لا يخفى على احد ان علاقات الشرطة مع المجتمع العربي مرت في أزمات كبيرة جدا، دفع المجتمع العربي ثمنا باهظا جدا، كان أقصى واكبر ثمن تم دفعه منذ قيام دولة إسرائيل، يوم الارض في العام 1976 ومواجهات اكتوبر من العام 2000.

اليوم بعد مرور سنوات عديدة، بلا شك فان قيادة الشرطة، والقيادة السياسية وصلت الى قناعة كما ان المجتمع العربي بلا استثناء تقريبا وصل الى قناعة، ان استمرار أوضاع الأمن والأمان على الصعيد الشخصي والمجتمعي، هي عمليا استمرار لكارثة مستمرة.

بالرغم من ان حكومات إسرائيل المتعاقبة، ومنذ قيام دولة إسرائيل، لم تولي أهمية لقضية الأمن الشخصي والأمان في المجتمع العربي، خاصة وان تركيبة المجتمع العربي كانت في السابق حمائيلية وعشائيرية أكثر مما هي اليوم، وكانت لجان الصلح لها ثقلها ووطئتها وكانت تلك اللجان تسمح لنفسها التدخل في الكثير من الخلافات والشؤون الداخلية، والكثير من الخلافات كانت تفض باتفاقيات وفقا للقانون العشائري، لكن الأمور كلها اختلفت في الثلاثين عاما الأخيرة، واليوم نحن ربما نرى نتائج هذه الاختلافات والتغيرات، فالضوابط التي كانت في المجتمع العربي حتى سنوات التسعينات انعدمت تقريبا، وكل شخص أصبح ينصاع لما يفكر به لا غير، وبالتالي اصبح تأثير الوجهاء وكبار السن، تأثيرا هشا وربما هامشيا جدا، فلم يعد يسيطر الأب على أبناءه ولا زعيم العائلة على عائلته، ومن هنا أصبح وكان هنا "سباق تسلح" وكل من يريد ان يحمل السلاح غير المرخص، ليلوح بشيء ما لتخويف غيره، وما هذه الا عادة سيئة ومقيتة وربما هي الأساس لوجود العنف في المجتمع العربي، وتطور عصابات الإجرام وكثرة الجرائم.

منذ أكثر من عشر سنوات، بدأت شرطة إسرائيل بالتخطيط لزيادة وجود الشرطة، حيث بدأ الأمر في"الشرطة الجماهيرية" وهو مشروع غير مفصول عن الشرطة لكنه اتسم بوجود شرطي او اثنين في كل قرية يحاول كل منهما حل المشاكل وفض الخلافات قبل ان يتم تحويلها الى علاج الشرطة، ولعبت الشرطة الجماهيرية دورا كدور "وجاء الصلح" اكثر مما هم رجال شرطة وتطبيق قانون، من هنا فان النظرة اليهم داخل القرى العربية نظرة تختلف عن رجال الشرطة.

لكن خلال السنوات الاخيرة، بدأت الشرطة وكجزء من صراخ المجتمع العربي بالتفكير في حلول أخرى، وتم إقرار بناء أكثر من عشرة مراكز شرطة في قرى ومدن عربية، هي بالأساس تلك البلدات التي تكثر فيها ظواهر العنف والتجارة بالأسلحة وفرض الخاوة والكثير من مظاهر الإجرامالمحلي المنظم، إلا أن مخطط الشرطة وبسبب الكثير من الإحداث الدامية، قوبل بالرفض، بالأساس لدى المنتمين سياسيا الذين حاولوا ويحاولوا فرض رأيهم على رؤساء السلطات المحلية العربية، والنتيجة بدأت واضحة ان رئيس السلطة المحلية عندما يجلس مع الشرطة يقول انا ادعم قيام مركز شرطة في بلدي، لكنه في تصريحاته الإعلامية يعلن انه ضد إقامة مركز شرطة، علما ان شرطة إسرائيل ووزارة الأمن الداخلي ليسوا بحاجة لاي موافقة من إي جهة كانت، لا من سلطة محلية ولا من لجنة قطرية ولا من لجنة المتابعة.

رغم كل ما قد يكون صحيح عن تصرفات وأخطاء كانت لشرطة إسرائيل، إلا انه يبقى السؤال المركزي والأول والأخير، هل نريد ان نعيش في بلداتنا العربية دون قانون ودون اي جهة تحمي من هو ضعيف وتطبق القانون وتفرض سلطة القانون على القوي والضعيف؟ فان كان رؤساء السلطات المحلية العربية يريدون فعلا التغير عليهم الإعلان وعلى الملأ أنهم مع إقامة مراكز شرطة في كل القرى والمدن العربية وإدخال كل وحدات الشرطة للبلدات العربية، وإدخال شباب عرب لسلك الشرطة، ليبدأ التغير ولو بامور بسيطة ومتواضعة في البداية، وكي لا يستمر مجتمعنا بالانزلاق نحو الهاوية وكي لا يستمر قتل عشرات الشباب بالسلاح غير المرخص وكل لا يستمر الضعيف بدفع الخاوة لمن هم أصحاب القوة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]