انتشرت أمس، الأحد، على مواقع التواصل الاجتماعي رسالة وداع قامت بكتابتها عدن ابو شرخ (11 عامًا)، وهي ابنة المغدورة، دعاء ابو شرخ (32 عامًا)، والتي قتلت أول أمس أمام أطفالها في اللد.

وعبّرت عدن عما يجول في خاطرها من حزن وخوف واشتياق، حيث قالت لوالدتها أنها تحبها كثيرًا وأنّ ما أحضرته من هدايا لها (اسوارة وسنسال) أعجبها كثيرًا.

ولونت لوحتها بألوان زاهية مشرقة محاولة الإبداع من خلال الرسم لتوصل بقوة أكثر عمق حبها لوالدتها، حيث كتبت على الصورة الجملة "بحبك يا ماما" بخط أكبر من بقية الكلمات.

الكبت والقيادة والمؤسسة الإسرائيلية السبب في انتشار العنف!


وحول ضرورة دعم الأطفال في ازمات معنويًا وعاطفيًا خاصةً، والعنف المستشري في مجتمعنا عامةً، تحدث "بكرا" إلى ايمان ريناوي- مرة، وهي اخصائية سايكودراما ومعالجة عاطفية، والتي بدأت حديثها متهمة: إن المسؤول الاول عن تفشي ظاهرة العنف وانتشارها هي المؤسسة الإسرائيليّة بكافة أذرعها، مما يعني المشرّع والشرطة. ذلك لان سهولة الحصول على السلاح، والضغط على الزناد، والانتماء إلى مجموعات تتعامل بعنف وتتاجر بالمخدرات والنساء، اتاحت فرصة امام الاشخاص الذين يواجهون صعوبات معينة إلى التوجه لهذه الاساليب وحيازة الأسلحة دون أي رادع.

وتابعت ريناوي- مرة: من ناحية اخرى يجب انّ نتطرق لمسؤولية مجتمعنا وقيادته في الداخل والى مسؤولية الاشخاص الذين يشغلون مناصب قيادية ومهنيّة وبإمكانهم التأثير. للأسف، بالمجمل، مجتمعنا ذكوري، يتحدث بلغة عنيفة، وأكبر مثال على ذلك الشتائم التي نسمعها، والتي طالما تشير إلى المرأة وتتضمن إيحاءات جنسيّة.

وأضافت: هذه اللغة، وهذه الهيمنة الذكورية، تؤثر وتعرقل مبادرات ومشاريع مجتمعية وجماهيرية قد تساهم في خفض منسوب العنف أو اجتثاثه من أساسه بالمرة. وهنا علينا ألا نتجاهل أن هذه الهيمنة هي بالأصل سببًا للعنف، فالكلمة الأخيرة في هذا المشهد هي للرجل، وخط الممنوع والمسموح يتعرج وفق رغبات وحاجة الرجل، عليه يجد الرجل نفسه أمام صراعات كثيرة لفرض السيطرة والهيمنة مما يشرعن، من وجهة نظره، المس بالمستضعفين في مجتمعنا، وهم على الغالب النساء والأطفال.

واردفت قائلة: إلى جانب المسؤولية الملقاه على عاتق المؤسسة الإسرائيلية بمحاربة العنف وانتشار السلاح وتفشي الجريمة، والمسؤولية الملقاه على عاتق القيادات بالعمل على تغيير الخطاب الذكوري المهيمن إلى خطاب منصف لقضايا وحقوق المرأة، يتوجب علينا طرق باب إضافي في مشهد العنف، وهو كبت المشاعر.

وقالت: من المؤسف فعلا أننا في مجتمع يعاني من عدم قدرة الفرد في التعامل مع صعوباته، فالجتمع يعمل ويساهم ويشجع كبت الفرد لمشاعره، وخاصة الرجل، بذريعة ان المشاعر للضعفاء، مما يؤدي الى انشاء جيل قاسي القلب، وهناك عدة نتائج سلبية حصلت بسبب كبث المشاعر منها: الزواج بشريك\ة حياه غير ملائم، بناء عائله للضرورة فقط، الابتعاد عن الاخوة والاقارب، عدم اختيار المهنة المقبولة والمتاحة، وعدم محاربة الظروف للوصول إلى المراد والأحلام، وكل هذه النتائج ساهمت وسهلت عملية القتل أو التنكيل، لبعد الفرد عن مشاعره، عواطفه واختيار العيش بطريقه ميكانيكية.

الأسباب التربوية والحلول..

وفي معرضِ حديثها عن الحلول والأسباب التربوية قالت ريناوي- مرة: ان قدرة التعامل مع الصعوبات والمعضلات هي قدرة مكتسبة من السنة الاولى في حياة الطفل. ففي الثلاثة سنوات الاولى يتم صقل جوانب عدة من شخصية الطفل. وكل تغيير عند الطفل قد يحتاج فيه إلى دعم معنوي وعاطفي والى تركيز الاهل فيه. ويتطلب من محيطهم الاحتواء التام حتى يكتسبوا مهارات التعامل مع الاحباط، الغضب، الفشل ومع عدم قدرتهم على القيام بكل شيء.

واردفت: السنوات الأولى من عملي مع اشخاص في ضائقة. انكشفت امامي اساليب التربية وطرق تمرير المفاهيم في مجتمعنا وصُدمت بطرق عنيفة يتعامل بها المجتمع حتى بدون ضرب (عنف نفسي وعاطفي)، مما ساهم في تبني الأطفال لهذه الأساليب العنيفة، الجنسي الجسدي والنفسي. لان اسهل طريقه متاحة للإنسان الغاضب هي التعنيف. ولا استغرب ابدا من الكم الهائل من القتل، التنكيل، الاعتداءات الجنسية داخل البيت وخارجه، الحبس والتهديد.

تفريغ المشاعر

وعن الحلول التي تطرحها قالت ريناوي- مرة: بداية علينا ان نعمل على منع تجارة السلاح، المخدرات والتجارة بأجساد النساء والاطفال. كما ويتوجب علينا تكثيف ايام توعوية وورشات تدريبية، متقاربة الزمن، في الاحياء، المدارس، ولكل مجموعه تعمل معها المجالس المحلية والبلديات، في التعامل مع الغضب، التربية الصحية وتفريغ المشاعر والطاقات السلبية.

وانهت ريناوي- مرة قائلة: والأهم في ذلك، هو العمل على تغيير خطابنا في المجتمع، نحو خطاب منصف تجاه نسائنا وكل المستضعفين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]