«رُبَّ صدفة» وتالية المَثَل «خير من ميعاد». لا مصادفة في اقتران ذروة الأعياد الدينية اليهودية (شهر تشري بالعبرية) مع بداية فصل الخريف. هذه بلاد بعل وأساطيرها، عن دورة الفصول، وموات الأرض في الخريف وابتعاثها من جديد في الربيع!

شهر تشرين، هو شهر القطاف، وبالذات قطاف (جدّ) شجرة الزيتون، العصيّة على تبكير مواعيد قطاف ثمرات غيرها بالتهجين والهندسة الوراثية.

يعنينا، أيضاً، أن أيام شهر «أعياد تشري» العشرة هي ذورة الاضطراب في أيام وساعات عمل معبر الكرامة.

منذ سنوات قليلة، صار يهود إسرائيل يعتبرون شجرة الزيتون رمز أرض البلاد (من قبل) كانوا يقولون: الزيتون للبعير والعرب). أيضاً، صاروا يعتبرون الفلافل الطبق القومي وتليه أطباق الحمص والفول!

هل سنرى في تشرين وشهر قطاف الزيتون ذروة تجدد «حرب الزيتون» بين المستوطنين والمواطنين، كما هذا العام ذروة عمل جرافات الاحتلال في هدم بيوت ومنشآت، وحظائر أغنام، وآبار مياه الفلسطينيين بذريعة عدم الترخيص (تضاعفت من 78 إلى 128 خلال العام الجاري).

خلال اجتماع «الرباعية الدولية» الأخير، على هامش دورة الجمعية العامة، اتهم الوزير كيري إسرائيل بإخلاف وعودها بتسهيل حياة الفلسطينيين، وساق مثلاً: وعدوا أن يفتحوا جسر اللنبي 24 ساعة سبعة أيام، وبمنح الفلسطينيين ترددات الجيل الثالث والرابع خلال العام الجاري.

إسرائيل دولة اليهود، حتى قبل أن يشترط نتنياهو على الفلسطينيين الاعتراف بهذا. لا يتعلق الأمر، فقط، باحترام حرمة أيام السبوت، حيث كادت حكومة برئاسة رابين في السبعينيات تسقط لأن أوائل طائرات إف 16 حطّت في إسرائيل قبل قليل من منتهى يوم السبت!

هذه السنة هي ذروة اقتحامات المتدينين اليهود للحرم القدسي، ونرجو أن لا تكون ذروة اعتداءات المستوطنين على زيتونات الفلسطينيين، بالقطع والحرق وسرقة الثمار، وإغلاق الجيش بوابات جدار تفصل قرى فلسطينيين عن حقول الزيتون.

مع ما يقال في إسرائيل وسواها عن ذروة «الأسلمة» التي تضرب بلاد العرب والإسلام، لكن هل نجد في دولة إسلامية أعياداً دينية بقدر ما نجد في دولة إسرائيل!

الأعياد الإسلامية، في فلسطين وسواها، لا تتعدى الأيام التسعة (عيدا الفطر والأضحى، وبداية السنة الهجرية ومولد الرسول). إنها عطلة رسمية، ولكن لا يتم تعطيل مجرى الحياة العادية خلالها في أي دولة إسلامية، مثل المعابر الحدودية، وعمل المطارات وحركة السير.. إلخ!

بحكم الأمر الواقع، تعدّل إدارة العلاقات العامة والإعلام في الشرطة الفلسطينية، ساعات عمل معبر الجسر تبعاً لساعات وأيام الإغلاق في أعياد تشري العبري.

هذه بلاد الأعياد لثلاث ديانات؛ وبالتالي هذه بلاد التقاويم السنوية الثلاثة: الميلادية والهجرية والعبرية، وهذه السنة تتصادف في فلسطين عطلة رأس السنة الهجرية (الأحد 2 تشرين) مع عطلة رأس السنة العبرية (روش ها شناه) يومي 3 ـ 4 منه.

