يتصدر في الآونة الأخيرة العنف والاجرام وإطلاق النار في البلدات والمدن العربية المختلفة العناوين الرئيسية في الصحف والمواقع الالكترونية وحتى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ان الجريمة تستفحل وتنتشر في كل عام اكثر من الماضي حتى باتت تؤرق عدد كبير من المواطنين وتشكل خطورة على حياتهم دون أي ردود فعل او تحركات عينية ومناهضة لقانون الغاب الذي اصبح شرعيا ومشروعا من قبل الشرطة او الجمعيات المناهضة وحتى مؤسسات تربوية وافراد مجتمع.

غابت الدولة من الحياة المدنية للمواطنين العرب، فحلت مكانها سلطة الغاب

الإعلامي اليف صباغ عقب لـ "بكرا" في هذا السياق قائلا: العنف في الناصرة او في مجتمعنا العربي عامة لم يولد معنا.. الناس تتاثر بكل مجالات الحياة، بالقيم السائدة في المجتمع عامة وهي قيم تتغير أيضا، في اسرائيل تسود المقولة التي يرددها بنيامين نتنياهو ومفادها "ان العالم لا يحترم الا الاقوياء" وينتشر الفساد في اعلى الهيئات حتى اسفلها. وفي الدول العربية، التي يتاثر بها مجتمعنا ايضا، يذبحون الناس بالسكين باسم الدين ويكفرون كل من يختلف عنهم، ولا يتورع بعض رجال الدين عن اضفاء الشرعية على العنف الاسري وتشريع مصادرة املاك "الكافر" في نظرهم.

وتابع صباغ: اضافة الى ذلك يتاثر الانسان بما مر به في حياته ذاتيا، فالحياة تعطي للفقير امكانية ان يصبح غنيا والضعيف ان يصبح قويا. وحين يغيب الوعي بضرورة قبول الاخر بالرغم من اختلافه وضعفه او فقره دون تهميش او تحقير، تصبح التقلبات الاجتماعية والاقتصادية هذه عاملا محفزا لاثبات الذات بالقوة او للانتقام من الاخر، وهكذا دواليك.

ونوه: في العقدين الاخيرين، حدثت في اسرائيل تعديلات في القانون ايضا، فأصبح النصّاب هو الشاطر ومن استطاع ان يخدع مدينيه ويعلن افلاسه يدعمه القانون. جزء هام من الجريمة وإطلاق النار تاتي على خلفية مادية.. من هنا قامت عصابات الاجرام، تأخذ حق الدائن بالقوة..وفي حالات أخرى تأخذ خاوة بدون حق، او تستبدلها بما يسمى اعطاء قروض في السوق السوداء بديلا للخاوة . وعصابات اخرى، ربما هم أنفسهم، يحصلون الشيكات الراجعة بمبالغ أكبر بكثير او بالقوة. كل هذا وغيره الكثير هو نتيجة التغييرات القانونية. وعلينا ان لا ننسى ان الحكومة الاسرائيلية منذ عام 2000 على الاقل وضعتنا امام خيارين: اما ان نتعاون مع الشرطة او نغرق بدماء بعضنا البعض.

وأضاف قائلا: الشرطة تعلم ان عائلات الاجرام تشغل 80 مليون شاقل في الناصرة ولهذا التشغيل تداعيات كبيرة على حياة المدينة. وتعلم من يحمل السلاح غير المرخص ومن اين يؤتى به. فماذا تفعل؟ هذا سؤال يجب ان يوجه الى الشرطة بأعلى هيئاتها، اضافة الى ذلك، تشكل الضائقة السكنية مسببا اساسيا لتعاظم العنف في مجتمعنا، فمن هو المسؤول عن حل الضائقة السكنية؟ باختصار غابت الدولة من الحياة المدنية للمواطنين العرب، فحلت مكانها سلطة الغاب.

امال لبس عقبت بدورها: أصبحت الحياة في الناصرة صعبة جدا وسيئة بسبب الجريمة، انا شخصيا لم اعد احب الحياة في الناصرة وامنى لو انني ارحل.

