أزمة الكهرباء في قطاع غزة ليست جديدة، بل هي أزمة قديمة نسبيا، تضاعفت مع إنقلاب حركة حماس على الشرعية في اواسط 2007 لإن كمية الطاقة المنتجة في محافظات الجنوب والمشتراة من إسرائيل ولاحقا من جمهورية مصر لا تفي بحاجات السكان. ومن المعطيات الرسمية المتوفرة فإن إجمالي المتاح من الطاقة لا يتجاوز ال187 كيلو وط، في حين أن ابناء الشعب الفلسطيني هناك بحاجة إلى حوالي 600 كيلو وط. وكلما زاد عدد السكان، وزادت ورش العمل والمؤسسات التعليمية والصحية والصناعية ومؤسسات العمل العام بالإضافة للمساجد والكنائس، كلما إزدادت الحاجة لتوليد طاقة جديدة، أو تأمين مصادر طاقة جديدة.

لكن المواطنون في القطاع كانوا يتعايشوا مع الواقع القائم قبل الإنقلاب الحمساوي على السلطة، لإن القيادة كانت تحرص على تأمين الطاقة المناسبة لحاجات السكان. ومصادر الطاقة الموجودة تلبي الحاجات بشكل معقول. غير ان اسباب تفاقم الأزمة، نجم عن الآتي: اولا قصف إسرائيل بين الفينة والأخرى لمحطة توليد الكهرباء جنوب مدينة غزة، وهذه المعضلة أمكن التغلب عليها، رغم انها كانت تثقل كاهل الشركة والمواطن على حد سواء؛ ثانيا الإنقلاب الحمساوي، الذي عمق فعليا الأزمة من خلال مجموعة إنتهاكات للطاقة المحدودة في المحافظات الجنوبية، منها 1- إستهلاك حركة حماس لنسبة 37% من مجمل الطاقة الموجودة لقياداتها ومكاتبها وكوادرها ومساجدها وانفاقها؛ 2- عدم تسديد حركة حماس للطاقة، التي تستهلكها، وتصل إلى حوالي ثمانية ملايين دولار شهريا؛ 3- عدم تسديد حركة حماس الأموال المجباة من المواطنين لموازنة السلطة، كي تقوم بتغطية الطاقة المشتراة من إسرائيل او من مصر؛ ثالثا المحاولات المستمرة من قبل قيادة الإنقلاب في القاء اللوم على الحكومة الشرعية والرئيس محمود عباس وإستخدام ذلك للتحريض على القيادة الشرعية. مع ان حكومة التوافق والحكومات السابقة لها كانت تقوم بتسديد الإلتزامات المطلوبة لإسرائيل شهريا؛ رابعا الزيادة الطبيعية في عدد السكان والمؤسسات، وبالتالي مضاعفة الحاجة لطاقة إضافية.

الحلول اولا تنفيذ الإتفاقيات المبرمة ودفع عربة المصالحة للإمام؛ ثانيا تسديد حركة حماس قيمة إستهلاكها للكهرباء فورا؛ ثالثا إخضاع مؤسسات وبيوت قادة حماس والمساجد لنظام التقنين المتبع في المحافظات، وعدم إستثناء اي شخص او مؤسسة؛ ثالثا زيادة الطاقة المنتجة، او تأمين طاقة جديدة؛ رابعا اللجوء لتأمين الطاقة البديلة من خلال بناء شبكات للطاقة الشمسية، التي يمكن ان توفر كميات هامة لتلبية حاجات السكان.

أما ضجيج حركة حماس مرة بتحميل القيادة الشرعية المسؤولية، ومرة بتحميل المساهمين بشركة الكهرباء، على إعتبار انهم من حركة فتح او من المقربين منها، فهذا نوع من قلب الحقائق، والتهرب من حقيقة الأزمة الموجودة والمتفاقمة يوما بعد الآخر. الأزمة ليست ناتجة عن القيادة الشرعيىة ولا المساهمين، الأزمة فيمن يسرق الكهرباء، ولا يسدد المستحقات المالية، وفي التهرب من المسؤوليات تجاه المواطن الفلسطيني. والقيادة برئاسة محمود عباس وحكومته الشرعية مستعدون للتعاون مع اي جهة إن كانت تركيا او قطر او كائن من كان لديه الرغبة والإستعداد لحل ازمة الكهرباء. ولكن على قيادة حركة حماس الإلتزام بما ورد اعلاه في ما يتعلق بالحلول. اما التلكك والتهرب والتسويف والمماطلة وإستنزاف الموطن الفلسطيني والقيادة الشرعية على حد سواء عبر اساليب مبتذلة ومكشوفة، فهذا لم يعد ينطلي على احد.

وعلى حركة الإنقلاب الحمساوية ان ترفع يدها عن حرية المواطن في التعبير عن سخطه ورفضه لسياساتها وانتهاكاتها للطاقة الموجودة وللحريات، وعليها الإفراج فورا عن المواطنين والصحفيين، الذين إعتقلتهم، والعودة إلى جادة الصواب والمصالح الوطنية إن كانت معنية بالمصالحة والشراكة السياسية، كما اعلن قادتها في بيروت خلال إجتماعات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني. وعلى الشعب ان يواصل الإحتجاج دون توقف، لإن حماس لن تقبل باية حلول وطنية إلآ تحت سيف الضغط الشعبي.
[email protected]
[email protected]
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]