كشف تقرير مراقب الدولة بما يتعلق بخطط التعليم للحياة المشتركة بين اليهود والعرب ومنع العنصرية في المدارس الإسرائيلية، عن فشل متواصل من قبل جهاز التربية والتعليم في وضع حد للتحريض والعنصرية، وفي اعقاب ذلك توجه "بكرا" الى جمعيات يسارية ونواب من اليسار مناهضون للعنصرية ويحرصون على محاربتها والحد من استفحالها، خاصةً في ظل الاحداث السياسية المتتابعة والتي تؤثر سلبا على العلاقات بين العرب واليهود في البلاد، لسماع موقفهم فيما يخص التقرير والسبل المطروحة لمواجهة نتائجه.

محمد دراوشة: فشل مقصود نتيجة قرار سياسي وليس بسبب عدم وجود وسائل مهنية.

محمد دراوشة مدير قسم المساواة والمجتمع في معهد "جفعات حبيبة" قال لـ"بكرا" معقبا على التقرير: في عام 2009 شكلت وزيرة التربية والتعليم آنذاك يولي تمير لجنة، كنت عضواً فيها، قامت بإعداد توصيات للتربية من أجل مجتمع مشترك تشمل العديد من الاقتراحات الفعلية لمناهضة العنصرية. ولو اعتمدت الوزارة هذه التوصيات لكان المجتمع الاسرائيلي بحال أفضل بكثير منا هو عليه اليوم، ولكانت حالت العنصرية والتشرذم المجتمعي اقل بكثير مما هي عليه.

وتابع: من بين التوصيات التي قدمناها؛ تكثيف اللقاءات الطلابية بين اليهود والعرب حيث تصبح اللقاءات جزءاً من البرنامج السنوي لكل صف في كافة المراحل. ومعروف لنا كمهنيين في هذا المجال ان مثل هذه اللقاءات تقلل من الأفكار السلبية المسبقة وتهبط منسوب العنصرية.

واردف قائلا: كذلك قدمنا اقتراح بدمج معلمين عرب في مدارس يهودية، ومعلمين يهود في مدارس عربية لكي يحصل كل طالب على فرصة لمعرفة الآخر والتحاور معه بشكل دائم وليس من خلال لقاء لمرة واحده. حتى الآن تم دمج 588 معلم عربي و-40 معلم يهودي فقط، بالرغم من استعداد الكثير من المعلمين خوض هذا المجال. اقترحنا أيضاً زيادة عدد المدارس المشتركة، وللاسف لا يوجد في البلاد اليوم سوى 6 مدارس يهودية-عربية مشتركة من أصل 6000 مدرسة في البلاد.

واسهب: ومن اهم الاقتراحات كان اعادة صياغة تدريس التاريخ ليشمل تدريس الروايات التاريخية للشعبين لإعطائها الشرعية المناسبة تربوياً، وزيادة التقبل الإجتماعي إثر ذلك. وللاسف كانت سياسة الحكومة عكس ذلك، ومنعت تدريس النكبة الفلسطينية وقصائد محمود درويش.اقترحنا أيضاً تكثيف تعليم اللغة العربية في المدارس اليهودية واللغة العبرية في المدارس العربية، وما زال التقدم في هذا المجال بطيء جداً.

ونوه: لقد شمل التقرير العديد من الاقتراحات العملية، مستنداً الى نجاح تجارب تربوية محلية وعالمية، ويعتبر التقرير بمثابة خارطة طريق واضحة للتربية لمجتمع مشترك. في حينه تبنت الوزيرة تمير هذا التقرير، وعينت مسؤولاً لتنفيذه، إلا ان الانتخابات أطاحت بها من منصبها، وقام الوزير جدعون ساعر الذي استبدلها لي وزارة التربية والتعليم بتجميد التقرير ووقف عمل الدائرة التنفيذية لهذه التوصيات.

واختتم لـ"بكرا": هذا يثبت ان الفشل كان مقصوداً وكان نتيجة قرار سياسي وليس بسبب عدم وجود وسائل مهنية. سنستمر في مركز المجتمع المشترك في جفعات حبيبة بمتابعة هذا الموضوع، لفضح السياسات التربوية الفاشلة وتقديم اقتراحات ناجعة، وتنفيذ برامج تشكل بديلاً قوياً ضد العنصرية المتنامية في البلاد.

