هذا المقال هو ضمن متابعة "بـُكرا" لليوم العالمي لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة الذي يصادف يوم السبت 3 كانون الأول (ديسمبر).

يستدل من المعطيات الجديدة الصادرة عن مفوضية تكافؤ الفرص لذوي الاحتياجات الخاصة في إسرائيل، أنه طرأ في السنوات الثلاث الأخيرة تراجع بنسبة 12% في نِسب ومعدلات تشغيل هذه الفئة في المجتمع- هذا علمًا بأن نسب ومعدلات التشغيل عمومًا ما زالت في ارتفاع، وقد بلغت حتى الآن نسبة 79%.

ووفقًا للعطيات، يعيشُ في إسرائيل حاليًا مليون و(400) ألف إنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتبلغ نسبتهم بين السكان 17%، بينما بلغت نسبة المنخرطين في سوق العمل من هذه الفئة عام 2015 أكثر من النصف بقليل (51%)، وهي نسبة أقل من مثيلتها في العام السابق (2014) حيث بلغت 55% فيما بلغت في العام الأسبق – 57%.

وأشارت المعطيات إلى انخفاض في نسبة تشغيل أصحاب الإعاقات الشديدة، البالغة حاليًا 38% فقط، بينما تبلغ نسبة تشغيل ذوي الاعاقات الطفيفة – 59%.

مسؤولية القطاعين- العام والخاص

وجاء في الخبر المنشور في "هآرتس" حول هذه القضية، أن المسؤولين في مفوضية تكافؤ الفرص (التابعة لوزارة القضاء) لا يعرفون تمامًا أسباب وعوامل التراجع المشار إليه، وأنهم يعكفون حاليًا على دراستها.

وفي حديث مع الصحيفة، قال رئيس المفوضية، "افرامي طورم"، أن مسؤولية حل هذه المشكلة تقع على عواتق كافة القطاعات: القطاع العام، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني (الجمعيات)، مشيرًا إلى أنه تحقق في السنوات الأخيرة تقدم في التشريع والنهج (السياسات)، للدفع قدمًا باتجاه توسيع نطاق تشغيل ذوي الاعاقات "وهي مسألة تنطوي على مصلحة وطنية، لكونها مفتاحًا للعيش المستقلّ، وللشعور الذاتي بالمنفعة والشراكة والانتاج والعطاء لدى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة" – كما قال.

ووصف المهتمون بقضايا ذوي الإعاقات المعطيات المنشورة بأنها "مفاجئة"، لافتين إلى الجهود الحثيثة المبذولة في هذا الإطار منذ عقدين من الزمن، والتي أدت، عمومًا، إلى توسيع نطاق عمالة المعاقين.

ويشار في هذا السياق إلى أنه تم عام 1998 سن قانون ينص على مساواة حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في كل شيء، مع سائر الفئات، بما في ذلك الحق بالعمل، ومنع التمييز ضدهم، وفي العام 2002 تحددت أنظمة أجور الحد الأدنى للعاملين والمواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتنص الأنظمة على استحقاق المعاقين الذين يتأثر اداؤهم وعملهم الوظيفي بإعاقتهم- لأجر حد أدنى، يقل عن أجر الحد الأدنى المعمول به في سوق العمل في إسرائيل.

عقبات وحواجز نفسية..

وصدر قبل عامين (2014) قرار حكومي ينص على تحديد سقف لتشغيل ذوي الإعاقات، بواقع 3% من مجمل موظفي المؤسسات العامة، على أن تبلغ هذه النسبة نهاية العام (2017) – خمسة بالمئة.

لكن تقرير مراقب الدولة أشار إلى عدم تطبيع هذا القرار عمليًا، لافتًا إلى أن نسبة الموظفين ذوي الإعاقات في القطاع العام سنة 2010 بلغ 2.05% فقط، وارتفعت حتى نهاية العام 2015 إلى 2.2% وهي نسبة أبعد ما تكون عن الهدف المقرر.

وفي هذا الإطار طرح النائبين إيتسيك شمولي ونوريت كورين أمام الكنيست مشروع قانون ينص على منح الشركات والمؤسسات التي تشغل ذوي الاحتياجات الخاصة أفضلية بالفوز بالمناقصات.

وصرّح ديفيد ماركو، رئيس المنتدى الذي يُعنى بتوسيع عمالة المعاقين- بأن السبب في تدنّي معدلات تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة عائد إلى خلل وعوائق لدى المشغلين أنفسهم، وأماكن العمل، وهي على الغالب- كما قال- عوائق نفسية واجتماعية ما زالت متأصلة لدى الكثيرين.

تعديلات

أما "نعما ليرنر، مديرة قسم المجتمع في جمعية "بزخوت" فتعتقد أن المعطيات المذكورة عائرة إلى غياب المحفزات لدى المشغلين، وهذه مسؤولية الحكومة" – كما قالت.

وقبل أيام صدّقت اللجنة البرلمانية لشؤون العمل والرفاه، على تعديد للقانون المسمى "قانون لرون"، الذي دخل إلى حيّز التنفيذ عام 2009، وكان الغرض منه إصلاح الغبن والاجحاف اللذين أديا إلى المساس بمخصصات المعاقين المنخرطين في سوق العمل، مما جعل لكثيرين منهم يفضّلون الامتناع عن العمل، غلى درجة أن 70% من (25) ألف معاق ينخرطون سنويًا في ميدان العمل- يتوقفون عن العمل خلال أقل من عام.

نظرًا لعدم الجدوى من ذلك لأن هذا الأمر يمسّ بحقوقهم من جهة مخصصاتهم الشهرية، الأمر الذي حدا بمؤسسة التأمين الوطني ووزارة الرفاه إلى التنسيق مؤخرًا مع النائبة "كارين الهرار" (وهي نفسها ذات إعاقة) لتعديل القانون، استنادًا إلى مشروع قانون كانت هي قد قدمتها في حينها، مع الإشارة إلى أن القانون القائم حاليًا ينص على أن بمقدور المعاق الذي يزداد مدخوله (بسبب العمل) لكنه فقد استحقاقه للمخصص الشهري- العودة للحصول على مخصصه دون التحقيق في وضعيته (من قبل التأمين الوطني) إلّا بمرور ثلاث سنوات من انقطاع المخصص، والنظام الساري الآن يقضي بأحقية العودة لتلقي المخصص دون الحاجة إلى تقديم طلب أو دعوى، ودون تحديد مدة الاستحقاق.

أكثر من نصف المعاقين يكسبون أقل من (6) آلاف شيكل

كما تم التصديق على تعديل آخر يتعلق بالأجر: فالقانون المعمول به الآن ينص على أن المعاق الذي يكسب أجرًا يزيد عن أجر الحد الأدنى بنسبة 45%- 60%، والذي مضى أقل من عام على استحقاقه لمخصص الإعاقة- يتوقف عن هذا الاستحقاق تلقائيًا، والآن تم التصديق على التعديل القاضي بأنه إذا كان دخل المعاق طيلة ثلاثة شهور أقل من 60% من أجر الحد الأدنى فإنه يواصل الحصول على المخصص حتى مستوى دخل قدره تسعة آلاف شيكل (حوالي 2300 دولار).

وتدل المعطيات المنشورة على أن معظم ذوي الإعاقات لا يكسبون الدخل المذكور (9 آلاف شيكل)، إذا أن 56% منهم يكسبون في الشهر اجرًا يقل عن (6) آلاف شيكل. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]