يتصدّر موضوع "اتفاقية التناوب" في القائمة المشتركة وعدم تطبيقها، عناوين وسائل الاعلام المحلية والقطرية في المجتمع العربي بالبلاد، لما يحمله من أهمية ولقربه من الناس والجمهور.

وحتى هذا اليوم لم يتم تنفيذ اتفاقية التناوب، الامر الذي يشكّك في مصداقية القائمة المشتركة ويقضّ مضاجع المصوّتين.

ويوجّه المواطنون، تساؤلات عدة للأحزاب وناشطيها حول عدم تطبيق الاتفاقية حتى الان.

أنطوان شلحت: عدم تطبيق التناوب يخيّب آمال الجمهور، ويفقده الثقة بالمشتركة والأحزاب


الكاتب انطوان شلحت قال بحديثه مع موقع بُكرا حول خطورة عدم تنفيذ الاتفاقية:"عدم تطبيق اتفاق التناوب من شأنه أن يصيب القائمة المشتركة في مقتل، أولًا بين مركباتها المُتعدّدة، وثانيًا في نظر ناخبيها والجمهور الفلسطيني عمومًا وفي الثقة الشعبية العارمة التي أُوليت لها. ببساطة لأن هذا يبثّ رسالة واحدة ووحيدة فحواها عدم الصدقية، وزعزعة الإيمان بالعمل السياسي الجمعيّ، وذلك في ظل أجواء عامة تعيب على هذه القائمة- من جملة أمور أخرى- أنها جاءت لتخدم مصالح ضيقة للأحزاب والحركات التي شكلتها تحت سطوة أوضاع خارجية فُرضت عليها فرضًا، في حين أن معظم الجمهور العريض رأى أن تشكيلها دشّن مرحلة جديدة في العمل السياسي والحزبي الفلسطيني في الداخل سيكون الحكم عليها مرهونًا بالنتائج اللاحقة. وعلينا ألا ننسى أيضًا أن الدوائر الصهيونية في الحكم والمعارضة وحفنة العرب التي تخدمها تتربّص بهذه القائمة صباح مساء. وعليه فإن تطبيق الاتفاق سيكون بمثابة تفويت لكل هذه التربصّات. ويتعيّن عليّ أن أشير إلى أن جميع أطراف القائمة المشتركة تبدو واعية لكل هذه الأمور، وبالتالي فإن عدم تطبيق الاتفاق سيكون بمثابة إصرار من جانب الذي يضع العقبات على التغافل عنها".

وعن الإجراءات التي يجب اتخاذها، يقول:" من السابق لأوانه الحديث عن إجراءات يجب اتخاذها، بمعنى احتجاجات وخلافها. فالموضوع لم يصل على حدّ علمي إلى نقطة اللاعودة. وعليه يجب الحديث أكثر عن الجهود التي ينبغي بذلها. وهي جهود معوّلة لا على لجنة الوفاق فقط بل أيضًا على سائر مؤسسات شعبنا وفي مقدمها لجنة المتابعة التي يُفترض أنها تعمل لصالح جماهيرنا كافة. وهنا المكان لتوكيد أن أداء لجنة المتابعة تحسّن بفضل قيام القائمة المُشتركة. أمّا في حال الفشل، لا سمح الله، فلا أحد يمكنه أن يتحكّم بالإجراءات اللاحقة والتي ستصدر من القاعدة، وأتوقع أن تكون بحجم خيبة الأمل من اغتيال الحلم الذي لوّحت به عملية تشكيل القائمة".

وعن امكانية التأثير على مستقبل المشتركة، يقول:" لا شك في أن مستقبل القائمة المُشتركة سيتأثر بكيفية ما من كل الإشكالية التي حفّت باتفاق التناوب، بصرف النظر عما ستؤول إليه. لكن سيبقى ثمة فارق بين تأثير مترتب على عدم تطبيق الاتفاق وبين تأثير ناجم عما برز من خلافات لكن جرى التوصل إلى حلول لها. هناك مثل عربي يقول إن الضربة التي لا تميتك تقويك، وفي حال حل إشكالية التناوب فإن ضربة الخلافات ستقوّي القائمة. وأصلًا مطلوب من القائمة أن تكون بينها "خلافات" وهي في الجوهر اجتهادات لا استغناء عنها لأن كل مركّب فيها يحمل هويته المخصوصة ولا يُفترض أن يتنازل عنها".

