مسيرات كشفية، حلوى في كل مكان، فرق صوفية تطوف الشوارع والطرقات، أطفال مبتهجون، وكبار السن يتبادلون التهاني كتلك التي في الأعياد.. مشاهد استأثرت بها مدينة نابلس في يوم مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

طقوس سنوية باتت مدينة نابلس تتمسك بها في خضم احتفالها بالمناسبات الدينية كما هو الحال في ذكرى المولد النبوي الشريف؛ فلا تكاد تلك الذكرى تحل حتى تبدأ مؤسسات المدينة، والعديد من المجموعات الشبابية والفرق التطوعية تتنافس فيما بينها لتزيين شوارع المدينة وأحيائها وأسواقها كإحدى تلك المظاهر التي لم تغادر المدينة.

ومنذ ساعات الصباح تحولت أغلب الأسواق في مدينة نابلس، إلى ميدان عام للاحتفال بالمولد النبوي؛ فتسابق أصحاب المحال فيما بينهم لاقتناء مكبرات الصوت التي أخذت تصدح بالأهازيج والمدائح النبوية، فيما تسابق البعض الآخر بتوزيع السكاكر والحلويات على كل من يمر من أمامهم، في مشهد يدلل على عمق المحبة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

"أبو توفيق كلبونة" صاحب أحد المحال التجارية في سوق دخلة طولكرم، كما هو معروف بين أهالي المدينة، سارع منذ ساعات الصباح إلى تزيين مدخل محله التجاري ببعض ألواح الزينة، ويتوسط مدخل محله صينية وضع عليها عدة من أنواع السكاكر والشوكولاته مصحوبة بعبارة كتب عليها "صلَّ على النبي الحبيب".

ويقول كلبونة: "المولد النبوي مناسبة تسعد الكبار والصغار، وفي كل عام نحتفل به بإقامة الموالد في الدواوين والبيوت، ونوزع الحلوى في الشوارع، ونزين مداخل المحال التجارية؛ تعبيرا منا عن حبنا الشديد لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم".

الحاج سعيد خرمة، والذي يملك محلاً تجارياً في شارع حطين المؤدي إلى البلدة القديمة، سارع هو الآخر إلى اقتناء مكبرات للصوت بدأت تصدح منذ ساعات الصباح بالأناشيد الروحية والمدائح النبوية، فيما انشغل أحفاده بتوزيع الحلقوم والسكاكر على كل من يمر من أمامهم.
ويقول أبو خرمة: "إحياء المولد النبوي هو أفضل طريقة لجعل الجيل الجديد مرتبطًا بدينه ونبيه، مقدراً نعمة الإسلام التي يعيشها، ومدركاً أهمية بعثة محمد صلى الله عليه وسلم للبشرية في الوقت الذي بات الجيل يتهدده ألف خطر وخطر بهدف تشويه عقيدته وفكره ودينه".

بادرة طيبة

الداعية الإسلامي الدكتور سعيد دويكات يرى أن احتفال الناس بالمولد النبوي هو بادرة طيبة تدل على حب النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان يشوبها بعض الشعائر التي لم ينزل بها سلطان، وفق تعبيره.

وحول وجود آراء مختلفة حول الاحتفال بالمولد النبوي، قال دويكات: "نحن نحترم قائليها، ولكن في نفس الوقت يجب أن ندرك بأن من يحرّم الاحتفال بالمولد النبوي في الماضي، فذلك التجريم لا يتوافق مع الظروف الآن".

وتابع: "الهجمة مسعورة ومحمومة على السنة النبوية ونبينا محمد، والكثير يحاول تغييبها، وتم استئجار أناس يحملون أسماء إسلامية مهمتهم الطعن والتشهير بها في عقول الأجيال، وفي المقابل يجب على كل حريص على سنة محمد صلى الله عليه وسلم أن يدافع وينافح عنها وعن رسولنا".

وشدد دويكات على أن هذه المناسبة تدعونا إلى الانكباب على كتب السيرة والتفسير ودراسات العلماء، وإحياء السنة النبوية في قلوب وعقول الأجيال، والاقتداء بسنته في كل تفاصيل الحياة، عادًّا ذلك أفضل احتفال ووفاء للنبي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]