ونوهت: اعتقد ان الحل هو بيد الشرطة ومساعدة المسؤولين مثل رؤساء المجالس المحلية إضافة الى الحراك الشبابي الموجود في المدينة.

العنف، تحول الى جريمة منذ زمن، والسبب البطالة والسلطات المحلية

بدوره قال أحمد ملحم في السياق: لقد تجاوزنا منذ فترة طويلة حالة العنف وقد تحول الامر الى ظاهرة الجريمة ويكفينا تواضعا لنصف الجريمة التي اصبحت مستشرية ومنتشرة في مجتمعنا، في ساحتنا وفي شوارعنا وتحت شرفاتنا، ونصفها تواضعا من " بالعنف ". الجريمة هي حالة لا تطاق في جميع المجتمعات الطبيعية.. الجريمة هي حالة من الخطر الموقوت الذ قد يطيح بالقريب والبعيد في كل لحظة وفي كل مكان دون سابقة انذار، اليوم بلا شك فان جميع المواطنين صغارا وكبار قلقون من يصبحوا في لحظة ما " ضحية بالخطأ مثلا.

وتابع: لن اطيل في تفسير الجريمة ومن تكون الضحية، لكني اقول بان وقف الجريمة ولجمها لا تتوقف الا اذا توفرت عدة اسباب متزامنة تسير بعضها لجانب بعض بالزمان والمكان ومن اهمها: النية والعزيمة من قبل المؤسسات الرسمية والمحلية لكبح جماح هذه الفوضى العارمة من خلال خطة وطارئة تباشر عملها منذ الان وتحديد موعد احتمالي للانتهاء من هذه الحملة المشددة التي تتخصص بجمع السلاح مثلا وتحديد تحركات الفوضويين من الشباب المتسكع والمتهور والمثير للفوضى في الشوارع والحارات والاماكن العامة المفتوحة منها والمغلقة، انتشار بارز وملحوظ لقوات حفظ الامن والامان ومنع الشغب، في جميع المرافق والمفارق داخل البلد وفي اطرافها ، وفي كل بلد .

وأضاف: خلق اليات محلية ورسمية لمتابعة الشكاوي ما صغر منها وما زاد عن صغره واخذها بعين الاعتبار الذي يستوجب من الجميع التعاون والتعامل مع هذه الامور بجدية كونها قد تكون هي الاساس لجريمة قادمة، كما هو الامر في كل مدن العالم ، فان دور الشرطة الرئيسي ، انما هو منع وقوع الجريمة ، وليس الكشف عن هوية المجرم بعد وقوعها مع اهمية القبض على الجناة ومن يقف خلفهم طبعا . لكن الوقاية تبقى خير من ألف علاج، يجب تواجد وانتشار الشرطة في كل مكان طيلة ال 24 ساعة كما هو الامر في المدن اليهودية اذ لا يمكن ان تكون مدينة بحجم مدينة ام الفحم خالية من الشرطة طيلة النهار والليل ، ومثلها الناصرة ورهط والطيبة والطيرة وكفر قاسم .

وأوضح: بالمقابل يتوجب علينا ان نحدد مها المسببات الرئيسية للارتكاب هذه الجرائم بعد انتشار العنف واستفحاله من خلال أولا مناطق صناعية محلية لتوفير فرص عمل لجميع المستحقين من ابناء المجتمع للشباب والنساء والرجال ، لضمان اخراج كثير من الاسر من دائرة الفقر، الامر الذي يجعل شريحة الشباب بصفة خاصة منشغلين في عملهم وبناء مستقبل مضمون اما الثاني فانه على السلطات المحلية ان تصب جل جهدها للعمل على توفير قسيمة بناء لكل من يطلب ذلك متى شاء ويجب ان تكون هذه القسيمة في متناول يد كل من يشاء حيث انه هناك حاجة ماسة لتوفير اكثر من 120 ألف قسيمة بناء او شقة سكنية في الوسط العربي ، أي ما يعادل 10 مدن بحجم مدينة حريش على سبيل المثال .

