في ظل هذا الجنون الذي يعصف بمجتمعنا، لم يعد أي شيء مستغرب، فقد وصل العنف إلى المعلمين، حيث أصبحوا هم أيضًا ضحية لتردي الأخلاق في هذا المجتمع وانهيار القيم.

بعد قيام طالب بلكم معلمه في كفر كنا وكسر فكّه لسبب تافه وهو أن المعلم طلب من الطالب الخروج من غرفة الامتحان كونه استعمل هاتفه، تعرضت معلمة في الطيرة لاعتداء من قبل والدة طالبة، لسبب تافه أيضًا، مع التنويه أن لا سبب يبرر أي اعتداء واستعمال للعنف، فكيف لو كان الاعتداء على معلم أو معلمة؟

 لا يوجد مبرّر

المعلمة المعتدى عليها من الطيرة- توجان فضيلي، قالت في حديث خاص لـ"بـُكرا": ماذا عساي ان اقول؟ إذا واجه الطالب مشكلة ما ليه التوجُّه للمعلم الموجود في الصف وان لم تحلّ عليه التوجُّه لمربي الصف وان لا للمستشارة أو لمرّكزة الطبقة أو للإدارة، الاهل هم الحل الأخير، لا يوجد مبرّر لتهجمّ الاهل على المعلّمة لا بعنف كلامي ولا بعنف جسدي، الطالبة كانت تشوّش على مجرى الحصة وانا منذ عامين أدرّس هنا واعتاد هذه الطريقة بالغالب وأقوم بتفريق البنات عن بعضهن البعض وفصلهن عن بعضهن البعض في حال التشويش على مجرى الحصة، قمت بفصل الفتيات عن بعضهن البعض وإذ بواحدة منهن تقول لي "لماذا فرّقتينا؟" فكان جوابي لانه مصلحتك التعلّم والأفضل لكِ ان تجلسي بالمقدّمة" الى هنا ينتهي الحديث بالصف.

الوالدة، ثم الوالدة

وتابعت: في تمام الساعة الواحدة والنصف، يأتي والد الطالب للمدرسة عند المستشارة دون تنسيق موعد ، المستشارة اتصلت بي انا ومربّية الصف، عندها تهجمّ الوالد عليّ بادعاءات انني لا أفتش على وظائف ابنته فاخبرته ان ابنتك لا تعرف في اَي مرحلة تعليمية نحن ولا تعرف ماذا نتعلّم فهي غير مواظبة ولا تتم واجباتها، ابنتك تتغيّب كثيرا خلال الدرس ا تنتبه هي مشغولة دائما كثيرا، لا توجد حاجة الى ان اسألها لأنني ارى كيف هي بالصف. وفي ساعات المغرب اتصل بي الام وبدأت بالصراخ " شو بدّك من بنتي؟!"، فقمت باغلاق التلفون بوجهها وقمت بحظر الرقم، واستمرت الام بالاتصال من رقم اخر فعندها قلت من الممكن ان يكون إنسان طبيعي ويريد التفاهم بصورة لبقة، فقمت بالاجابة وإذ بالام تقول لي" انا غدا سآتي الى المدرسة وبدّي امّزق من شعراتك"، عندها انتابني شعور الخوف واتصلت بنائبة المدير التي بدورها هاتفت رئيس لجنة أولياء الأمور واتفقنا على ان يأتوا للمدرسة في ساعات الصباح لنحلّ الأمور.

وقالت متناولةً ما حصل: الام تهجمت علي منذ اللحظة الاولى، سألتني عن سبب اغلاق الهاتف بوجهها، قلت لها لا يوجد اَي مبرر الى ان تتحدثي معي وإذا استمريت بهذه الطريقة سأغادر الجلسة، فقامت بخلع حذائها وبدات بضربي على إصبعي ويدي اليسرى، الحذاء لم يفارق يدها، نائبة المدير حاولت التفريق بيننا وهم حاولوا تهدئتها ولكنها لم تتجاوب معهم، البنت وامها تابعتا الصراخ عليّ، وانا لم اعرف ماذا افعل، المستشارة طلبت من المدير ان يأتي الى الغرفة حيث كان باجتماع مع مفتّشات المنطقة ، الام لم تسمح للمعلمات بالدخول وسمحت فقط للمدير واحدى المعلمات تأذّت بمنطقة الكتف".

وتابعت: احدى المفتّشات سألتني ماذا حصل، قلت لها ماذا حصل وذهبت الى غرفة المعلمين، المفتشة طلبت من الاهل مغادرة المدرسة بصياح، الاهل رفضوا وبعد ذلك جرى استدعاء الشرطة للحضور الى المدرسة ومن ثم غادروا المدرسة، نعم تقدّمنا بشكوى ضد والدة الطالبة".

عدم وجود قوانين

وعن أسباب هذه الاعتداءات، تقول:" عدم وجود قوانين من وزارة المعارف التي تعاقب كل نتهجم على المعلم بالشكل المناسب، دائما يحاولون عقد الصلح وإخفاء الأمور، لو كان هناك عقوبة واضحة فعلا يشهر من خلالها المعتدى بان ما ارتكبه خطأ لما سيقدم احد على عمل شبيه، يجب ان يكون هناك نظام اكثر على بوابة المدرسة، من يدخل ومتى يدخل ومع من يدخل، كما قلت لك بما انه لا يوجد هناك معالجة صحيحة للامور، هذه النتيجة، بان الأمور تتزايد وتتفاقم مع الوقت".

وانهت كلامها قائلة:" حدث اخر هو ان زميلة لي عثرت على ورقة للغشّ بحوزة طالب، عندما حاولت المعلمة أخذ ما عثرت عليه، قال لها الطالب :" لا تأخذيها، ستأتي والدتي وتعتدي عليك بالحذاء!"، الى هذه الدرجة بات الطلّاب مستهترين، لا يوجد هناك عقاب واضح ولا يوجد رادع وكلّه ينبع من الدار والتربية الخاطئة، عندما ستكون التربية خطأ، كيف سينشأ الجيل الصاعد؟ الاهل المفروض ان يسمعوا بعقلانية، المفروض ان الكبير واعي، العنف لا يولِّد الا عنف وليس حل للمشاكل".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]