قبل أن نتداول مدى كفاءة واستحقاق القضاة الذين تم اختيارهم مؤخرًا، يتوجب علينا أولًا النظر مليًا وبعمق بموضوعية، آهلية ومهنية اللجنة التي عملت على اختيارهم، وصلة هذه اللجنة بموضوع اختيار القضاة الشرعيين، ولذا من المنطق أن يجلس في هذه اللجنة اعضاء لديهم معرفة تامة وشاملة بالشريعة الإسلامية، ويتصفون كذلك بالنباهة والحكمة التي تساعدهم باختيار المرشحين المناسبين لاشغال هذا المنصب الحساس والمصيري، وهذا يعني اختيار قضاة يتمتعون بالسيرة الحسنة الخالية من الشبهات،النزاهة، المصداقية والصدق، الاخلاق الحميدة، وهم على قدر كبير من المسؤولية والمهنية التي تؤهلهم بمعالجة القضايا العائلية والحكم وفق ما ورد في كتاب الله والسنة ومرجعية اجتهاد علماء الدين المسلمين. ومخطئ من يرى بمنصب القاضي منصبًا للجاه والتشريف، ولقبًا وراتبًا شهريًا دسمًا، اذ ان العمل بالقضاء هو أمانة قد تنهار الجبال تحت ثقلها، ولكن وللاسف الشديد، تواصل المؤسسة الرسمية التعامل معنا وخاصة في الشؤون الدينية بأستخفاف وعبث واضح، وهذا لم يأتِ من فراغ وإنما نتيجة سلوك القيادات العربية الإسلامية التي تعمل بدوافع تسجيل إنجازات سياسية حتى بالشؤون الدينية، ولا تتردد بالتعاون مع السلطة الحاكمة من أجل تحقيق مآربها الضيقة دون دراسة مغبة ومخاطر هذه التصرفات على المجتمع العربي المسلم في البلاد.

ومن هنا لا استطيع ان استوعب مشاركة أعضاء كنيست عرب علمانيين في هذه اللجنة، والانكى من ذلك الامر الذي يثير الاستغراب أكثر وأكثر هو مشاركة أعضاء كنيست يهود ايضًا وقيامهم بلعب دور رئيسي والتأثير بشكل مباشر على عملية اختيار القضاة الشرعيين لمجتمع مسلم.

وهنا لا بد من سؤال قيادات المجتمع العربي المسلم لماذا وافقتم على مشاركة اليهود وهم لا يفقهون قيد أنملة عن الشريعة الإسلامية؟.

،ولا بد من الإشارة هنا ان لجنة اختيار قضاة المحاكم الدينية اليهودية، وعددهم ١١ عضوًا، كلهم من اليهود، ولم يحدث في الماضي أن يشارك في هذه اللجنة مندوبًا عربيًا واحدًا.

الحقيقة واضحة أن السياسة تلعب دورها وان لجنة تعين القضاة تشمل اعضاء سياسيين لا علاقة لهم بمهنة القضاء الشرعي الاسلامي، ولذا من الصعب أن نستوعب بأن اختيارهم للقضاة جاء وفق مبدأ الكفاءة والمهنية وهي أحد المعايير الاساسية للتعيين ولكنها وحدها لا تكفي, ولو كان كذلك لاختارت هذه اللجنة الشيخ مشهور فواز وهو من أكثر رجالات الدين معرفة وعلمًا بالشريعة الإسلامية في البلاد، ولكن تم رفضه لاسباب ليس من الصعب معرفتها.

وكذلك كيف تقوم هذه اللجنة باختيار قضاة لم تكن لهم اي تجربة في القضاء الشرعي؟ وما تأثير العريضة التي قدمها النقب لوزيرة القضاء اييلت شاكيد، مطالبين فيها بشدة اختيار قاضي من النقب ليمثل مسلمي النقب في المحكمة الشرعية في بئر السبع، علمًا أن المعلومات الخاصة تسير الى ان من وقف وراء تقديم هذه العريضة هو شخصية رفيعة المستوى من النقب وقيادي اسلامي بارز من المثلث، كانا قد طالبا الوزيرة شاكيد بالغاء ترشيح أحد المتقدمين رغم انه يتمتع بالتجربة والمهنية والكفاءة، إلا أن الوزيرة رفضت هذا الطلب، وقد فاز هذا المتقدم فيما بعد بمنصب قاضي.

يجب التنويه إلى أن اللجنة تضم أعضاء يتمتعون بالخبرة المهنية، ولكن أعضاء اللحنة السياسيين كان لهم التأثير الكبير والمباشر على عمل اللجنة، ورغم ان لا علاقة لهم بتاتًا بالجهاز القضائي الشرعي، وتأثيرهم هذا يترجم من خلال الصفقات السياسية التي تعود عليهم بالمنفعة الحزبية، وأخشى أن تكلف الاتفافيات التي عقدت من وراء الكواليس بين أعضاء اللجنة من العرب واليهود، المسلمين الثمن غاليًا كالتغاضي عن تصرفات الحكومة في الكثير من المسائل الدينية التي تتعلق بالمسجد الأقصى والوقف الاسلامي وكذلك الموافقة على خفض صوت الأذان في المدن المختلطة على سبيل المثال لا الحصر.

هذه التصرفات لا تبشر بمستقبل أفضل وإنما قد تؤدي إلى سقوط جهاز القضاء الشرعي في مستنقع من الفساد، والذي يؤثر بشكل سلبي على المجتمع العربي المسلم في هذه البلاد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]