبير نتاجًا لفلورا الجلد (الكائنات الدقيقة فوق الجلد).

ومن ثم، فإن هذا التفضيل هو نتيجة للطريقة التي تكشف بها مستقبلات الروائح لكل حشرة لادغة المركبات العضوية المتطايرة التي تميز كل فرد تلدغه.

وتشمل غدد البشرة الغدد العرقية والغدد الدهنية، ويتم توزيع الغدد الجلدية بشكل مختلف في جميع أنحاء الجسم ووفرة الميكروبات الجلدية تكون وفق ذلك.

وتتكون بصمة رائحة الإنسان من أكثر من 400 مركب، ولا يزال البحث عن أكثرها أهمية في جذب الحشرات اللادغة في مهده.

ووجدت دراسة صغيرة أجريت على بعوض الملاريا الإفريقي، أن الأفراد الذين يراهم البعوض جذابين للغاية يتمتعون ببكتيريا جلدية مختلفة مقارنةً بالأفراد الذين وجدهم البعوض غير جذابين، أو بشكلٍ أدق، يتمتعون بوفرة أكبر ولكن تنوع أقل في البكتيريا المرتبطة بالجلد.

وجدت دراسة أخرى أن بعوض الملاريا وجد أن الأفراد الذين يحملون صفات الـHLA الوراثية أو مضادات الكريات البيضاء البشرية Cw*07 أكثر جاذبية، وبما أن كل شخص لديه نسخ متنوعة من الـHLA:

- نظام الـ HLA الفريد في جسم كل إنسان ينتج أحماضًا أمينية مختلفة، أي أن المادة التي تقوم ميكروبات بشرتهم بتحويلها إلى مركبات عضوية متطايرة هي مادة فريدة من نوعها.

- وبالمثل، فإن نظام HLA الفريد من نوعه منخرط في العمليات المناعية التي تبلغ ذروتها في التكوين الميكروبي المميز، بما أن الاستجابات المناعية هي من تختار أي من الميكروبات ستحتفظ به أو سترفضه.

تؤثر جينات الأفراد أيضًا على درجة حرارة الجلد، والرطوبة، ومعدلات الأيض، والتي هي العوامل الأخرى التي تؤثر على اختلاف درجة انجذاب الحشرة اللادغة للإنسان.

إذًا لكل إنسان ملف المركبات العضوية المتطايرة الخاص به، وهو نتاج جيناته الفريدة من نوعها وتكوينه الميكروبي المميز.

وبدورها، لكل حشرة لادغة مستقبلات محددة للرائحة. وغالبًا ما يجعل مزيج هذين المعيارين بعض البشر أكثر جاذبية لكل حشرة لادغة مقارنةً بغيره، ولا يزال البحث في هذا الموضوع في بداياته وهناك المزيد من البيانات عن البعوض الحامل للمرض من الحشرات اللادغة الأخرى.

وبما أن نمط حياة الإنسان، بالتحديد اتباع نظام غذائي معين، ينحت بشكل ملحوظ شخصية الميكروبات البشرية، فغالبًا ما ستكشف الأبحاث المستقبلية كيف يمكن أن تؤثر الحميات المختلفة على المركبات العضوية المتطايرة لدى الفرد، ما ينتج عنه زيادة أو نقصان تفضيل الحشرة اللادغة لفرد بعينه.

وغالباً ما تشرح عمليات مماثلة الفروق بين الكلاب التي تصاب بالقراد وتلك التي لا تصاب به.

ومع ذلك، في حالة القراد ليست هذه سوى الخطوة الأولى بما أن الوضع المناعي هو ما يحدد على الأرجح ما إذا كان العنصر مصابًا به أم لا، الكلاب الأكثر صحة تنجح في صد القراد الذي لديه القدرة على إصابة كلاب ضعيفة صحيًا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]