كشفت دائرة الاحصائيات المركزية من خلال تقريرها الذي صدر مؤخرا ان نسبة 89% من المواطنين في البلاد الذي هم فوق ال 22 عاما لا يشعرون بالرضا عن حياتهم، حيث ان نسبة اليهود الراضيين عن حياتهم في البلاد هي اعلى من العرب (91٪ مقابل 82٪).

كما اظهر التقرير ان معدل البطالة بين اليهود أعلى من معدلها بين العرب (64.5٪ مقابل 42.4٪) وان 30٪ من العرب لديهم شعور بالضياع مقابل 22٪ من اليهود وديانات أخرى. وكشف التقرير عن وجود اسرائيل في أسفل سلم العدل الاجتماعي مقارنة مع دول OECD

سماح سلايمة: اسرائيل هي بلد الرفاهية والمساواة والراحة النفسية ولكن ليس للمرأة العربية

الناشطة الاجتماعية والسياسية والنسوية سماح سلايمة قالت بدورها ل "بكرا": اعتقد ان بعض نتائج هذه الإحصائيات تعكس واقع حقيقي بنظري وبعضها مغلوط، ومتناقض حتى. فهل يخفى على أحد ان حياة المواطن اليهودي أسهل من العربي في البلاد؟ طبعا لا. فعندما تحظى انت كمواطن بامتيازات الأغلبية الاقتصادية والمكانة السياسية والاجتماعية فهذا يؤثر إيجابيا على مدى الرضا في الحياة. فما قد يسبب الإزعاج للمواطن اليهودي الذي يتمتع بالمسكن الاسهل، خدمات التربية والثقافة والرياضة والرفاه أكثر من المواطن العربي، نسبة البطالة اقل في المجتمع اليهودي ونسبة الفقر اعلى عندنا فمن الطبيعي ان نعاني اكثر وان تكون نسبة رضانا في الحياة اقل.

وتابعت: من الجدير بالذكر ان نسبة الاكتئاب التي ارتفعت في المجتمع الإسرائيلي ككل لا تتناسب مع الشعور بالرضا او الأمان ، فرغم كل شيء يكتئب الإسرائيليون من الوضع، وقد يكون السبب هو عدم الثقة بالحكومة او الاستقرار السياسي مع تردي الوضع الاقتصادي وضنك العيش ،فنرى انه كلما قل مدخول الأسرة انفقت اكثر من نصف دخلها على توفير المسكن ، وكلما زاد الدخل أنفقنا اقل على المسكن وهذا يدل على صراع الازواج الشابة والاسر الفقيرة من اجل توفير ايجار السكن او سداد قروض السكن التي تعد العنصر الأكبر في ميزانية البيت.

وتساءلت: وبما ان نسبة البطالة في المجتمع العربي اعلى والفقر أكثر فإننا مشغولون بالأساسيات ونواجه قسوة الحياة كل شهر، فكيف لا نكتأب أكثر؟

واختتمت قائلة: ان الشعور بعدم الأمان والاكتتاب اعلى عند النساء وأعلى عند العرب فتخيلوا ما هي نسبة الإكتاب عند النساء العربيات، هذا المعطى تغييب عن الإحصائيات ويمكن التنبؤ بسهوله ان النساء العربيات يقبعن في قاع القائمة. مع معطيات العنف والفقر والبطالة المرتفعة بين النساء العربيات لا ارى ما يدعو للاحتفال بهذه المعطيات التي تعطي احساس ان اسرائيل هي بلد الرفاهية والمساواة والراحة النفسية ولكن ليس للمرأة العربية .

محمد دراوشة: وجود اسرائيل في أسفل سلم العدل الاجتماعي مقارنة مع دول OECD, هو مؤشر على توزيع مغلوط للثروات

محمد دراوشة مدير قسم المساواة والمجتمع المشترك في معهد جفعات حبيبة عقب قائلا: وجود اسرائيل في أسفل سلم العدل الاجتماعي مقارنة مع دول OECD, هو مؤشر على توزيع مغلوط للثروات في البلاد حيث تنتفع فئة معينة من المواطنين على حساب فئات مسحوقة تعاني من نقص دائم في الموارد المادية لتغطية مصاريفها اليومية وضمان العيش الكريم. الحل يأتي من خلال توزيع مغاير لهذه الثروات يضمن تقليص الفوارق في الاجور الشهرية، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وزيادة رسوم التامين الوطني، وتخفيض أسعار المعيشة، وخاصة الغذاء، والألبسة والتعليم والمواصلات العامة والمسكن.

وتابع: الفوارق في مؤشرات العمل بين اللحود والعرب صارخة، وتتمحور في ثلاثة بؤر بطالة، أولها نسبة منخفضة لمشاركة النساء في سوق العمل والتي تصل الى نصف نسبة المشاركة في المجتمع اليهودي، وثانيها تأخر شبابنا وفتياتنا بالدخول الى سوق العمل بسبب عدم تأهيلهم المناسب، ونقص المواصلات العامة، وعدم التوجيه المهني، وعدم وجود مناطق صناعية وتجارية متاخمة للبلدات العربية، وثالثا، خروج مبكّر من سوق العمل للكثير من الرجال العرب بسبب عملهم في اعمال شاقة تمنعهم من السفر بعيداً او بذل جهد كبير في جيل ما بعد الخمسين.

