بعدما أخذنا إجازة قصيرة، حاولنا فيها العودة الى أيام مجيدة من مسيرتنا، حيث انضم الآلاف من أبناء شعبنا للتضامن والوقوف الى جانب أصحاب البيوت المهددة في قلنسوة، والى جانب أهالي أم الحيران في "بيوتهم الصامدة في الجنوب"، والوقوف الى جانب العائلة الثاكلة (أبو القيعان) التي فقدت علمها، وتوجت أعمال الاحتجاج والاستنكار بمظاهرة كبيرة تمت في تل أبيب مساء السبت الماضي، بعدما عشنا أياما من النضال والوحدة والتكاتف وكدنا ننسى مآسينا الأخيرة، واذ بالخبر اليقين يعيدنا الى واقعنا المأساوي في مساء اليوم التالي، الأحد " لقي مصطفى عامر البالغ من العمر (49 عامًا) ونجله علاء (27 عامًا) من سكان مدينة كفرقاسم مصرعهما اثر تعرضهما لإطلاق نار من قبل مجهولين".

ولم تمض ساعات على توديع كفرقاسم وأهالي المثلث لضحيتي القتل والاجرام مساء يوم الاثنين، واذ بجريمة أخرى تقع في أم الفحم تؤدي الى وفاة الشاب محمود نادر ابو رجا جبارين، ابن الـ 17 ربيعا، متأثرا بجراحه التي أصيب بها جراء تعرضه للطعن خلال شجار وقع في أحد أحياء المدينة. وتبين فيما بعد أن المشبوه به (16 عاما) سلّم نفسه للشرطة.

وفي مساء اليوم ذاته أعلنت الشرطة أنه تم إطلاق عيارات نارية في مدينة اللد " اصابت مواطنين عربيين بجراح طفيفة". كيف يعقل هذا أن ينجم عن اطلاق الرصاص "اصابات طفيفة" فقط، هل المصوبين ما زالوا فتيانا ومبتدئين في عالم الاجرام؟ واذا كانوا كذلك سينالون – لا شك - نصيبهم ممن أرسلهم لعملية فشلوا فيها.

وتمهيدا لحالات الاجرام تلك، قام أحد الطلاب ( وأرجوكم ألا تستغربوا!) في كفركنا بتوجيه لكمة (واحدة فقط!) الى أحد المعلمين أدت الى نقل المعلم الى المستشفى واجراء عملية له في فكه (لأنه أصيب ببعض الكسور فقط!).

أعزائي لا حاجة بنا لوصف حالة الغضب وأجواء الحزن والاستنكار التي عمت البلدات المنكوبة خصوصا ومجتمعنا عموما، ها نحن نعود لممارسة عاداتنا، يقوم المجرمون والقتلة بواجبهم ونحن نقوم بواجبنا، فها هو رئيس بلدية كفرقاسم يستنكر " كافة انواع العنف، ودائما نناشد بمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة التي تقلق ابناء مجتمعنا" ؟ ( الى كم علامة سؤال وتعجب نحتاج؟!)

ولم يقصر رئيس مجلس كفر كنا في " استنكاره وشجبه لظاهرة العنف في المدرسة، ودعم المجلس لكل اجراء صارم ضد اي طالب تراوده نفسه بالتعدي على معلمه او اي مربي فاضل"، وذلك خلال عيادة الرئيس للمربي في المستشفى (لكم أن تضيفوا بعض علامات السؤال والتعجب).
الغريب أيها الأخوة والأخوات أن "لجنة مكافحة العنف المنبثقة عن لجنة المتابعة، تمسكت بالصمت ولم تصدر أي بيان أو تصريح على غير عادتها! استغربت الأمر وبحثت في المواقع الاخبارية علني أجد ضالتي لكني فشلت.. ولهذا فاني أعلن استنكاري لاستنكاف لجنة مكافحة العنف عن اصدار بيان، واذا لم يكن بامكانها اصدار بيان في أعقاب كل حادث، أطالبها أن تصدر بيانا عاما تستنكر فيه جرائم الأسبوع الماضي.

سبق أن شهدت كفرقاسم ثلاث جرائم قتل في خمسة شهور، ووقعت جرائم أخرى دون الوصول الى أي طرف خيط. والشرطة لا تقصر من ناحيتها فهي على استعداد لاصدار البيان تلو البيان وتضمنه تعازيها الحارة لآل الضحية أو الضحايا وتتمنى فيه الشفاء للمصابين! ويبدو أن الشرطة تطمح الى أن تتحول الى هيئة فرعية من الهيئات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، تختص في تقديم التعازي للعائلات الثكلى وزيارة المصابين والاطمئنان أنهم لن يقدموا شكاوى وافادات حول ما تعرضوا له. فالشرطة وفي تعقيبها على جرائم كفرقاسم، قالت: "الشرطة تبذل كل ما بوسعها للوصول الى المجرمين والتحقيقات ما زالت جارية". اذن فلتطمئنوا يا أهلنا لأن التحقيقات من قبل الشرطة ليست جارية فقط، بل هي ستسمر في الجريان وستصرف مع المياه العادمة الى أن يبتلعها البحر هذا اذا لم تسبقه الأرض في ابتلاعها.

أي كلام لم يقل بعد.. وأي مؤتمر لم يعقد بعد.. وأي شجب واستنكار لم يصدر بعد.. وأي تحقيق لم يبدأ بعد.. وأي غضب مكبوت لم ينفجر بعد.. وللكلام تتمة.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]