اصبح يظهر بشكل واضح للعيان انه في الفترة الأخيرة تمر القائمة المشتركة بحالة من الركود الوحدوي وذلك من خلال النشاطات التي تقوم بها مركباتها السياسية والأحزاب التي شكلت المشتركة بشكل منفرد دون استشارة باقي المركبات والتي أحيانا تؤدي الى نتائج سلبية تنعكس من خلال ردود الفعل الثائرة والغاضبة والانتقادات الواسعة التي أصبحت نهجا مستمرا لدى الجماهير العربية في البلاد منذ ان تشكلت المشتركة.

قضية النائب غطاس بما يتعلق بالاسرى الأمنيين وتعقيبات رئيس المشتركة ايمن عودة وانتقاداته الحادة حول نشاطات زميله غطاس التي لم تلاقي ترحيبا من عدد كبير من الجماهير وتصريحاته التي أظهرت بشكل واضح العمل الفردي لكل نائب او مركب في المشتركة وهو امر لم يتوقعه الجمهور، الى جانب الخلافات الداخلية بين بعض الأحزاب او النواب على تبوأ مركز القيادة ورئاسة المشتركة أصبحت واضحة امام الجماهير التي بدأت بفقدان الثقة بمركبات المشتركة وأصبحت تنادي بتوحدها وإعادة النظر في الأخطاء التي قامت وما زالت تقوم بها حتى تضمن استمرارها خلال الانتخابات القادمة وتصويت الجمهور العربي لها في البلاد.

نشاطات القائمة المشتركة أصبحت تشكل عناوينا رئيسية في الصحف والمواقع العربية وحتى في مواقع التواصل الاجتماعية والاعلام الاجتماعي، وعدم اتفاقهم على خط سير وحدوي حيث يظهر ذلك من خلال تصريحاتهم الصحفية اصبح يقض مضاجع العديدون، فهنالك من بدأ بطرح حلول بديلة وهناك من بدأ بطرح حلول لابقاء المشتركة والمحافظة عليها وهناك من اصبح يخشى ان تتفكك وان تصبح قائمتين بدل القائمة الواحدة مما يؤدي الى خسارة أصوات او حرقها وتفكك وحدة المشتركة ومفاهيمها الوطنية.

"بكرا" تحدث الى بعض المختصين بالاحوال السياسية في البلاد والمتابعين لمجريات الاحداث في القائمة المشتركة منذ تأسيسها، حول اخر المستجدات، تقييهم لعمل المشتركة، ومستقبلها في حال استمرت الحال كما هي.

خالد أبو عصبة: هذا ليس وقت المنافسة بين مركبات المشتركة بل عليها ان تعمل جماهيريا حتى تستعيد ثقة الجمهور

د. خالد أبو عصبة مدير مركز مسار للأبحاث قال ل"بكرا" حول الموضوع: اعتقد ان القائمة المشتركة كانت مطلب الجمهور العربي وواجب عليها ان تكون صريحة مع هذا الجمهور وحتى وان كانت هناك بعض الخلافات داخل القائمة المشتركة فأنه من المفروض ان يطلع الجمهور على هذه الخلافات وان لا يكون فقط لديه تأويل ان يكون هناك خلافات بينهم لانه يبدو ان فعلا هناك خلافات، لذلك المفروض ان يكون هناك امام الجمهور اجندة للقائمة المشتركة واضحة وخطة عمل يعمل الجميع بحسبها ولتحقيقها، القضية يجب ان لا تكون فقط إعلامية وشعبية كل نائب، لانه اذا استمر الوضع بهذا الشكل سيفقد الجمهور الثقة بنواب المشتركة بشكل عام، اذا لم تحقق القائمة مطالب الجمهور وتوقعاته علما انه لا يتوقع منها ان تلبي جميع توقعاته ولكن عالاقل ان تكون صريحة مع الجمهور العربي وان يكون هناك اطلاع على ما يدور داخل المشتركة وما يمكن تحقيقه وفق اجندة استراتيجية تضعها القائمة المشتركة، لا نستطيع ان نقول ان هناك إنجازات بل يجب التفصيل لانهم اليوم يطرحون إنجازات فردية لكن ليس لهذا الهدف أقيمت القائمة المشتركة، المفروض ان يكون هناك إنجازات جماعية حتى يشعر الجمهور ان مطلبه بإقامة المشتركة كان قرار صحيح وان لا يكون الهدف هو شعبية نواب معينة، واعتقد ان على القائمة المشتركة اجراء الاستطلاعات وان تكون أداة عمل لها لوضع خطط واستراتيجيات جديدة للعمل امام الجماهير.

