عصام كتان (٣٣), ابن الناصرة، زوج د. ليلى – الباحثة في علم التغذية والمحاضرة في كلية "تل حاي" ووالد سام وسهيل (توأم بعمر سنه وثمانية أشهر), ترعرع بكنف عائلة متكاتفه وداعمة لوالد عمل في مجال الادارة البنكية ووالدة عكفت على تربية اطفالها ورعايتهم.

فور انهائه دراسته الثانوية عامين قبل اترابه وتحديدا في جيل ١٦ في المدرسة الإكليريكية (المطران) في الناصرة, التحق مباشرة في معهد العلوم التطبيقية – التخنيون, حيث درس الهندسة الصناعية والادارة, ليخرج في جيل 20 الى سوق العمل باحثا عن تحدي وشغف يشبع طموحه ويعزز مساره المهني سعياً وراء تحقيق حلمه بالنجاح والتميز, الا ان طريقه لم تكن مكللة بالورود, حيث انه وجد ابواب العمل موصوده امامه على مدار شهور من الزمن, حتى تم استقطابه كعامل بسيط في احدى الشركات للمنتوجات البلاستيكية, الامر الذي زاده اصرارا وعزيمة على مواصلة البحث عن وظيفة تلائم قدراته المهنية او على الاقل تخصصه الاكاديمي.

وفعلا بعد مرور عام من انهائه التعليم الاكاديمي نجح في العمل في قسم التخطيط المركزي لدى شركة "دلتا" للانسجة وبجيل 23 تم تعيينه مديرا للتخطيط والتطوير للسوق الامريكي. يقول عصام: "خلال ثلاثة أعوام عملت في مصانع الشركة في البلاد والخارج وتحديدا في مصر. كانت الانجازات كثيرة ومثيرة، وبعدها شعرت بحاجة للتقدم الى منصب اخر, الا انني وبالرغم من اكتساب خبرة 5 سنوات وبضمنها في المجال الاداري, وجدت نفسي واقعا في نفس المشكلة! فعلى مدار ٩ شهور دعيت لاجراء مقابلتين فحسب, احداها في شركة "تاور" (tower)والثانيه في شركة طفعول التابعة لشركة "أوسم – نستله" التي تعاقدت معها ولا زلت اعمل لديها منذ ذلك الوقت, الا ان الامر لما كان ليحصل بلا دفعة من مؤسسة "كاف ماشفيه" التى تعنى بقضية تكافؤ الفرص للعرب في سوق العمل." ويتابع: "بدأت هناك كمدير تخطيط, ثم مدير هندسة الانتاج وفي جيل ٢٩ وظفت مديرا للانتاج حيث ادرت طاقما مكون من ٨٠ عاملا وثم عينت مديراً للانتاج والتعبئه حيث ادير اليوم طاقما من ١٦٠ عامل."

محفز التقدم 

وعما دفعة لعدم قبول الفشل والاصرار على متابعة الطريق المهنية بلا هوادة يقول عصام: "خلال كل سنوات عملي، لم اطمح ان أكون مجرد شخصا مجتهدا يسعى للتقدم فحسب، بل أردت ان اترك بصمتي الخاصة في كل منصب شغرته، وان اكون سباقا ومغايرا عما قدمه غيري.." ويتابع عصام: "لطالما تيقنت في داخلي انني كعربي وكابن لاقليه، لا بد لي ان أكون الأفضل ومن بين الأوائل، بل لطالما زادني الامر رغبة واصرارا على التفوق".

وحول موضوع تحديات توظيف العرب في سوق العمل يقول عصام: "باعتقادي, هناك تقصير من الطرفين – المشغلين والمرشحين العرب - حيث ان الأكاديمي العربي عندما يتقدم لوظيفه معينه وتحديدا عندما يأتي الى مقابلة العمل في بدايات طريقه المهنية، عادة ما يصلها قبل استعداده بشكل مواتي للامر, والاعتقاد السائد حول التمييز ضدنا لكوننا عرب يزيد الامر سوءا من حيث التقييم الذاتي لذواتنا واستعدادنا لخوض التجربة مرة اخرى!" ويضيف عصام: "أنا لا أنكر ان فرصنا محدودة اكثر بكثير, الا ان علينا ادراك حقيقة ان دعوتنا لمقابلة عمل تعني بالضرورة ان الشركة المعنية قد تيقنت اننا قد نكون مناسبين لشغر الوظيفة, الامر الذي يتطلب منا الاستعداد والتخطيط لعرض ما لدينا من قدرات ومؤهلات بشكل مناسب". اما عن دور المشغلين يقول عصام: " اذا ارادوا التواصل الحقيقي والاعمق معنا, فيجدر بهم, باعتقادي, ان يستثمروا اكثر في فهم ثقافتنا واختلافاتنا ونقاط التلاقي فيما بيننا... أنا على يقين ان التعددية الثقافية لدى الشركات وتحديدا لدى الطواقم العاملة وبضمنها في المستويات الادارية يعزز من ادائها ويفتح امام الطرفين فرصا ما كانت لتتوفر بلا هذا النسيج الثقافي الخاص... زد على ذلك, قضية اخرى تميز الموظفين العرب, اقولها من تجربتي الشخصية, ان الأكاديمي العربي عموما يحافظ على استدامته في مكان عمله ويسعى للتقدم باطارة, اكثر من اقرانه من المجتمع اليهودي الذين تتوفر لهم فرص مهنية اكثر."

