صادقت الكنيست الاسرائيلية مؤخرا بأغلبية ( 60 مؤيد و 52 معارض) في القراءة الثانية والثالثة على ما يسمى بمشروع قانون "التسوية" والذي يهدف الى شرعنة نهب وسلب وسرقة ومصادرة الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية من اصحابها الاصليين وتبييض المستوطنات غير الشرعية التي بنيت عليها، ويعتبر هذا القانون من اكثر القوانين التي تمس بحقوق الفلسطينيين وتظهر العنصرية والتطرف تجاههم وتنبذ مفهوم التصالح والسلام .

محمد دراوشة: سيناريوهات محتملة لا تصب لصالح الفلسطينيين

محمد دراوشة مدير مركز المجتمع المشترك في "جفعات حبيبه" وخبير مختص في مجال الأقليات القومية عقب بهذا الصدد: نجح اليمين الاسرائيلي بتمرير قانون "التسوية" والذي يشرعن مصادرة أراضي فلسطينية وسلب مُلكيات شخصية في المناطق الفلسطينية المحتلة على أساس الانتماء العرقي، من خلال العنجهية التي تتضخم في نهجهم الذي يعمق الاحتلال. هذه نتيجة استمرار حكم اليمين لسنوات متتالية، ونتيجة الانقسام الفلسطيني الذي نتج عنه ضعف الموقف، وذوبان قدرة العالم العربي على المبادرة نتيجة لأحوال المنطقة برُمتها، ويواجه اليمين الآن عدة سيناريوهات، الأول داخلي، يتمثل بدعاوى قضائية عديده يتم تقديمها للمحكمة العليا لمحاولة إبطال القانون بداعي عدم دستورية لأنه لا يتلاءم مع القانون الاسرائيلي ولا الدولي بأي حال، وذلك لأن اسرائيل لم تفرض ضم الضفة الغربية اليها الأمر الذي كان سيشكل معضلة أكبر ستتعرض لها دولياً.

وتابع: السيناريو الثاني قد يكون عدم تدخل المحكمة العليا واتخاذها موقف مُتهرب من الحسم في الموضوع باعتبارها أٓنّ القرار سياسي وليس قضائي. وفِي هذه الحالة سيزداد اليمين نشوة وسيسارع بتنفيذ القانون على أرض الواقع مما سيعرض إسرائيل إلى مُساءلات قضائِية دولياً، السيناريو الأهم هو ان ما تقوم به إسرائيل هو ضمٌ فعلي للضفة الغربية، مما يقود الكثيرين، وخاصة في الجانب الفلسطيني، إلى التنازل عن إمكانية تحقيق حلم إقامة الدولة الفلسطينية. هذه الحالة قد تقود إلى ثورة عارمة في الشارع الفلسطيني تقلب الطاولة على السلطة الفلسطينية وعلى الاحتلال الإسرائيلي جمعاً. وهذا يعني دخول دوامة عنف طويلة الامد، او الى تغيير استراتيجي جذري يقودهم الى المطالبة بضم الضفة الغربية كلياً الى اسرائيل والمطالبة بحق التصويت للكنيست، وبذلك احداث ثورة من داخل المؤسسة الإسرائيلية حيث سيخسر اليهود الأغلبية الديمغرافية قريباً.

وأضاف ل"بكرا": كل الخيارات مطروحة الآن، والحسم يعتمد على قدرة الفلسطينيين تنظيم استراتيجيتهم من جهة، والموقف الامريكي من جهة، او تغيير النظام في إسرائيل، لتستلم مقاليد الحكم قيادة جديدة تعيد تقييم مصالح إسرائيل الاستراتيجية، وربما تقود في اتجاهٍ مُغايِر.وللعالم العربي وأوروبا دور مُستحدث غير واضح حتى الآن، فهم يتلمسون طريقهم في الظلام السياسي الذي فرضه إنتخاب دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة الامريكية. الا ان انعدام الموقف هذا لن يدوم طويلاً، لأن مصالحهم ستتطلب ان يتخذوا موقفاً بهذا الأمر.

واختتم قائلا: يحاول اليمين انتهاز حالة عدم الوضوح هذه ليُحسن من مواقعه، وليكسب أراضي فلسطينية اكثر ولكنه قد يكون بغروره هذا مثل الدجاجة التي تحفر في التراب، ولكنها في الواقع تعفر رأسها بقذارة الموقف العنصري، لحدود انعدام الرؤية وضلال الطريق. طبعاً أتمنى لهم الضلال ولكن ليس على حساب مصلحة شعبنا الفلسطيني.


احمد الطيبي: لم نتفاجأ!

بدوره النائب الدكتور احمد الطيبي قال ل"بكرا": سن قانون تشريع سلب اراضي الفلسطينيين الذي اقرته الكنيست مؤخرًا لم يفاجئنا كثيرا، فهو جزء من سلسة قوانين حشدتها هذه الكنيست كي تسري على اراضي الضفة الغربية المحتلة مما يشكل ضما زاحفا ومنهجيا لأراضي الضفة الغربية لإسرائيل وبالتالي عملية قتل ممنهجة لفكرة حل الدولتين. مشروع الاستيطان بحد ذاته هو مشروع ممنهج لسلب اراضي الفلسطينيين من العام ١٩٦٧ بل أنه يُعَد من أكبر عمليات السطو وسلب الاراضي في التاريخ الحديث. وقانون "تسوية الاستيطان" هو استمرار لنهج وليس بداية لنهج جديد.