وتابع أبو عصبة لـ"بكرا": محاولة كل مركب من مركبات المشتركة ان يتبوأ اعضاءه والمنتمين له المراكز القيادية في المشتركة هو شيء مشروع في السياسة ولكن هذا ليس هو الوقت المناسب لهذه المنافسة بل يجب حاليا ان يكون هناك عمل جماعي وان يثبت كل فرد جدارته بداخل العمل الجماعي كمجموعة عمل ومنها الجمهور يستطيع ان يطرح من يستحق ان يتبوأ قيادة المشتركة، للأسف قد مر عام ونصف حتى الان المشتركة لم تتفاهم والخلافات تظهر بشكل واضح بين مركباتها لذلك يجب توحيد هذه الجهود من خلال خطة عمل مشتركة بقضايا متعددة سياسية وخدماتية اجتماعية يفترض ان تقترح وان يتم العمل عليها.

محمد درواشة: قد يحدث انفجار داخل المشتركة يؤدي الى انقسامها، وقد يكون هذا شراً لا بد منه

محمد دراوشة مدير معهد جفعات حبيبة عقب بدوره قائلا لـ"بكرا": أعضاء المشتركة يُضحون بشراكتهم وبذلك يُبخروا حلم 88٪‏ من المصوتين العرب، الخلافات طغت على مسيرة المشتركة منذ الأسبوع الأول لتأسيسها، حيث قامت بعض مركباتها بمحاولة أسر القائمة لتخدم مصالحها الفئوية، وأصبح بعض أعضائها ألد أعدائها، كنتُ من أوائل من بارك إقامة القائمة المشتركة، وبذلتُ جهوداً كثيرة لتعزيز قوتها، وحشد دعم الجماهير لها، وخاصةً إستقطاب الغير مُحزبين للوقوف خلف هذه التجربة الوطنية ، ولكني أقف اليوم حائراً امام عدم قدرتها على التفاعل الإيجابي بين مركباتها، حيث لم تتمكن المشتركة حتى الآن من ضبط هذه المركبات لتتناغم معاً وتصيغ قواسم مشتركة كافية لضمان استمرارها.

وتابع: حتى الآن لا أعرف ما هي العوامل الرئيسيّة لهذا الفشل البنيوي، هل هي تناحر بين القيادات، ام محاولات تحجيم احدها للآخر، ام انها تعمل في ظل حكومة يمين تمنعها من تحصيل إنجازات تتباهى بها امام المصوتين، ام انها اختلافات جوهرية حول طروحات موضوعية، الا أنني أعرف ان الشارع لن يرحم هذا الفشل وسيعاقب المشتركة اذا واجهت الانتخابات القادمة بهذه الهيئة، فالمواطن العادي لا يرى الفروقات الأيديولوجية الجوهرية، حيث انه يفهم ان من اختار العمل البرلماني فقد اختار العمل حسب أصول اللعبة السياسية، وليس محاولة عكس مواقف مقاطعي المشاركة السياسية في داخل اطر المشتركة.

وأضاف قائلا: قد يحدث انفجار داخل المشتركة يؤدي الى انقسامها، وقد يكون هذا شراً لا بد منه، على أمل ان يكون الإنقسام على قضايا جوهرية، وليس على قضايا شخصية. ولكن باي حال يجب محاولة إنقاذ القائمتين ان حدث ذلك لضمان اكبر تمثيل لجماهيرنا في الكنيست، اما اذا استطاعت المشتركة تخطي أزمتها الحالية والحفاظ على تلاصقها، فعليها تغيير نهجها فوراً، من خلال خلق آليات اتخاذ قرار حديثة، وفرز قائد بدعم وإجماعٍ حقيقي، وفرز ناطق رسمي، وتوكيل مهام تخصصية لكل واحد من أعضائها.

ونوه: لا بد للمشتركة من ان تخلق مساحة تمثيلية للفئات الغير محزبة في تركيبتها المستقبلية للانتخابات المقبلة لتتمكن من إحتواء التغييرات التي تحصل بين معركة انتخابية واُخرى، وإلا فإننا سنرى عدداً من التنظيمات السياسية التي ستتحدى المشتركة لتعكس هذه التغييرات، وأنصح كل من يسعى الى مثل هذا التحدي ان يتريث ويعطي المشتركة فرصة الوِحدة الحقيقية، على الأقل لبضعة أشهر.

علي حيدر: لم تستطع القائمة المشتركة وضع استراتيجية واضحة وموحدة تعمل على تحقيقها

المحامي والناشط علي حيدر عقب بدوره قائلا في نفس السياق ل"بكرا": لقد تشكلت القائمة المشتركة في سياق سياسي معين، وفي ظروف الزمت مركباتها على خوض الانتخابات في قائمة واحدة، كان السبب الرئيسي لخوض الانتخابات معا هو رفع نسبة الحسم، تأسيس القائمة المشتركة خفف في حينها حدة التوتر والحساسيات بين الاحزاب السياسية المختلفة ولاقت استحسانا ودعما من المجتمع العربي الذي طالما حلم وطمح ورغب في ان تخوض الاحزاب العربية الانتخابات للبرلمان معا متغلبة على المعيقات الشخصية والحزبية، لقد نجحت القائمة المشتركة في الحصول على أغلبية ساحقة من اصوات المجتمع العربي مما مكنها ان تكون الكتلة الثالثة في الكنيست والمعارضة الرئيسية للحكومة، كما انها استطاعت دمج اشخاص جدد وممثلين من كافة اماكن ومواقع تواجد المجتمع العربي، الشيء الذي يعكس الى حد ما مبنى المجتمع العربي.