ونوه: هنالك بطالة مخفية بنسبة عالية لدى الشباب والصبايا تستوجب من السلطات دراسة ومسح ميداني في كل سلطة علة حدة، هناك حالة من الياس والفراغ القاتل لدى شريحة واسعة من هؤلاء الذين قد يكون من السهولة بمكان جذبهم الى الحاوية ، وانزلاقهم الى مواقع الانحراف الذي يهيه ويعده سريعا الى ذراع منفذ لعمليات اجرامية لهنا وهناك وسيتحول بسرعة الى عنصر من عناصر الاذرع العسكرية لبعض التنظيمات الاجرامية، لا يمكن للسلطات المحلية ان تختار جانب الحياد وتنتظر، او ان تختفي وراء تصريحات سياسية لا تتعدى كونها مجرد تصريحات كلامية على السلطة المحلية ان تكون هي المحرك الرئيسي لإدارة هذه الازمة القاتلة على جميع المستويات ، وعليها ملقى مسؤولية ادارة جميع المسارات المهنية والميدانية والرسمية والسياسية .

إذا أصيب القوم في أخلاقهم، فأقم عليهم مأتماً وعويلا

المعماري ايمن طبعوني قال بدروه: ان ما نشهده مؤخرا من أحداث يتطلب النظر بعمق وفهم شمولي الى ما يحدث فالموضوع لن يتم تجاوزه بحلول محليه موضوعيه (وقفه هنا وهناك وتدخل وجهاء وغيره) ان ما يحدث ما هو إلا نتيجه لعطب وانهيار بمشروع بناء "المجتمع المدني" فقد أخفقنا جميعا أفرادا ومؤسسات سياسية اجتماعية ودينية ببناء جيل مثقف متعلم ويتمتع بوعي مجتمعي وسياسي. وفي بعض الاحيان ساهمت بعض هذه المؤسسات بترسيخ غياب ثقافه الاختلاف والديموقراطية.

وتابع: نحن بحاجه اليوم الى مشروع طوارئ تقوده مؤسسات مجتمعيه عابرة للحزبية والفئويه، تقود تغير ثقافي اقتصادي واجتماعي وتعزز التعاضد والعمل الاهلي المشترك والوحدوي وترسخ مفهوم الحريات الفردية والاجتماعية بالمشاركة المدنية والسياسية. والعمل على مقاومه الجهل والفقر بالتقدم العلمي والعملي فالمجتمع المدني الحديث يتطلب وبل يفرض اقل ما يمكن من علم ومعرفة وثقافة بكل المجالات، المجتمع المدني هو الرهان المستقبلي والمصيري في بناء مجتمع متحضر وحداثي والا كما قال امير القوافي شوقي: "إذا أصيب القوم في أخلاقهم، فأقم عليهم مأتماً وعويلا".

اين دور الاهل، المجتمع والشرطة؟!!

المربي النصراوي رأفت عزام قال معقبا بدوره: الوضع صعب في مجتمعنا بسبب عدة عوامل مجتمعية أساسية منها مفهوم خاطئ للتربيه في البيوت حيث انها اساس التعامل في المجتمع وهذا ما يفتقره مجتمعنا، نطمح للتقدم بالمجتمع متجاهلين العامل الاساسي وهو التربية.
وتابع من منظوره: بيوتنا تصنع الشباب الفاسد، كما تفتقر مدارسنا الى دعم الاهل في مكافحة العنف واعلاء شأن التربية، اذ لا يعقل العدد الهائل من الاعتداءات على مربيين في المدارس وخاصة من قبل الاهل وابنائهم، مكانة المعلم آخذه في الانحدار وهذا مسبب رئيسي لانحدار مجتمعنا، للأسف انحدار مجتمعنا سببه الاساسي اهل ينعدم لديهم الاحترام والثقافة والتربية، اذ لا يعقل ان نصبو للتربية بدون الربط بين العوامل المشاركة بعملية التربية، عندما يعامل بعض الاهل المعلم بعنف واستهتار ويتهجمون عليه امام الطلاب فانهم يساهمون بصنع جيل خالي من القيم الاساسية للتربية.