رونق ناطور: اذا لم يوفر جهاز التربية للطلاب الأدوات التي ستمكنهم من خلق مجتمع مشترك فالنتيجة ستكون ازدياد الشرخ بين الشعبين

رونق ناطور، المديرة العامة المشاركة لجمعية سيكوي، بدورها أكدت بأن التصدي للعنصرية في جهاز التربية والتعليم وغرس قيم العيش المشترك ليس ضربا من ضروب المثاليات أو البذخ، انما حاجة أساسية وملحة وأضافت: طلاب الحاضر هم مواطنو المستقبل وهم الذين سيقررون شكله، وإذا لم يهتم جهاز التربية بتوفير الأدوات التي ستمكنهم من خلق مجتمع مشترك فالنتيجة ستكون ازدياد الشرخ بين الشعبين يوماً بعد يوم لحين فقدان الفرامل اللازمة لوقف موجات الكراهية والعنصرية.

وحول عمل سيكوي بهذا الصدد أفادت: إننا نعمل من اجل دمج موضوع التربية لحياة مشتركة وجعلها موضوعا أساسياً من خلال عملية تحضير طواقم التدريس المستقبلية وكذلك مواد التعليم لكل الأوساط بالبلاد بجهازي التعليم العربي واليهودي وبكل مجالات التعليم. ففي السنة الأخيرة عملنا ولا نزال نعمل مقابل متخذي القرارات على المستوى السياسي والتعليمي بالحكومة كما ونبادر لخطوات شاملة وعملية طويلة الأمد كي نضمن حصول المعلمين في إسرائيل على تدريب واستكمالات بمجال الحياة المشتركة وكذلك لوضع مقاييس واضحة للمواد التعليمية بحيث لا تؤدي الى أقصاء مجتمع أو فئة معينة. ونعمل لأن تكون المواد التعليمية خالية من الأفكار المسبقة والمهينة.

يوسف جبارين: مضامين مناهج التعليم تعكس فوقية قومية يهودية بعيدة عن المفهوم الحقيقي للدمقراطية

وقال النائب د. يوسف جبارين (الجبهة، القائمة المشتركة)، عضو لجنة المعارف البرلمانية في السياق: تقرير مراقب الدولة لم يفاجئنا، وانما عزّز من موقفنا الذي نتهم فيه وزارة المعارف بانتهاج سياسات رسمية تتنكر لقيم المساواة والعيش المشترك واحترام الآخر، وتحديدًا بين اليهود والعرب في البلاد. بل ان مضامين مناهج التعليم تعكس فوقية قومية يهودية بعيدة عن المفهوم الحقيقي للدمقراطية.
 
واضاف جبارين: قبل عدة سنوات نشرت لجنة مهنية تم تعيينها من قبل وزيرة المعارف يولي تمير وبرئاسة بروفيسور جابي سلمون ود. محمد عيساوي توصيات مهنية واضحة من اجل تطوير التربية للعيش المشترك، ووضعت اللجنة تفاصيل الميزانيات المطلوبة للتنفيذ. ورغم ان الطاقم المهني في الوزارة تبنى التوصيات الا ان الوزارة امتنعت عن تنفيذها حتى اليوم، وبقيت هذه التوصيات بغالبتها حبرًا على ورق. من هنا دعوتنا من جديد الى تنفيذ توصيات سلمون-عيساوي في مجال العيش المشترك، والى تخصيص الميزانيات المطلوبة لإحداث التغيير في مناهج التعليم.

نضال عثمان: على الوزارة فرض اصلاحات أشار إليها التقرير تعمل على تعزيز الحياة المشتركة في جهاز التربية والتعليم

وفي تعقيبٍ له، قال المحامي نضال عثمان، مدير الائتلاف لمناهضة العنصرية: للأسف، ودون أي علاقة لتبدل وزراء التعليم بسبب لعبة الكراسي السياسيّة، وزراء التعليم جميعًا يفضلون تجاهل ما أشار اليه التقرير معطيات مقلقة.

وأضاف: الاستنتاجات التي توصل اليها التقرير في 59 صفحة، مهمة، لكن الأهم قدرة ورغبة وزارة التعليم في فرض إصلاحات أشار إليها التقرير تعمل على تعزيز الحياة المشتركة في جهاز التربية والتعليم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]