أصدرت المحكمة "العليا" قرارها مؤخرًا في اعقاب الالتماسات التي قُدمت من قبل المؤسسات الحقوقية ضد قانون التغذية القسرية، سيء الصيت، حيث رفضت الالتماسات. 

ويُعتبر هذا القانون أحد القوانين الاستبدادية الأولى الذي سنّته الكنيست الحالية في نهاية تموز من العام الماضي، رغم المعارضة الشديدة الذي لاقاه من قبل نقابة الأطباء والمؤسسات الحقوقية. وجاء قرار المحكمة باجماع القضاة روبنشتاين، مزوز، وسولبرغ (وهو مستوطن بالأراضي الفلسطينية المحتلة).

والملفت ان المحكمة رفضت الاستئنافات التي قدمت ضد تمرير القانون الا ان القيادات والأحزاب السياسية والمؤسسات الفاعلة والناشطة في مجال حقوق الانسان لم تحرك ساكنا، رغم انتهاك القانون للقانون الدولي وللانسانية.

"بكرا" بدوره توجه لبعض النواب وبعض القيادات وحقوقيين ناشطين في مجال حقوق الانسان وتحدث اليهم حول القضية واسقاطاتها على الاسرى بشكل خاص وعلى المجتمع العربي بشكل عام، وعن أسباب توقف النضال الجماهيري علما ان معاناة الاسرى ما زالت مستمرة..

يوسف جبارين: الاعتقالات الادارية كونها تشكل خرقًا لحقوق اساسية في الاجراءات القضائية العادلة

النائب د. يوسف جبارين قال لـ"بكرا" معقبا على القرار: ان المصادقة على قانون التغذية القسرية من قبل المحكمة العليا يوفر الغطاء القضائي لاستعمال أساليب التعذيب ضد الأسرى المضربين عن الطعام، الأمر الذي يشكل تحديًا سافرًا للأعراف والمواثيق الدولية التي تحرّم التغذية القسرية.

وأضاف جبارين : هذا القانون القمعي يهدف إلى كسر إضراب الأسرى الفلسطينيين بالقوّة من خلال تغذيتهم قسريًا، مؤكدًا على أن مثل هذه التغذية القسرية تشكل تعذيبًا للأسرى المضربين عن الطعام وقد تسبب إلى قتلهم.

كما وأكد جبارين أن هيئات حقوق الانسان الدولية والمهنية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، أبدت معارضتها الواضحة للإطعام القسري للأسرى، مشددًا على ضرورة احترام خيارات الأسرى والحفاظ على كرامتهم وحقوقهم الإنسانية. وقد جاء في الموقف الحقوقي الدولي بهذا الشأن، كما أوضح جبارين، أن "كل قرار تم بشكل غير إرادي وتحت التهديد والإلزام هو عديم القيمة الأخلاقية، حيث لا يصح إلزام المضربين عن الطعام بتلقي علاج يرفضونه، واعتبار الإطعام الإجباري لمن يرفضه عملا غير مبرر.

وحذر النائب جبارين من التداعيات الخطيرة المتوقعة اذا تم تتفيذ أسلوب التغذية القسرية ضد الأسرى المضربين عن الطعام، مؤكدًا على أن لهذا القانون خلفية عنصرية وسياسية قمعية وليس بهدف "الحفاظ على حياة الأسرى" المضربين عن الطعام كما تدعي مصلحة السجون الإسرائيلية.

وعن الخطوات القادمة التي سيقوم بها لمتابعة القانون ومنع تمريره قال لـ"بكرا": اتواصل مع المؤسسات الدولية من اجل تكثيف الضغط على الحكومة الاسرائيلية لانقاذ حياة القاضي والبلبول، خاصًة وان الاسرة الدولية موحدة في رفض الاعتقالات الادارية كونها تشكل خرقًا لحقوق اساسية في الاجراءات القضائية العادلة التي تضمنها المواثيق الدولية.

جواد بولس: القانون يُسلح إدارة سجون الاحتلال بأداة تستهدف في الواقع كسر شوكة الأسرى الفلسطينيين

بدوره مدير الوحدة القانونية في نادي الأسير المحامي جواد بولس قال لـ"بكرا": أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بإجازة الإطعام القسري بحق الأسرى المضربين عن الطعام، يُسلح إدارة سجون الاحتلال بأداة تستهدف في الواقع كسر شوكة الأسرى الفلسطينيين من خلال صبغها كخطوة " شرعية"، لكنها تبقى في الواقع عبارة عن محاولة لضرب واحد من أهم أساليب المقاومة والنضال في السجون وهو الإضراب عن الطعام.