ونوه: جيل اليوم عبارة عن مرآه تعكس صورة الاهل ناهيك عن عدم ايجاد رؤية أساسية ومبدئية لدى بعض الاهل

الناشط والباحث العلمي عمار أبو قنديل قال بدوره: منسوب العنف في المجتمع العربي بتزايد، الجريمة المنظمة اخذة بالتصاعد، الأحداث الاخيرة في الناصرة والمنطقة تُثير القلق، اولًا علينا الإعتراف اننا مسؤولون عن جزء كبير من وجود ثقافة العنف بيننا، لا يمكننا الإستمرار بالتنصل من هذه المسؤولية، بل علينا ايجاد السبل لمواجهتها، لكن بالنهاية المسؤولية الكبرى تتحملها الشرطة، هذا انطلاقًا من اننا نرى بها شريك بتعزيز وجود العنف، وذلك بسبب عدم قيامها بدورها الكافي بجمع السلاح وملاحقة المجرمين، اضافة الى كونها مصدر رئيسي للعنف اتجاه العرب الفلسطينيين، حيث ان الشرطة ترى بنا عدوًا ومن مصلحتها استمرار تواجد وسائل تفككنا اجتماعيًا، على الشرطة يقع واجب فرض الأمان بدون شروط.

وتابع: علينا جميعًا القيام بواجبنا اتجاه المجتمع ورفض العنف والوقوف ضده وحث الناس على التضامن مع ضحايا العنف ضد مفتعلي العنف، كانوا افرادًا او مجموعات اجرامية منظمة، ويمكن النظر الى حملة التضامن الشعبي الواسع مع قضية نادر الحنيني كنموذج في كيفية التصدي للمجموعات الإجرامية. فالعنيف كان فردًا او مجموعة اجرامية يعتاشون على خوف الاخر من منطلق امتلاكهم للقوى، عندما نستطيع تشكيل الحاضنة لحماية المُعنَف او المُهدَد يمكننا عندها تبديد هذا الخوف وعندها يمكننا ردع العنيف وتحجيم قوته.

على الاهل والمؤسسات التربوية محاربة الظاهرة

عبد كيسواني عقب بدروه قائلا: للأسف هذه ظاهرة سلبية بسبب اعرافنا وتقاليدنا السيئة ومفهومنا الخاطئ للدين، خاصة أننا بحالة صراع وجودي مع محتل شرس يسعى إلى تجنيد كل شيء لصالحه لذلك يجب أن يكون هناك قفزة كبيرة تبعدنا عن العنف والجريمة خاصة جرائم الشرف والعنف ضد المرأة. علما انه في مجتمعنا العربي قسم كبير يعي حجم الصراع وبالتالي يتخذ له مسار وطني وحضاري يخفف من حدة التردي.

عمر ميعاري نوه قائلا لـ "بكرا": اعتقد ان السبب الرئيسي لانتشار العنف في مجتمعنا العربي هو انعدام التوعية خاصة في المدارس وتحييد وتهميش التربية حيث ان التعليم اليوم يقتصر فقط على المواد التدريسية، لذلك يجب ان يكون هناك حصص توعية وتربية خاصة يتم خلالها طرح العنف والجريمة ومناقشته من قبل الطلاب حتى استضافة اخصائيين يعملون على توعية الطلاب.

محمود أبو سلامة بدوره عقب قائلا: تقع المسؤولية على الجميع بمحاربة الظاهرة وخاصة المثقفين والمسؤولون في المجتمع يستطيعون العمل سوية لايقاف هذه المهزلة، يجب ان تقام لجنه صلح مستقلة تتابع هذه المشاكل وتبحث عن الية لحل واصلاح مختلف المشاكل.

بدوره راجي صبيح وجه أصابع الاتهام للاهل حيث قال: اعتقد ان الاهل هم من يتحملون المسؤولية الأولى والأخيرة لأنهم يا يقومون بتربية أبنائهم كما يجب كما انه على المجالس المحلية والمؤسسات المعنية بالعمل على محاربة الظاهرة عن طريق برامج لا منهجية وحملات توعية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]