وتابع: ان القائمة المشتركة ورغم الاختلافات الايدولوجية بين مركباتها والتشكل الشخصي والتجارب المختلفة لقياداتها الا انها استطاعت حتى الان رغم التحديات الداخلية والخارجية الحفاظ على تماسكها رغم مراهنة العديد من الاشخاص على انها سوف تتفكك بعد الانتخابات، رغم ان القائمة المشتركة تعمل مقابل اكثر حكومة اسرائيلية يمينية ومتطرفة عنصرية ومن غير المتوقع احداث تغيير جوهري عميق من خلال البرلمان الا ان اعضاء المشتركة وبتفاوت معين بين اعضاءها استطاعوا تقديم بعض الامور العينينة واعاقة ومنع بعض المشاريع العنصرية.

وأضاف: ومع ذلك ينقص التنسيق الجيد والجدي والعميق بين مركباتها، كما ينقص وجود حوار عميق حول الامور الفكرية والتوجهات الاستراتيجية، بمعنى انه يمكن القول بان القائمة المشتركة لم تنجح حتى الان ببناء مؤسسة ونظام عمل جدي يتناسب وطبيعة المرحلة بل بقي عملها مقصورا في الغالب على ردود فعل، اضف الى ذلك رغم الامكانيات المادية المتاحة للقائمة المشتركة كان من المتوقع اقامة مراكز ابحات وتطوير تدعم وتبادر وتحفز وترفد عمل القائمة، من المتوقع تحويل القائمة المشتركة من وسيلة الى غاية بحد ذاتها. اضف الى ذلك، من المتوقع ونتيجة لتوفر ميزانيات للقائمة المشتركة تفعيل فروع وكوادر الاحزاب وبعث روح جديدة في العمل الجماهيري والسياسي العربي.

ونوه: طبعا هنالك تفاوت بين قدرات واداء بعض اعضاء القائمة المشتركة؛ واعتقد انه يجب احداث تغيير جوهري في بعض الشخصيات في الانتخابات القادمة. لم تستطع القائمة المشتركة وضع استراتيجية واضحة وموحدة تعمل على تحقيقها كما انه لم تحدد اهداف واضحة لعملها تأخذ بعين الاعتبار كل الفرص والتحديات التي يمكننا تقييم عملها بناءا على هذه الأهداف، نلاحظ احيانا تنافسا جليا او خفيا بين بعض اعضاء البرلمان وخصوصا في وسائل الاعلام.

واسهب موضحا: من المفروض ان تبلور القائمة المشتركة استراتيجية اعلامية ومصارحة ومكاشفة واطلاع المجتمع العربي على عملها كما يترتب توضيح الرسائل العينية والعامة امام الاعلام العبري والاجنبي، من الاهمية بمكان توثيق العلاقة بين القائمة المشتركة ولجنة المتابعة ولجنة رؤساء السلطات المحلية العربية وتوزيع الادوار والمهام بحكمة ومهنية ومسؤولية في اطار القواسم المشتركة.

وأشار ل"بكرا": اتوقع ان تخلق القائمة المشتركة مركز حراك سياسي في اطار لجنة المتابعة والحضور ليوم كامل في الاسبوع لمناقشة القضايا مع المجتمع العربي في الناصرة وان تصدر من هناك قراراتها وتصريحاتها؛ الشيء الذي من الممكن ان يساهم في بث روح جماعية وتواصل اكثر مع المجتمع العربي، رغم ان هنالك تواصل بين اعضاء المشتركة في الكنيست واجراء بعض الزيارات المشتركة للبلدات العربية الا ان ناشطي واعضاء الاحزاب لم يذوتوا بعد هذه الشراكة مما يبدوا واضحا احيانا من خلال المناكفات والتعقيبات والتلاسنات في الشبكات الاجتماعية؛ ولذلك يترتب الا تبقى المشتركة فاعلة فقط في الكنيست بل يجب ان تتغلغل لكل الناشطين مع احترام ثقافة الاختلاف، هنالك العديد من الازمات التي تواجهة المجتمع العربي مثل العنف والفقر وحوادث الطرق وهدم المنازل والبطالة الخ..التي من الصعب ايجاد حلول لها من خلال البرلمان ولكن المجتمع يتوقع من قيادته ايجاد حلول لهذة الازمات.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]