وبين بولس: أن هذا القرار يتناقض مع الإعلانات الدولية بشأن حرية الأسرى، إضافة إلى المواثيق المعلنة في عدة مؤتمرات دولية احترمتها معظم دول العالم؛ كما أنه يتعارض مع موقف نقابة الأطباء الإسرائيليين، التي عارضت تشريعه ووصفته في حينه بوصمة عار.

وتابع بولس: أن قرار المحكمة يستدعي مجدداً وبإلحاح وجوب اتخاذ موقف فلسطيني واضح، إزاء الحاجة والضرورة والحكمة بالتوجه إلى المحكمة العليا الإسرائيلية في جميع القضايا التي تخص حقوق الفلسطينيين سواء الفردية أو الجماعية، فقرارها اليوم يُثبت مجدداً أنها ليست العنوان المناسب لإنصاف الفلسطيني، وإحقاق حقوقه المقرة في المواثيق الدولية.

ولفت بولس إلى أنه ومن ناحية التطبيق الفعلي، من المفترض أن لا يؤدي هذا القرار إلى تغيير على أرض الواقع وذلك إذا ما تمسكت نقابة أطباء إسرائيل بموقفها المعلن والملزم لجميع الأطباء فنحن نعرف أن من عارض تطبيق القانون في قضية الأسيرين المحررين محمد ابو علان ومحمد القيق كان الأطباء في المستشفيات المعالجة وذلك على الرغم من وجود تصريح قانوني باستعمال الإطعام القسري في حينه.

عبير بكر: طالما بقي الأطباء ملتزمين بموقفهم الأخلاقي بعدم اطعام ومعالجة الأسير عنوة فإنه لن يتم استخدام هذا القانون

المحامية الناشطة في مجال حقوق الانسان عبير بكر قالت لـ"بكرا" في هذا السياق: القانون منذ أن تم تداوله بالكنيست كان هدفه منع ألأضرار التي تلحق بإسرائيل نتيجة اضرابات الأسرى عن الطعام وليس منع الحاق الأضرار بصحة الأسرى المضربين. ألصيغة الأخيرة للقانون صوّرت القانون كمن أتى ليسمح علاجًا طبيًا قسريًا أيضُا من أجل انقاذ حياة الأسير المضرب وليس فقط لدوافع أمنية والتي لا علاقة لها بالرغبة بالحفاظ على حياة الأسير. تصوير القانون على أنه جاء ليساعد الأسرى هو خطوة مضللة وفيها الكثير من المراوغة التيلا قامت المحكمة بتبينها بشكل أعمى.

وأضافت: رفضت المحكمة العليا حتى ابطال امكانية اطعام الأسير عنوة "لدوافع أمنية" على الرغم من ان الحديث يدور عن نوع من أنواع التعذيب المحظور دوليًا. خطورة قرار المحكمة تكمن أيضًا برفضها تعريف الأسير المضرب عن الطعام والموجود في وضع صحي حرج "كمريض" بذريعة أنه أدخل نفسه لهذه الوضعية بمحض إرادته ليس كالمريض العادي. هذا منطق مشوّه ابتدعته المحكمة فقط لتبرير القانون ولو أردنا أن نسري حسب هذا المنطق فإنه يجب ان لا نعرف أيضًا المدخن الذي يصاب بسرطان الرئة "كمريض" بذريعة أنه جلب هذا المرض لنفسه وبمحض ارادته!

ونوهت: علينا أن نذكر أنه طالما بقي الأطباء ملتزمين بموقفهم الأخلاقي بعدم اطعام ومعالجة الأسير عنوة فإنه لن يتم استخدام هذا القانون. فالقانون لا يفرض على أي طبيب اتباع تعليماته وأخلاقيات المهنة هي التي تضبط عمل الطبيب وليس هذا القانون. لذا على الأطباء الحريصين على أخلاقيات مهنتهم تجاهل قرار المحكمة وتعليمات القانون وبذلك نكون منعنا استخدامه. أي طبيب يجرؤ على استخدام هذا القانون أو حتى يهدد بعلاج قسري ضد أي اسير مضرب يخل بذلك أخلاقيات مهنته ويحق للأسير تقديم الشكوى ضده لنقابة الأطباء.