عوض عبد الفتاح: على قيادة الجبهة والعربيه للتغيير الإعلان فورا عن تسليم استقالات النائبين ابو معروف و السعدي 

الرئيس السابق والامين العام السابق لحزب التجمّع الوطني الديمقراطي - عوض عبد الفتاح، قال بحديثه مع موقع بُكرا:"لا يجوز تخيل الإخلال باتفاق التناوب ، اولا : لان هذا سيعني سقوطا اخلاقيا ، وانهيارا سياسيا ، لتجربة مميزه في تاريخ العمل السياسي والوطني لهذا الجزء من شعبنا الفلسطيني الذي عرف كيف يحول خصوصية واقعة الى رافعه لنهضته وثباته في وطنه بل ليكون شاهدا حيا وفاعلا على افرازات النكبة الفلسطينية الكبرى التي كنّا ومازلنا ، نحن وأقربائنا اللاجئين اول ضحاياها ، ضحايا مشروع استعماري اقتلاعي، عدم تنفيذ الاتفاق سيشكل ضربة وصفعة ، ليس لحزب التجمع او الحركة الأسلامية ، اللذان من المفروض ان يحصلا على مقعديهما ، الرابع ، بل الى كل الناس الذين تحقق مطلبهم في اقامة وحدة انتخابية ضد الاجماع الصهيوني ، وقد شعر هؤلاء الناس آنذاك انهم انتصروا على أفيغدور ليبرمان الترانسفيري ، الذي كان المبادر لرفع نسبة الحسم. لانه لا يريد عربا في الكنيسيت ، والذي يعني لا يريد عربا في البلاد ( وفق خطة الترانسفير الذي يتبناها والذي بات اليوم رئيسه نتانياهو يعلن على الملأ تبنيها ). يجب الاشاره الى بعض الناس الذين لم يصوتوا في حياتهم ، اما لأسباب عمليه ، او لأسباب ايدلوجيه ، قرروا التصويت لأول مره فقط لأنهم احبوا فكرة الوحدة ، فكرة ان نكون اقوياء ولو عبر قائمة انتخابية . فهل لأي عاقل ان تسوِّغ له نفسه بصفع هؤلاء الناس ، ابناء شعبنا الذي يرزقون تحت عبئ ثقيل من القهر والتمييز والقمع والنهب .
ايضا أقول انه من الصعب تخيل عدم تنفيذ الاتفاق ، لانه هل يعقل ان لا نتعظ من التجارب الماضية المتمثلة في عدم تنفيذ الاتفاقات ، وما نتج عنها من أضرار جسيمة اخلاقيا وسياسيا واجتماعيا".

وعن اذا كان عدم تطبيق الاتفاقية يؤثر على مستقبل المشتركة، يقول:"لقد بات واضحا ماذا سيكون عليه وضع المشتركه فيما لو ، سمح الله ، لم يتم تنفيذ الاتفاق . حتى مجرد النقاش في امر بديهي ، والتشكيك في صحة الاتفاق ، والمحاولات السافرة والفاضحة ، بل أقول الصبيانية ، في التحايل على تنفيذ الاتفاق ، الحق ضررا سياسيا ومعنويا بالغا في اوساط الناس . هناك قضايا خلافية مهمة وجوهرية تقف امام المشتركة ، كنا نحتاج الى المزيد من التعاون لحلها ، والتقدم والارتقاء بأداء المشتركة ، وبأهدافها المرحلة والاستراتيجية . يجب الانتباه الى ان الضرر لن يكون موضعيا فحسب ، ولن تكون اثارة الوخيمة مقتصرة على المشتركة بل ستمتد الى اعلى واهم هيئة عربية تمثيلية ، الا وهي لجنة المتابعه . ليست المسألة مسألة مقاعد ، بل هي مسألة تتصل بأخلاقية العمل السيايسي ، ومصداقية الفاعلين الذين باعوا للناس وعودا يبدو انه يسهل عليهم التنصل منها عبر المراوغة والتشاطر والفهلوة . وهذا في الحقيقه استهتار بعقول الناس والاستخفاف بمشاعرهم وبطموحاتهم . وتشعر احيانا ان هؤلاء المراوغين يتخيلون انهم يصارعون خصما اسرائيليا ، وليس حليفا لهم او حلفاء لهم في مواجهة الاجماع الصهيوني المعادي لوجودنا ولحقوقنا".

