نددت شخصيات فلسطينية بمصادقة "اللجنة الوزارية للتشريعات" في الحكومة الإسرائيلية على قانون منع الأذان عبر مكبرات الصوت في المساجد بمدينة القدس، محذرة في الوقت ذاته من تبعات هذا القرار.

وقال المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ محمد حسين إن هذا القرار يأتي ضمن سياسة التعسف والقمع الإسرائيلي والتدخل في شؤون العبادة، والاعتداء على الشعائر الدينية في الأراضي الفلسطينية بأكملها.

وأضاف في بيان صحفي أنه يأتي كذلك استمرارًا لسياسة حرق المساجد وهدمها وإغلاقها، محذرًا من تبعات هذه الممارسات الخرقاء التي ستجر المنطقة إلى عواقب وخيمة تتحمل سلطات الاحتلال عواقبها.

وناشد العالم أجمع بحكوماته ومنظماته ومؤسساته وهيئاته التي تعنى بالسلام وحقوق الإنسان والمقدسات العمل على ثني "إسرائيل" عما تخطط له من التدخل السافر في شؤون العبادة، ودرء الأخطار المحدقة بها والمسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس والقضية الفلسطينية.

عنصرية تجاوزت الأبعاد السياسية


من جهته، ندد وزير الأوقاف والشؤون الدينية يوسف ادعيس بقرار منع رفع الأذان، معتبرًا أن هذا القانون يعبر عن عنصرية تجاوزت الأبعاد السياسية لتصل إلى أبعاد دينية تنذر المنطقة كلها بحرب دينية، من خلال المساس بحرية المعتقدات ووسائل التعبير عنها كما كفلته الشرائع السماوية والقوانين الدولية.

وأكد أن هذا العمل ينضح تطرفًا وعنصرية تجاه أبناء الديانة الإسلامية في القدس، هذه المدينة التي يحاول العنصريون إلغاء كونها مدينة تعددية مارست فيها الديانات السماوية عبادتها وشعائرها فيها بحرية كاملة على مدار تاريخها، وتحويلها إلى مدينة بسماتٍ إقصائية تعبر عن لون عنصري متطرف.

وقال إن "هذه المصادقة لن تغير من الواقع الديني لمدينة القدس وحرية المعتقدات بها، بل ستجعلنا أكثر التزامًا بمقدساتنا وممتلكاتنا الوقفية، التي تعبر عن هويتنا وثقافتنا الوطنية والسياسية".

وأضاف أن هذه الهوية التي تستعصي على الانتهاكات المتكررة من قبل الحكومة الإسرائيلية سواء بما تتعرض له من خلال الانتهاك المستمر للقدس، أو من خلال الانتهاكات اليومية للمسجد الأقصى، داعيًا أبناء المدينة المقدسة إلى الوقوف بحزم وقوة في وجه هذه الهجمة التي تأخذ أشكالًا جديدة.

وطالب ادعيس المجتمع الدولي والعالمين العربي والإسلامي، والمؤسسات الدولية ذات الاختصاص بحماية الأماكن المقدسة والمقدسات الإسلامية والمسيحية، والعمل الفوري على دفع الحكومة الإسرائيلية للتراجع عن هذه القرارات المتطرفة وغير المسؤولة، وكف يدها عن المساس بمقدساتنا الإسلامية والمسيحية في القدس.

من لا يطق سماع الأذان فليضع القطن في أذنيه

وقال رئيس لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني الشيخ كمال خطيب "من لا يطق سماع الأذان فليضع القطن في أذنيه، أو ليرحل إلى أماكن في فلسطين ليس فيه أذان ولن يجد، أو فليرحل إلى أماكن في الكرة الأرضية ليس فيها أذان وقد لا يجد، وإذا وجد فسيجد شعوبًا لا تقبل ولا تطيق أن ترى من يلبس الكيباه بل ستطارده وستحرمه من لبسها".

