نشرت صحيفة "هآرتس"، في إطار زاويتها الأسبوعية التي تستذكر أبرز الأحداث التاريخية في إسرائيل والعالم- تلخيصًا لوقائع حادثة إلقاء قنبلة يدوية داخل الكنيست، استهدفت أعضاء الحكومة الإسرائيل في ذلك الحين، وأصابت شظاياها كلًا من دافيد بن غوريون (رئيس الحكومة) وغولدا مئير (وزيرة الخارجية)، ووزير المواصلات- موشي كرمل، ووزير الأديان والعون الاجتماعي- موشي شابيرا.

وجاء في التلخيص: في التاسع والعشرين من اكتوبر تشرين الاول من العام 1957- كان المدعو "موشي دويك" يجلس في منصة الضيوف في مبنى الكنيست بالقدس، ويتابع مجريات النقاش بين أعضاء الحكومة والنواب، وفجأة استل قنبلة يدوية كان يخبئها في جيبه وقذفها باتجاه الركن المخصص للحكومة، فانفجرت وأصابت شظاياها الأربعة المذكورين، وكان جراح وزير الأديان، شابيرا- بالغة!

وبطبيعة الحال، توقفت الجلسة بسبب وقوع الحادث، واستؤنفت في مساء اليوم نفسه، فيما واصل المحققون واجهزة الأمن التحقيق فيد وافع وملابسات الحادث، وقد تجمهر حشد كبير من المواطنين خارج باحة الكنيست وهم يتابعون ما يجري.

"عربي .. عربي .. أقتلوه"!
ووصف مراسل الصحيفة الذي أعد خبر الحادثة ما جرى، فكتب يقول: بعد انفجار القنبلة ملأ الدخان قاعة الكنيست وانبعثت رائحة شديدة من مسحوق البارود، وعلى مقربة من "موشي دويك" كان يجلس رجل يدعى يوسيف عفروني، من كريات بياليك (قرب حيفا)، وروى كيف أنه شاهد راشق القنبلة وهو يقذفها من فوق رؤوس الضيوف الجالسين في الصف الأول من المنصة، وعندما انفجرت ولى "دويك" هاربًا، فلاحقه "عفروني"، الذي روى أنه شاهد رجلًا أسمر قصير القامة يسدد ضربة إلى وجه الرجل الهارب، وأسقطه أرضًا، فاقترب منه رجل آخر، أشقر اللون، وسدد إليه ضربة حادة من الخلف، وتمكّن المطاردون الثلاثة من السيطرة على دويك، وفي هذه الأثناء تجمهر عدد من الأشخاص، وراحوا يوسعون الفاعل ضربًا وركلًا ولطمًا، وكاد دويك يلفظ أنفاسه من كثرة الضرب وشدة الضربات، ولم يسعفه سوى مجيء أفراد الشرطة وحرس الكنيست.

يهودي سوري .. من حلب!

وتبيّن أن الفاعل (كان) يبلغ من العمر (25) عامًا، وقد هاجر إلى إسرائيل من مدينة حلب في سوريا عام 1945 في إطار مشروع صهيوني يهدف إلى تهجير الفتيان والشبان إلى الدولة العبرية من مختلف انحاء العالم، وقد تبعه أفراد أسرته إلى إسرائيل قادمين من سوريا عام 1950.
وكان دويك يوم الحادثة عاطلًا عن العمل، وقبل ذلك بعام سُرّح من مستشفى للأمراض العقلية، وقد اعترف خلال التحقيق بفعلته ووجهت إلى الشرطة تهمة "محاولة ارتكاب جريمة قتل"، لكن تبيّن لاحقًا أنه سُجل في مستندات تسريحه من المصحة العقلية "انه غير مؤهل للمحاكمة والمساءلة القانونية"، وساد الاعتقاد عندها بانه فعل ما فعل بسبب حالته وليس بدوافع سياسية.

رسالة من بن غوريون للأسرة

وحسبما ودر في التقرير- فبعد يومين من الحادثة وجه بن غوريون رسالة بخط يده إلى أسرة "دويك" وأوضح لها أنه لا يعتبرها مذنبة أو متهمة أو مسؤولة عما ارتكبه ابنها، بل أبلغها بأنه يعتقد "أنكم آسفون وحزينون، مثل سائر شعب إسرائيل، إزاء الجريمة النكراء البشعة التي ارتكبها ابنكم، لكن هذا ليس ذنبكم، وأنتم تعيشون في دولة إسرائيل التي يسودها العدل والنظام، وآمل ألّا يصيبكم سوء"!

وقد تسلمت الأسرة الرسالة من ضابط في شرطة القدس، يجيد اللغة العربية، حيث قرأ الرسالة وترجمها على مسامع أفراد العائلة، ونُشر أنهم كانوا "متفاجئين ومنفعلين" واعربوا للضابط (ولاحقًا) عن مزيد أسفهم وتمنوا للجرحى الشفاء التام والعاجل!

وأجري لموشيه دويك فحص مجدد، فتبيّن أنه مؤهل لتقديمه للمحاكمة، وهكذا كان، وحكم عليه بالسجن لمدة (15) عامًا، ويذكر أن ه شكر في سنوات الثمانين حزبًا اطلق عليه أسم "ترشيش" (وتعني باللغة العبرية نوعًا من الأحجار الكريمة!)، وخاص انتخابات الكنيست عام 1988 في قائمة أشير إليها بالأحرف "ز.ع.م" (وهي الأحرف الثلاثة التي تتكون منها كلمة "زاعم"- وتعني الغضب، ولكن القائمة لم تتجاوز نسبة الحسم!.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]