"معظم الجثث التي تجرفها المياه إلى الجسر في شمال العراق مكبّلة الأيدي ومعصوبة الأعين وتحمل رصاصة في الرأس من الخلف. من ماتوا منذ فترة أطول تطفو جثثهم على سطح الماء بفعل الغازات الناجمة عن تحلل الجثث. أما من قُتلوا حديثاً فيجرفهم التيار في اتجاه مجرى نهر دجلة. وتبقى هوياتهم وهويات من قتلوهم لغزاً".

تقول أم رأت أكثر من 6 جثث تمر طافية من أمام منزلها المطلّ على النهر قرب بلدة القيارة في الأشهر الأخيرة: "لا أحد يعرف... ربما يكون مر أكثر منها (الجثث) في أثناء الليل".

اضطر تنظيم "داعش" إلى الانسحاب من مدينة القيارة في آب العام الماضي. تقع المدينة على مسافة 60 كيلومتراً من الموصل، آخر معقل كبير للتنظيم، حيث لا يزال مقاتلوه يحاربون القوات الحكومية.

في هذا الاطار، يقول بعض المسؤولين إن الجثث الطافية تعود لضحايا المتشددين الذين قُتلوا مئات إن لم يكن الآلاف من معارضيهم حين حكموا المنطقة.

تصفية حسابات

لكن آخرين يقولون إن الأدلة تشير إلى اتجاه آخر، أي إلى إعدامات بلا محاكمة لمن اتُّهموا بالانضمام إلى المتشددين بعد أن عادت الأراضي إلى سيطرة الحكومة.

وقال ضابط بالمخابرات في القيارة: "معظمها تصفية حسابات". ويشمل ذلك قيام أفراد من قوات الأمن بقتل من يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم "داعش". وأضاف: "هناك أجهزة أمنية تقول لن أرهق نفسي بإجراء تحقيق".

وقال العقيد فوزي جميل سلطان قائد شرطة القيارة، إن معظمها جثث ضحايا قتلهم المتشددون. وجاءت معظم الجثث إما من أجزاء من الموصل سيطر عليها عناصر التنظيم وإما جرفتها أمطار الربيع وهي لأشخاص قُتلوا العام الماضي حين كان المتشددون يسيطرون على المنطقة.

لكن ضابطاً كبيراً في جهاز الأمن ناقَض هذه الرواية، وقال: "لم يقُتلوا جميعهم على أيدي داعش".

وأضاف الضابط الذي طلب عدم نشر اسمه، أنه لا يمكن أن تكون الجثث طفت من الموصل؛ لأن هناك حواجز على مسافة نحو 30 كيلومتراً إلى الجنوب من المدينة لحجز الركام. أما بعض الجثث، فهي لأشخاص قُتلوا قبل شهر أو اثنين فقط؛ أي بعد رحيل عناصر "داعش" بفترة طويلة.

وأضاف أنه عند الانتهاء من التعرف على هويات الجثث سيكون من الأسهل تحديد الدافع. ومضى قائلاً: "إذا كان (الضحية) عمل لحساب داعش، فهذا يعني أن الجناة على الأرجح ممن آذاهم داعش".

وقالت الباحثة المتخصصة في شؤون العراق بمنظمة هيومان رايتس ووتش بلقيس ويلي، إن الضحايا لم يقتلهم تنظيم "داعش"، وإن الوصف لجثث مكبلة الأيدي ومعصوبة الأعين "يشير بقوة" إلى أنها أمثلة على إعدامات خارج نطاق القانون ارتكبتها "قوات مرتبطة بالحكومة" وليس مجرد تصفية حسابات.

"لا رحمة"

وقال فوزي أبو صبري الذي فقد 13 من أفراد عائلته بسبب "داعش": "لا نريد أن يرحمهم أحد". وتحدث عن الطريقة التي يتمنى أن يُقتل بها عضو من أعضاء "داعش" إذا سقط أي منهم في قبضته.

وعلى الرغم من طرد "داعش" من المنطقة، يشكو سكان من أن بعض من تعاونوا مع "داعش" لا يزالون بالمنطقة.

والخط الفاصل بين تنفيذ عناصر من القوات الحكومية إعدامات بلا محاكمة وتطبيق الأهالي العدالة بأيديهم غير واضح؛ لأن الكثير من أفراد قوات الأمن تأثروا شخصياً بأفعال المتشددين ويتمنون الانتقام لمقتل أصدقاء أو أقارب.

(Huffington Post)

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]