وأكمل حديثه قائلا:" اولا على قيادة الجبهة والعربيه للتغيير الإعلان فورا عن تسليم استقالات النائبين ابو معروف و السعدي الى الكنيست ، وليس الى لجنة الوفاق ، وان يتلو ذلك استقالة يوسف العطاونة ووائل يونس ، حتى يدخل سعيد الخرومي عن الأسلاميه ونيفين ابو رحمون عن التجمع ، وهكذا يتحقق آتفاق توزيع المقاعد المتفق عليه . ان الإسراع في تنفيذ الاستقالات يضع حدا للضرر الأخذ بالازدياد ، ويفتح الباب مجددا للبدء في فصل جديد من التعاون والثقة ، الداخلية ( اي داخل المشتركة ) والشعبية ، والبدء في التفكير الاستراتيجي لمستقبل العمل المشترك .ينتظر من لجنة الوفاق ان تقول موقفها الصريح والواضح والحازم ، ووضع الأطراف التي تتهرب من تنفيذ الاتفاق ، امام مسؤولياتها . وان توضح لهؤلاء ان هذا لعبا بالنار وهم وحدهم سيتحملون نتائج سلوكهم .يستطيع كل من دعم المشتركه ، من مثقفين وأكاديميين وشخصيات اجتماعيه وتربويه ، ان يرفع صوته عاليا مطالبا ومناشدا ، لتطبيق الاتفاق ، ومسميا الأطراف التي تماطل وراوغ . وقد عبر العديد حتى الان من هذه الشخصيات الأكاديمية عن موقفهم الواضح ، مثل الصحفي وديع عواوده ، والدكتور رائف زريق ، والمحامي على حيدر ، واخرون كثر ، وينتظر ان تصدر علنا مواقف المنادين بالحفاظ على المصلحة المشتركة".

وأردف:" اعتقد ، في ظل هذه المشكلة الداخلية ، والاهم في ظل ما نتعرض له من مخاطر جسيمة جديدة ، من نهب وقمع وحظر وملاحقة حركات واحزاب سياسية وتهديد قادتها بالقتل او الطرد ( الشيخ رائد مثلا ) ، نحتاج الى حوار داخلي جدي وعميق ، بهدف تنفيذ استراتيجيات عمل وُضع بعضها ، ويُناقش بعضها الاخر في عدد من الاطر والدوائر الفاعله بين فلسطينيي الداخل . نحن نحتاج الى منظومة اخلاقيه تضبط سلوكنا المشترك ، وترسخ عقدا اجتماعيا متطورا يسمح لنا ببناء مجتمعا ناهضا ومتقدما في كل المجالات وقادرا على صد كل المخططات الصهيونيه ضده ".

وعن الخطوات التي سيتّخذها التجمع، يقول بحديثه لـبكرا:"اما بخصوص ماذا سيفعل حزب التجمع ، ازاء هذه المشكلة ، فأقول ، ان التمثيل في الكنيست ليس هو الأساس ، فهذا الخيار ليس خيارا دينيا ، وقابل لاعادة النظر به ، وانا احد الناس الذين بدأوا منذ سنوات يعتقدون ان التمثيل في الكنيست بدأ يفقد معناه ، خاصة وأننا كنا نحاول عبثا اعادة بناء لجنة المتابعه ، وقد رأينا اكثر من مره كيف ان الانشغال المبالغ فيه في الكنيست يحّد من الجهود لاعادة بناء مرجعية وطنيه منتخبه وذات أسنان وقد كانت الأصوات تتصاعد ضد هذا الخيار والذي عدل الموقف هو ان معطىً جديدا حصل وهو رفع نسبة الحسم والفرصة التي وفرها هذا القرار العنصري لبناء قوة عربيه موحده لاول مره في تاريخ هذا الجزء من شعبنا الفلسطيني خاصة وان قوى مثل الجبهه كانت معارضة تاريخيا لفكرة قائمه مشتركه وراينا ان هذه الفرصة تُعطي معنىً جديدا لخوض الانتخابات ولكن اذا كانت هذه الفرصة سيبددها البعض بسبب الطمع في كرسيًّ او رغبة في أضعاف حلفاء لهم فماذا تبقى من معنى لهذه التجربة حين سنضطر الى مواجهة الاجماع الصهيوني منفردين".

وانهى كلامه قائلا:" موقفنا هو انه في حالة اصرار الاخرين على المخاطرة بمستقبل المشتركة فان التجمع واعتقد الأسلامية ايضا ومعهما اوساط واسعة من شعبنا ستجعلهم يدفعون الثمن ، شعبيا ، وستتغير قواعد اللعبة كليا . ان التحدي الأكبر لفلسطينيي الداخل هو النهوض بمرجعية وطنية عليا منتخبة من الناس مباشرة ، وبناء مؤسسات قوية ، وبناء استراتيجية نضال شعبي يتصف بالديمومه والتأثير التراكمي".