فيما سبق من سنوات، كان قادة البلدين والشعبين يتبادلان التهاني في مناسبة بدء السنة العبرية (شناه طوفاه) والهجرية.

لأسباب أمنية وعقابية تعيق إسرائيل حركة تنقل الفلسطينيين بإغلاقات مداخل القرى والمدن بالمكعبات الإسمنتية والحواجز الترابية؛ ولأسباب يهودية دينية يخضع تنقل الفلسطينيين عبر الجسر، أو نقل البضائع عبر المعابر، لديكتاتورية تعسفية في الأعياد اليهودية.

عملياً، يمكن أن يعمل الجسر 24 ساعة في ذروة شهور الصيف لو وافقت إسرائيل؛ ونظرياً يمكن أن يعمل الجسر في الأعياد اليهودية من الساعة 8 صباحاً حتى التاسعة مساءً، لو كلفت إسرائيل جنودها العلمانيين بالعمل، أو كلفت رعاياها غير اليهود، مثل الفلسطينيين الدروز بالعمل.

قطاف الزيتون

تتصادف ذروة الأعياد اليهودية مع بدء موسم قطاف الزيتون، وبعد اعتبار الإسرائيليين أن الزيتونة شجرة قومية، صار المستوطنون يسرقون الأشجار المعمَّرة من حقول الفلسطينيين ويزرعونها في مستوطناتهم؟

تقديرات فلسطينية متوسطة لحصاد الزيتون في الضفة من 17 ـ 18 ألف طن، بدلاً من 24 ألف طن هي معدل في السنوات الطيبة، وذروتها 32 ألف طن في موسم 1992 ـ 1993.

لكن، بسبب سنة مطيرة الشتاء الماضي، في غزة، فإن الموسم الزيتوني في غزة سيتضاعف هذا العام، وهو يشكل 35% من إجمالي محاصيل القطاع، والبلح. 15%، وبالتالي ستقل نسبة البطالة في القطاع على مدى شهري القطاف، وقد لا تحتاج غزة لاستيراد زيت الزيتون، لكن، من جهة أخرى، فإن منع إسرائيل تصدير فائض ثمار الجوافة الغزية، منذ عشر سنوات، يشكل ضربة للمزارعين، كما أن عراقيل تصدير التوت الأرضي والنباتات العطرية، أدت إلى تقليص الفلاحين الغزيين لمساحات زراعتها.

أي تحريض في المدارس ؟

في ذروة أعياد الخريف اليهودية هذه السنة، كانت ذروة الاقتحامات اليهودية للحرم القدسي، وأيضاً ذروة في عمل جرافات إسرائيل في هدم البيوت والمنشآت الزراعية وآبار جمع المياه الفلسطينية؛ وذروة في تقنين إسرائيل لتوريدات المياه للمدن والقرى الفلسطينية!

لكن، أيضاً، قامت الجرافات الإسرائيلية، أول من أمس، بتجريف ساحة مدرسة تجمّع أبو نوار البدوي في ضواحي القدس، مع هدم غرفة صفية لتلاميذ الثالث الابتدائي.

تصوّروا مدرسة بلا ساحة، أو تهديد مدرسة بدوية من إطارات السيارات بالهدم بحجة عدم الترخيص!

تدعي إسرائيل أن المناهج المدرسية الفلسطينية فيها تحريض، لكن تلاميذ مدرسة حُرموا من ساحة مدرسية، وتمّ هدم صف فيها، هو لا أقل تحريضاً على التحريض.

.. وماذا عن هدم قرية العراقيب البدوية في النقب للمرة 103 خلال أقل من عشر سنوات، أو رش حقول قمح وشعير قرى بدوية أُخرى في النقب بمبيدات، بذريعة زراعة غير مرخصة في حقول أراضي دولة؟

توقعات !

أكثر من مليون يهودي سيسافرون خارج إسرائيل اليهودية في الأعياد اليهودية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]