توصَّل باحثون باستخدام الهندسة العكسية إلى ممارسات طقوس قديمة التي أوجدت جمجمة أريحا شرق الضفة الغربية، وهي إحدى أهم القطع الأثرية في المتحف البريطاني؛ ليكشفوا النقاب عن وجه الرجل الذي زُينت بقاياه وبُجِّلت منذ 9500 عام تقريباً.

تعد جمجمة أريحا أيضاً أقدم تمثال في مجموعة المتحف البريطاني. وحتى وقت قريب، كان التمثال الأكثر غموضاً؛ إذ كان عبارة عن جمجمة مبتورة مغطاة بالجص البالي، كما تحتوي تجاويف العينين على أصداف بحرية بسيطة، لتبدو الجمجمة تحدّق بلا عيون أثناء عرضها، بحسب موقع National Geographic.

وتعد جمجمة أريحا واحدةً بين سبع جماجم من العصر الحجري الحديث، تمت تغطيتها بالجص وتزيينها، تلك الجماجم اكتشفتها عالمة الآثار كاثلين كينيون عام 1953 في موقع تل السلطان بالقرب من مدينة أريحا.

ونُشر هذا الاكتشاف -وما أحدثه من ضجة أثرية جلبت لكينيون شهرة عالمية-لأول مرة في مجلة ناشيونال جيوغرافيك في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي.

وكتبت كينيون، وهي تصف لقراء مجلة ناشيونال جيوغرافيك لحظة اكتشاف الجمجمة الأولى "أدركنا ونحن تغمرنا لذة الاكتشاف أننا ننظر لهيئة رجل عاش ومات منذ أكثر من 7000 عام".

وأضافت "لم يفكر أي عالم آثار (حسبما كتبت) حتى في وجود مثل هذه التحفة الفنية".

على الرغم من تفاوت تفاصيل الجماجم السبع، جميعها تم حشوها في الأصل بالتراب لدعم عظام الوجه الحساسة، قبل أن يُستخدم الجص الرطب في خلق ملامح الوجه الفردية، مثل الأذن والخدود والأنوف. ورُكبت أصداف بحرية صغيرة مكان العينين، وحملت بعض الجماجم آثار طلاء.

وتفرّقت رؤوس كينيون الجصية من العصر الحجري الحديث على المتاحف في جميع أنحاء العالم للمزيد من الدراسة، ووصلت جمجمة أريحا الخاصة بالمتحف البريطاني إلى لندن عام 1954. إلا أن المحاولات الأولى لاستجداء المزيد من المعلومات من القطع الأثرية غير العادية، أثبتت عدم جدواها.

فيما محا مرور آلاف السنين كثيراً من التفاصيل المادية من الجص الذي غطى الجمجمة، ولم تتمكن الأشعة السينية العادية من التفريق بين كثافة العظام المماثلة والجص. وكانت النتيجة "فقاعة بيضاء على لوحة الأشعة السينية" حسب وصف ألكساندر فليتشر، أمين معرض ريموند وبيفرلي ساكلر عن الشرق الأقصى القديم، الذي ترأس مشروع إعادة البناء في المتحف البريطاني.

لم تخضع جمجمة أريحا لفحص الأشعة المقطعية الدقيق حتى عام 2009، إذ استطاع العلماء أخيراً تصوير البقايا البشرية الموجودة تحت الجص. الأشعة أظهرت جمجمة شخص بالغ تمت إزالة فكه الأسفل، من المرجح أكثر أنه ذكر.

وكان الحاجز الأنفي مكسوراً، والأضراس الخلفية كانت مفقودة. كما نُحت ثقب في مؤخرة الجمجمة، لذا من الممكن أنه تم من خلاله تعبئة الجمجمة بالتراب. أظهرت الأشعة حتى بصمة إبهام عمرها 9500 سنة، إذ أغلق شخص ما في النهاية الثقب الذي تمت تعبئته بالطين الناعم.

المصدر: هافينغتون بوست- صفا

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]