وأضاف على صفحته في "فيسبوك" :"سيبقى صوت الأذان رعودًا تقصف الظلم، وستبقى المآذن رماحًا تمزق ستر الباطل والزيف، يبدو أن جنون وحماقة حكومة نتنياهو ليس له حدود. فاستهداف الأذان والمساجد، وفي مقدمتها المسجد الأقصى يعني حربًا دينية نارها ستحرق من أشعلها، يا عقلاء بني إسرائيل، إن كان بقي فيكم عقلاء، ردّوا عنّا مجانينكم".

بدوره، أكد القيادي في حركة فتح رأفت عليان أن الاحتلال يستغل الصمت العربي والإسلامي وضعف الفصائل الوطنية والإسلامية، ويسعى إلى تطبيق مخططاته على أرض الواقع من خلال مواصلة الاستيطان واقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى، وتنفيذ الكثير من المشاريع الاستيطانية لتغير الأمر الواقع في القدس إلى أن وصل الأمر لمنع الأذان في المساجد.

وأشار عليان أن حكومة الاحتلال، والتي تستخدم كل وسائلها التنفيذية والتشريعية والقضائية تسعى للوصول إلى المخطط المعلن على لسان الكثير من وزراء نتنياهو، والذي يهدف إلى هدم الأقصى، وإقامة "الهيكل" المزعوم على أنقاضه، وتنفيذ مخطط 20 20، وتكريس رؤية ما تسمى "يهودية الدولة".

وحذر من أن الاحتلال قد تجاوز بذلك كل القوانين والأعراف الدولية حتى المتعلقة بحرية العبادة، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني ولو صمت العرب والمسلمين لن يصمت على مثل هذه القرارات، وسيبقى صوت الآذان في كافة المساجد يكبر الله أكبر.

وأشاد بصمود أبناء الشعب الفلسطيني في المدينة المقدسة، والذين أثبتوا للقاصي والداني أنهم مرابطون في مدينتهم رغم كل الممارسات الإسرائيلية، وأن كل الإجراءات التي يسعى إليها الاحتلال في القدس ستواجه بمزيد من التحدي والصمود والرباط، مؤكدًا أن المقدسيين تركوا وحدهم في هذه المعركة.

وطالب كافة الفصائل الفلسطينية بضرورة تحمل مسئوليتها اتجاه ما يجري في الأراضي الفلسطينية بشكل عام وفي القدس بشكل خاص، وضرورة وضع استراتيجية في مقاومة الاحتلال وقراراته.

ودعا القيادة الفلسطينية إلى تكثيف الجهود على المستويين الداخلي والخارجي لمواجهة هذه القرارات، والتي ستغير من طبيعة الصراع إلى صراع ديني، مؤكدًا ضرورة تعزيز صمود المقدسيين.

وناشد كافة دول وأحرار العالم تحمل مسؤوليتهم اتجاه القضية الفلسطينية، وخاصة ما يقوم به الاحتلال في المدينة المقدسة، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات ستجر المنطقة كلها إلى دوامة من العنف، وأن الاحتلال وحده من يتحمل عواقب هذه الإجراءات.

لن_تسكت_المآذن 

في السياق، أطلق نشطاء فلسطينيون حملة #لن_تسكت_المآذن رداً على قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلية منع رفع الأذان في فلسطين المحتلة ومساجد الضفة.

وأطلق النشطاء الحملة على وسم #لن_تسكت_المآذن #ردوا_عنا_مجانينكم، مؤكدين أن "من لا يطق سماع الأذان فليضع القطن في أذنيه او ليرحل".

ونشر النشطاء مقاطع فيديوهات تظهر العديد من المساجد العريقة في بلدات الداخل المحتل، منها مساجد عكا ويافا والقدس المحتلة وصوت الأذان يصدح منها، تأكيدًا على استمرار رفع الأذان رغمًا عن مصادقة حكومة الاحتلال على حظره.

وقالت النائب عن القائمة العربية الموحدة في الكنيست حنين الزعبي على هشتاق الحملة: "من يزعجه صوت الأذان عليه العودة إلى أوروبا، وأصوات المآذن جزء من ثقافة الوطن وسكانه الأصليين وهذا ما تريدون اقتلاعه".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]