عمر خمايسي: القانون حتى اللحظة نظري وليس عملي وسنتابع كل حالة بمفردها لمنع التغذية القسرية


المحامي عمر خمايسي من مؤسسة ميزان عقب لـ"بكرا" قائلا: في عام 2015 سنت الكنيست الإسرائيلي قانون الاطعام القسري أي ان الأسير المضرب عن الطعام يخول القانون جهة معينة من مصلحة السجون بالتوجه للمحكمة المركزية بالقيام باطعام الأسير قسرا، أي ادخال أنبوب من فمه او انفه الى المعدة واطعامه بدون موافقته، وهذه العملية حسب المواثيق الدولية تعتبر نوعا من أنواع التعذيب ونقابة الأطباء في إسرائيل قدمت كذلك الامر التماسا مرافقا للالتماس الذي قدمناه واكدوا انهم كأطباء لن يقوموا بالاطعام القسري لانه يتعارض مع اداب المهنة، المحكمة استمعت للالتماس الذي طالبنا خلاله ابطال هذا القانون وعدم تنفيذه، وكون القانون نفسه يعطي وزن كبير للامن الإسرائيلي، وبالتالي نحن نقول ان الاضراب عن الطعام هو أداة النضال الوحيدة للأسرى داخل السجون، او المقاومة السلمية وعادة ما تأتي بالاحتجاج على الاعتقالات الإدارية التي لا يوجه فيها تهم او لوائح اتهام وهي إجراءات تعسفية، وبالتالي الأسير يحتج على هذه الإجراءات، إسرائيل تقوم انه بالرغم من ذلك سنطعم الأسير قسرا دون الاخذ برأيه ودون الاخذ بالاعتبارات الطبية وكذلك فان هذه العملية قد تشكل خطرا على حياة الشخص وكثيرا من الحالات التي كانت سابقا أدت الى وفاة او تركت عطل جسدي في الأسير الذي يطعم اطعام قسري.

وتابع: بعد ان استمعت المحكمة الى الدفاع والى عدة مؤسسات حقوقية التمست ضد القانون وبعد مناقشة رجحت كفة الشاباك لانه هو الذي قدم تقرير سري للمحكمة ومنعنا من الاطلاع عليه حيث صدر قرار ان الالتماس في هذه المرحلة يرد ولا يقبل وان القانون سينفذ الا ان المحكمة اكدت بان الباب مفتوح مستقبلا اذا كنا نريد الالتماس او التوجه للمحكمة بخصوص حالة عينية.

واختتم: ما زلنا ندرس القانون وكيفية متابعة الموضوع، وواضح اننا سنقوم بتقديم التماس عندما يكون الامر متعلق باسير، لان المحكمة اكدت اننا في مرحلة نظرية ولا يوجد تنفيذ عملي للاطعام القسري وبالتالي حاولوا وضع مخارج للقانون العنصري الذي يستهدف إرادة وحرية الاسرى الفلسطينيين.

مسعود غنايم: يجب ان نتوجه للمحافل الدولية وان يكون هناك نضالا شعبيا!

النائب مسعود غنايم عقب بدوره قائلا: القانون ليس جديد وتم اقراره قبل مدة طويلة ولدينا تحفظات على القانون ولكن الامر الخطير هو إقرار المحكمة للقانون وهذا يدل على ان الجهاز القضائي هو داعم ومساند للجهاز الأمني في إسرائيل لعملية منافية لكرامة الانسان، حيث يمنع الحق الطبيعي بالنضال بسبب ظروف سجنه، وعلى الرغم من ذلك فان المحكمة وافقت عليه مما يدل على التوافق بين المستوى القضائي والسياسي والأمني مع الجهات الأمنية من اجل كسر محاولات الاضراب عن الطعام من قبل السجناء الأمنيين الفلسطينيين.

وتابع عن كيفية التصدي للقانون حيث قال: باعتقادي ان النضال القضائي كان احد الوسائل والنضال يجب ان يكون عالمي والتوجه عالميا لهئيات عالمية وحقوق انسان إضافة الى تجنيد نضال شعبي مع كل قضية الاسرى، سواء المضربين عن الطعام او السجناء السياسيين وغيرها من قضايا..

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]