وأضاف: التنافس الداخلي بين احزاب الائتلاف اليميني وتحديدا بين الليكود والبيت اليهودي وتحديدا اكثر بين نتنياهو من جهة ونفتالي بينت من جهة أخرى، والاعتقاد بأن تغيير النظام في الولايات المتحدة وانتخاب ترامب رئيسا، ادى الى دعم نتنياهو، رئيس وزراء اكثر الحكومات تطرفا في تاريخ اسرائيل، لهذا القانون على الرغم من انه كان قد حذّر من أن هذا القانون سيؤدي الى ملاحقة ضد مسؤولين اسرائيليين في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي وفجأة.

ونوه قائلا: ان شرعنة عمليات السطو والسرقة لا تعني اضفاء الشرعية على الاستيطان والمستوطنات ، بل انها على عكس ذلك تسلط الاضواء على ان هناك دولة تخرق القانون الدولي بشكل فظ وتعرف انها تفعل ذلك ضاربة عرض الحائط كل المواثيق الدولية وقرارات مجلس الامن مستندة فقط على دعم مفترض من الادارة الامريكية التي لم تخيب حتى الان ظن حكومة اسرائيل التي تهدم في ام الحيران وقلنسوة وحرفيش وتخنق البلدات العربية وتقتل الشهيد المربي يعقوب ابو القيعان، ليشبع نتنياهو رغبات اليمين الإسرائيلي المتطرف بمشاهد الهدم والاعتداء في البلدات العربية. ففي اسرائيل قانون يهدم للعرب الذين يبنون على ارضهم الخاصة وقانون يحمي المستوطنين اليهود الذين يسرقون اراضي الغير ، وشرطة للعرب تطلق النار وتقتل وشرطة اخرى لليهود تصل لمستوطنة عمونا بلا سلاح وبلا عصي بالرغم من الاعتداء على افراد الشرطة من قبل المستوطنين. هذا ما نقوله ونردده دائمًا: اسرائيل دولة ديموقراطية تجاه اليهود ويهودية تجاه العرب .

علي حيدر: علينا استخدام كل الوسائل المشروعة للتصدي لعملية الضم الفعلية للمناطق المحتلة لإسرائيل

بدوره المحامي علي حيدر قال: القانون لا يهدف فقط الى المس بحقوق الملكية للفلسطينيين على أراضيهم، وتحقير والاسفاف بقرارات المحكمة العليا التي حكمت مرارا وتكرارا بأخلاء مستوطنات معينة، بل يعارض ايضا القانون الدولي والمعاهدات الدولية والحقوق الطبيعية والتاريخية التي تمنع الاحتلال من البناء ونقل السكان للأراضي الفلسطينية المحتلة اضف الى ذلك، لقد خضعت الحكومة على مجمل مركباتها، وهي اكثر الحكومات الاسرائيلية عنصرية وتطرفا؛ لإرادة المستوطنين برئاسة رئيس "البيت اليهودي" نفتالي بينت الذي قال بعد انتخاب ترامب مباشرة" انتهى حل الدولة الفلسطينية"، كما انه قال في بداية شهر اكتوبر بأنه "يجب ان نضحي بأنفسنا من اجل "يهودا والسامرة" بحسب قوله.

وأضاف: ان المصادقة على القانون تشير بان العقلية الاستيطانية الاستعمارية هي المسيطرة على المشهد الاسرائيلي بمجمل تجلياته: السياسية والثقافية والقانونية والاقتصادية الخ، وبان الحكومة مؤهلة وجاهزة لتجاوز كل الخطوط الحمر من اجل تكريس الاستيطان الشيء الذي يضرب المسمار الاخير بفكرة حل الدولتين من جانب ويرسخ ملامح نظام الفصل العنصري واغتصاب الارض وسلبها من جانب اخر لم يكن هذا القانون ليمر لولا تأييد رئيس الحكومة الذي قرر الهروب من الكنيست في هذا اليوم على اعضاء البرلمان المعارضين للقانون والجمعيات الحقوقية التوجه للمحكمة العليا وتقديم التماس من اجل ابطاله وخصوصا ان المستشارين القانونيين للكنيست وللحكومة ابديا تحفظهما من القانون على المؤسسات الحقوقية الاستمرار بمراقبة البناء في المستوطنات وتقديم تقارير لمجلس الامم على الامم المتحدة، والتي صوت مجلس الامن قبل فترة وجيزة ضد الاستيطان وادانه ان تفعل صلاحياتها ومعاقبة الحكومة الاسرائيلية على القيادات الفلسطينية التي تعيش تحت الاحتلال، علينا استخدام كل الوسائل المشروعة للتصدي لعملية الضم الفعلية للمناطق المحتلة لإسرائيل والتوجه ايضا للمحكمة الدولية لمقاضاة الاحتلال

واختتم قائلا: ان ما تقوم به الحكومة هو الاستمرار في سياسات الاحلال والاستعمار في وقت يحظى به المستوطنون بتأييد الادارة الامريكية واختفاء الارادة لدى الانظمة العربية وميل كثير من الدول الاوروبية الى اليمين الفاشي، يجب التنويه بان قرارات الامم المتحدة وحدها لا تكفي. ولذلك من الضروري الاسراع بإنهاء الانقسام وتفعيل المؤسسات الوطنية الفلسطينية ووضع استراتيجية تحرير موحدة تضمن تحقيق طموحات ابناء الشعب الفلسطيني وفي مركزها الحراك الشعبي.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]