المساندة 

وعن دور المؤسسات الداعمة لتوظيف العرب في سوق العمل التي نشهدها في الاونة الاخيرة, وتحديدا مبادرة "كولكتيف امباكت" – الشراكة لتعزيز العمل في المجتمع العربي, يقول عصام: "اعتقد ان للجهود المبذولة في الاونة الاخيرة في هذا المضمار وبمقدمتها مبادرة "كولكتيف امباكت"، التي تعنى بتغيير و\او تعزيز الثقافة التنظيمية لدى الشركات باتجاه تدعيم توظيف العرب في قطاع الاعمال والتي اختار القيمين على الشركة التي اعمل بها اي "اوسم" الانضمام اليها في هذا المجهود المبارك, دور هام في تغيير الواقع باتجاه رفع نسبة العرب في قطاع الاعمال لا سيما في المناصب الادارية لدى الشركات عموما ولدينا تحديدا, حيث انها تعمل مع الكوادر الادارية لدينا في فهم التحديات التي تواجه المشغلين من جهة والمرشحين العرب من الجهة الاخرى والعمل على التغلب عليها كي نتوصل سويا الى النتائج المتوخاة, التي تصب في مصلحة كافة الاطراف."

يبدو ان السنوات القادمة تبدو جلية لعصام وان الخطط المستقبلية على المستويين القريب والبعيد باتت واضحة اكثر, حيث انه وبعد مرور 12 عاما من العمل الدؤوب قد تتوفر له امكانية ادارة احدى مصانع شركة اوسم وبذلك سيكون العربي الاول لشغر هكذا منصب. اما على المدى الابعد فيطمح عصام ان يطلق شركة استشاره قطرية في مجال الصناعة. وقبل ختام المقابلة يقول عصام: "لا بد لي من كلمة شكر لاكثر الناس تأثيرا على حياتي والذي لولاه لما نجحت في ايا من الخطوات التي دفعت بي الى الامام والذي بصدق تام اعتبره مثلي الاعلى بالحياة... اتحدث عن والدي, اطال الله بعمره, الذي طالما حثنا على العمل والاجتهاد والطموح والسعي نحو تحقيق احلامنا بلا هوادة".

كولكتيف امباكت

يشار الى ان شركة "اوسم" هي من بين الشركات الرائدة الشريكة في مبادرة "كولكتيف امباكت" – الشراكة لتعزيز العمل في المجتمع العربي, التي اقيمت عام 2013 وتعمل بانسجام مع عدة شركاء استراتيجيين من بينهم: كبار القادة في قطاع الاعمال والجمعيات الاهلية ومكتب رئيس الدولة والوزارات الحكومية ومنتدى الشباب العرب, سعيا منها الى رفع نسبة التوظيف في المجتمع العربي وضمان نوعيته في قطاع الاعمال, من منطلق الادراك بان الفجوات الكبيرة القائمة بين العرب واليهود في نسب البطالة وفي سوق العمل ومستوى الدخل تمس بالنمو الاقتصادي والمبادئ الديمقراطية في البلاد وتنتقص من التكافل والتضامن الاجتماعي. لذا تؤكد المبادرة على ان نقطة الانطلاق تكمن في المصلحة المهنية لقطاع الاعمال في توظيف افراد من المجتمع العربي, من خلال توفير خدمات على مدار ثلاث سنوات متواصلة للشركات الشريكة, يتم خلالها تحديد اهدافها بمجال توظيف العرب بموجب خطط عمل طويلة الامد, تهدف الى تغيير الثقافة التنظيمية او تعزيزها من خلال التعلم والتخصص الذي قد ياتي بالتغيير المتوخى. حاليا هناك 13 شركة شريكة في المبادرة من قطاعات مهنية مختلفة ومنها: الهايتك, الغذاء, الادوية, الخدمات المهنية والخدمات القانونية ومن كافة انحاء البلاد, كما ان 7 شركات اخرى ستنضم الى هذه المبادرة حتى نهاية العام 2017.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]