ونوه: من الطبيعي ان لا يكون العرب بنفس مستوى الرضى عن حياتهم في البلاد، فيكفينا الأجواء العنصرية التي تحيطنا لتحبط من عزيمة الكثيرين وتغيب عنا بهجة الحياة. ونضيف الى ذلك ان ما يقارب 50% من مجتمعنا يقبع تحت خط الفقر القاهر. ومن يعيش في واقع القرى العربية يشهد مستوى حياة اقل بكثير من البلدات اليهودية من ناحية البيئة والبنى التحتية، والبرامج الثقافية، ومستوى التعليم، وانعدام الأمن الشخصي، وحتى انعدام إمكانية السير الآمن بسبب حالة السير وعدم تطبيق النظام والقانون بشكل يخدم المواطن.

وأضاف قلائلا: الوحدة والعزلة التي يعيشها 30% من أبناء شعبنا هي اكثر ما يقلقني لانها تشير الى تفكك مجتمعي وأسري، ويجب ان نعيد التضامن الاجتماعي فيما بيننا بواسطة ترسيخ القيم الإيجابية التي تربطنا، وتعزيز فكر التواصل والتطوع ومساعدة الفئات المهمشة. فقط زيادة المحبة فيما بيننا ستكون الرافعة المجتمعية التي ستنقذنا.

رونق ناطور: يجب دراسة المعطيات ومعالجتها

وقالت رونق ناطور المديرة العامة المشاركة لجمعية سيكوي ل "بكرا": تقرير دائرة الاحصاء المركزية، لا يحمل معطيات جديدة أو مفاجئة، فالمواطنون العرب الذين يتفوقون على اليهود فقط بنسب البطالة والفقر من الطبيعي أن يكونوا أقل رضا عن مستوى المعيشة، خاصة وأن أكثر من نصف العائلات العربية تعيش تحت خط الفقر.

وأضافت ناطور: حقيقة كون هذه المعطيات غير مفاجئة لا يعفينا كمجتمع عربي من تحليلها ودراستها بترو ومهنية ونحن في سيكوي سنقوم بهذا بكل تأكيد ومع ذلك لا بد من الاشارة الى الفجوة الأكبر وهي بنسب التشغيل بين اليهود والعرب، اذ ان نسبة القوى العاملة لدى اليهود تصل نحو 60% مقابل 40% لدى العرب ولهذا وحده انعاكسات هائلة على مستوى المعيشة- وهو مجال نعمل في سيكوي بعلاجه على أكثر من صعيد.

وهنا تطرقت ناطور إلى ثلاث قضايا مركزية: القضية الأولى، هي غياب اماكن العمل والنقص الحاد بالمناطق الصناعية في البلدات العربية أو على الأقل على توفير المواصلات العامة لاتاحة التنقل والصول إلى أماكن العمل في البلدات المجاورة وعلينا الا ننسى ان المواطنين العرب يقطنون بنسب كبيرة منهم في الجليل والنقب اللذين يعتبران مناطق نائية عن مراكز التشغيل الكبرى والمركزية قي البلاد. القضية الثانية، هي بطالة النساء العربيات، فالسبب الذي ذكرته سابقا يؤثر بشكل حاد أكثر على المرأة التي تجد صعوبة أكبر بالعمل خارج بلدتها، طبعا الى جانب تحديات أخرى كالنقص بتوفر الحضانات للتعليم ما قبل الالزامي والتي نعمل على مساعدة السلطات المحلية بالتغلب على المعيقات امام بنائها.
أما القضية الثالثة فهي تحمل الدولة لمسؤوليتها تجاه تشغيل المواطنين العرب، وهنا فإننا نعمل على صعيدين، الأول وضع هدف امام المؤسسات الحكومية برفع نسبة الموظفين العرب فيها وثانيا باستغلال الدولة لقوتها الشرائية من خلال استغلال المناقصات لاضافة بنود اليها تشجيع تشغيل العرب.

رضا جابر: الفجوة بين اليهود والعرب في البلاد بكل المجالات تترجم بالفارق بالشعور العام بالارتياح

بدوره رضا جابر المدير العام لمركز امان عقب حول هذه الاحصائيات ل "بكرا": واضح بان الفجوة بين اليهود والعرب في البلاد بكل المجالات تترجم بالفارق بالشعور العام بالارتياح لدى المواطنين. مهما كانت ضغوطات الحياة عند المواطنين اليهود عالية فانه بالمحصلة النهائية هناك جهاز واضح وفاعل لمعالجة وتخفيف هذه الضغوطات وهذا المؤسسات تعطي المواطن اليهودي اشارات بانها له وتحافظ عليه وعلى مستقبله. وهنا شعوره بالانتماء والثقة العالية بمجتمعه فالارتياح النسبي. هذا الوضع غير متوفر لدى المواطن العربي الذي يعيش ضغوطات هائلة بغياب المجتمع/ المؤسسات الداعمة. بل ويشعر بحلقات متتابعة من الغربة، في الدولة، البلد والعائلة. لا توجد لدى المواطن العربي صمامات أمان مجتمعي حقيقة تعزز شعور الانتماء والثقة في هذه الحلقات. وهذا يعزز ما جاء في التقرير. الوضع الاقتصادي، الاجتماعي والسياسي بدرجة من الحدة بدون منافذ بل اسداد جدي. مجتمعنا يجب ان يبدأ بالتفكير بايجاد منافذ جدية. وتعزيز حلقات الانتماء وبناء بدائل جدية لجزء منها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]