سليم سلامة: التعويل على وعي الناس وقدرتهم على استخلاص العبر
الكاتب والصحافي  - سليم سلامة، قال بحديثه مع موقع بُكرا:" لم تكن لديّ أية أوهام بالنسبة لـ "القائمة المشتركة" ولم أعلق عليها أية آمال، لقناعتي السياسية الراسخة بأن "التمثيل البرلماني" للعرب المواطنين في إسرائيل يعود عليهم، في الحساب الأخير، بأضرار جسيمة جداً على مستويات عديدة ومختلفة. وهذا ما تؤكده، أيضا، تجربة سنتين من "نضال" القائمة المشتركة في الكنيست! كما لم تنطلِ عليّ ـ أبداً ـ شعارات "الوحدة" و"إرادة الشعب"، لأننا نعرف تماماً الأسباب الحقيقية والظروف الموضوعية التي قادت إلى هذا التحالف الانتخابي وإلى هذا الترتيب الكرائسي".

وتابع:" وما نراه اليوم من مماطلة وتسويف في تنفيذ اتفاقية "احتفالية" وقـّع عليها حشد من الشخصيات (أعضاء "لجنة الوفاق" ورؤساء الأحزاب المتشاركة)، يعيدنا إلى فترات ما قبل تأسيس هذه القائمة الانتخابية من منازعات حزبية ومناكفات، بل معارك كلامية تتخطى كثيراً من الحدود، السياسية ـ الوطنية والاجتماعية والأخلاقية. لكنّه، فوق ذلك، يثبت أن ما تم تسويقه للناس آنذاك عن هذه القائمة بأنها تعبير عن حالة "الوحدة الوطنية" وتجسيد لـ"إرادة الشعب" لم يكن سوى ذر للرماد في العيون، بأقل تعبير. ولو كان هذا صحيحا فعلاً، لما حوّلوا "اتفاقية التناوب" على الكراسي إلى أزمة حادة قد تعصف بالقائمة المشتركة كلها وقد تشرذمها، بما يتناقض مع، بل يدوس، "إرادة الشعب" التي يتغنّون بها. أما الحقيقة، فهي أن هذه القائمة كانت مخرجا جيداً لجميع الأحزاب كي تتجنب نتائج المأزق الذي وضعها فيه قرار رفع نسبة الحسم وتداعياته. وهي، في المحصلة، التقاء وتحالف مصالح الأحزاب وقادتها في التمثيل البرلماني (المصالح السياسية والمادية النفيسة)، لا مصالح عامة الناس وإرادتها، وإنْ كان قد حصل التقاء عينيّ وظرفيّ بينها.

لكنّ الضرر الأكبر والأعمق الذي يسببه هذا "النقاش" الدائر هذه الأيام حول تنفيذ "اتفاقية التناوب"، لا بل دعوة البعض العلنية والصريحة إلى عدم تنفيذ الاتفاقية، هو الضرر الفادح الذي يطال ليس فقط أخلاقيات العمل السياسي والاجتماعي الجماهيريين عامة بين المواطنين العرب في هذه البلاد، بل منظومات القيم والأخلاق الفردية والجماعية أيضا. ففيها تكريس وقح وترسيخ فظ لأخلاقيات النكث بالوعود وخرق العهود، يُضاف إليها ما أوصلتنا إليه "المشتركة" ـ استمراراً وانعكاساً لأزمة العمل السياسي وهيئاته، الحزبية والتمثيلية: أن لا يري أصحاب تلك الدعوات أية غضاضة أو حرج في إطلاقها، بمنتهى الصلف والوقاحة والتنكر لما أسموه "إرادة الشعب"، دونما رادع أو وازع".

واختتم كلامه قائلا:" وما أعوّل عليه، في هذه الأجواء المسمومة، هو وعي الناس وقدرتهم الطبيعية والحيوية على استخلاص العبر الصحيحة والدروس المناسبة، ليس بشأن موقفهم من "القائمة المشتركة" وممارستهم الانتخابية المستقبلية فقط، بل بشأن مجمل العمل السياسي والتمثيلي بين العرب في هذه البلاد وضرورة إجراء إصلاحات عميقة جدا فيه، تشمل أحزابه وهيئاته المختلفة".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]